الدمام,الرياض, جازان – بيان آل دخيل, فيصل البيشي, معاذ قاسم الحجيلان: الصالونات الأدبية خارج دائرة «وزارة الثقافة والإعلام» وحريتها بيدها الذروي: الديوانيات الخاصة امتداد للأندية في العصرين العباسي والأموي الشايب: أصبحت من الركائز الأساسية للحراك الثقافي.. وتناقش قضايا في غاية الأهمية يلاحظ المتابعون للمشهد الثقافي في المملكة اتجاه العديد من الأدباء والمثقفين نحو إنشاء ديوانيات ثقافية خاصة في رسالة ضمنية للأندية الأدبية تقول: «إن الثقافة والأدب ليست حكرا على زمان ومكان معيّن ما دام في الأرض سعة»، ويتساءل العديد من المثقفين عن سر غياب الأندية الأدبية الذي جعل أبوابها موصدة بعد أن كانت مشرعة أمام الجميع. ولا تكاد تخلو مدينة من الصالونات الثقافية، حيث يجتمع فيها المثقفون والمهتمون بشكل دوري، باختلاف توجهاتهم الفكرية والعلمية والثقافية والمجتمعية، لكن الصالونات تعاني من كون أصحابها هم الداعمين الأساسيين لها، بالإضافة إلى كونها «شبه نخبوية» . وعلى الرغم من الفجوة الواسعة بين المثقفين والأندية الأدبية إلا أن وزارة الثقافة والإعلام أصدرت في الآونة الأخيرة قرارات وشروطا للراغبين في الانضمام للجمعيات العمومية للأندية الأدبية، ما أعدّها الكثير من المثقفين خطوة لفقدانها زخم الماضي والحركة الثقافية والأدبية. واستغرب بعض الأدباء من التوجه «الأكاديمي» كما وصفوه داعين وزارة الثقافة للاكتفاء بمسمى «وزارة الإعلام « وحذف كلمة «الثقافة». سحب البساط يقول علي الكاملي صاحب ديوانية «الكاملي»، «إن سبب نزوح المثقفين هو القوانين الرسمية التي تدار بها الأندية الأدبية، وشروط الانضمام للجمعية العمومية التي تطبق بطريقة صارمة، إذ تعد من الأسباب التي أدت إلى تسريع عملية التسرّب الأدبي من الأندية الأدبية، لأن عملية الإبداع الأدبي لا تحتاج لسن قوانين و القيود تكبح العملية الإبداعية وقد تقتلها في كثير من الأحيان.» وأضاف «أرى أن الصالونات الخاصة ستسحب البساط من تحت الأندية الأدبية، وقد شعرت برغبة الكثير من المثقفين والأدباء لحضور فعاليات صالوني حتى من خارج حدود المنطقة، كما أن قلة الفعاليات الثقافية، وضعف الإنتاج الأدبي، وعدم مواكبة الأندية للحراك الثقافي، وتجاهلها لشريحة المثقفين الشباب على وجه الخصوص، كانت القشّة التي قصمت ظهرها وأدت بالمثقفين للنزوح منها إلى أجواء أكثر حرية وإبداعا. جلسات منظمة ويرى إبراهيم الذروي صاحب ديوانية «الذروي» أن ظاهرة الديوانيات الثقافية الخاصة امتداد للأندية في العصور المتقدمة كالعصر العباسي والأموي، وأنها جلسات منظمة يرتشف فيها الحاضرون الأدب، وتطربهم نغماته، وغالباً أن الذين ينشئونها هم من الأدباء أو محبي الأدب والثقافة، ويدعون لها المهتمين بذلك. و يضيف الذروي»إن هذه الصالونات ترعى أصحاب المواهب وتعطي المجال للأدباء ليخرجوا ما في مكنوناتهم من إبداعات، وهي مدرسة تخرج المبدعين إلى المجتمع، وأنها خدمة وطنية لأبناء الوطن، ومن خلال تجربتي في الديوانية أرى أن الإقبال عليها أكثر من الأندية الأدبية لأنها تفتح المجال لكل أبناء المجتمع .» حراك ثقافي فؤاد نصر الله وأفاد صاحب «منتدى الثلاثاء الثقافي»، جعفر الشايب، أن المنتديات الثقافية أصبحت من الركائز الأساسية للحراك الثقافي، مشيراً إلى أن فعالياتها تحتضن أبرز الشخصيات الثقافية. مشيداً بالتفاعل الشعبي، ومؤكداً مناقشتها لقضايا «في غاية الأهمية». ولخص الشايب المعوقات التي تواجه الصالونات والمنتديات الثقافية قائلاً «عدم وجود أي تنسيق بينها في الموضوعات والضيوف والتوقيت، يجعلها في بعض الأحيان تكرر نفسها، وعدم وجود منتديات متخصصة يجعلها لا تحافظ على حيوية جمهورها وانتظامه فيها، أما أكبر العوائق التي تواجهها هي «الجانب المادي». ويرجع نصر الله عدم وجود إحصائيات حول أعداد الصالونات والمنتديات الثقافية إلى أنه ليست هنالك مؤسسة رسمية تحتضنها، وجميع الناس يحاولون خوض هذا الغمار، مشيراً إلى وجود أناس استطاعوا الصمود والاستمرار، وآخرين لايزالون في محاولة الصعود والارتقاء. ويرى نصر الله أن تكرار الموضوعات والأفكار عائق أمام تقدمها «تجد أحياناً الأشخاص أنفسهم في الأماكن نفسها». واعتبر هذا أشبه بركود، وإن استمر النشاط بغير تعدد وجوه تبث المعرفة للناس». وقال «ينبغي أن يكون المتلقي ناشئاً، ويجب أن تتنوع الموضوعات، وألا يتكرر الحضور، لتصل رسالة المنتدى لأكبر عدد من أفراد المجتمع». مشيراً إلى أن حضور الشخصيات الكبيرة أمر «بروتوكولي»، لكنه لا يضيف لهم شيئاً، وإحداث التغيير يجب أن يستهدف الجيل الجديد. قضايا المجتمع وشجع نجيب الزامل صاحب منتدى «أمطار» و»الزامل» الثقافيين، أصحاب الصالونات والمجالس أن يناقشوا، ويسعوا إلى حل مشكلات الأمة، بشرط أن تكون المناقشة سليمة، وليست «بائسة»، معتبراً أن الانتقاد من أجل الانتقاد أمر خاطئ»، فغاية النقد هي الإصلاح، وهذا هو الأمر الصحيح. معتبراً أن أكثر الناس نقداً أقلهم عملاً، وأكثر الناس خطأ أكثرهم عملاً». وأكد الزامل «نريد للمجالس أن تكون بناءة ومشجعة ومتبنية»، بحيث تتبنى قضايا المجتمع المهمة، مشيراً إلى أن أغلب الأمور والمبادرات الطيبة التي حدثت كانت وليدة هذه المجالس. ونفى الزامل، وجود مشكلات مع الرقيب، بقوله» نحن نضخم الرقيب، لكن الزامل نفسه أكد «هنالك رقابة حكومية، لكننا يجب ألا نخاف أكثر من اللازم، ولا أقل من ذلك». مادة علمية وأوضح نائب رئيس مجلس أدبي الأحساء وعضو المجلس البلدي د.خالد الجريان أنه زامَل الشيخ أحمد المبارك في أحديته المشهورة لسنوات حتى وفاته، وكان الشيخ أحمد حريصاً على المادة العلمية التي تطرح في مجلسه، بحيث لا تخرج عن إطار المستوى المطلوب منها، وقد كان على قدر كبير من العلم والثقافة، فلم يصادر رأي أحد، بل كان موجهاً ومعلماً. عنف ثقافي ويرى فؤاد نصر الله، وهو راعي «منتدى حوار الحضارات» أن المنتديات مكملة للبعد الثقافي، إلى جانب الأندية الأدبية، وجمعيات الثقافة، والجهات المختلفة التي تعمل في صناعتها، كالجامعات والمدارس.، مؤكداً أن الجانب الرقابي قد يحد من تنفس هذه المنتديات، وأضاف نصر الله «أن طبيعة المجتمع الثقافية تسمح بواقع أفضل وليس عندنا عنف ثقافي، ولا ردود فعل فكرية وعنيفة ضد المنتديات»، ملخصاً المشكلة في كون المنتديات غير مرخصة، ومؤكداً سماح الدولة بها وأنها تقر بها وتحترم نشاطها، معتبراً أن الوضع «مقبول إلى حد ما، ويجب ألا يغيب عن الذهن، أننا في عالم نامٍ، ودول العالم النامية دائماً ما تواجه المحظورات». فتح التراخيص وطالب نصر الله وزارة الإعلام بفتح مجال الترخيص، دون تشدد ، وقال «إعطاء التصاريح سيفيدنا في الجانب الإعلامي، فهنالك مشكلة مع الإعلام أحياناً، كونهم يكتبون «منتداكم غير مرخص»، معتبراً مستقبل الصالونات الثقافية مشرقاً، وأكد على أن الأهم ألا تعيق الدولة حركتها، وأعتقد أن كثيرين يتفقون معي، خصوصاً من المثقفين ورواد المنتديات». ويشير نصر الله إلى كون المنتديات «متنفساً رئيساً للأديب والشاعر، ويستطيع أن يقول في المنتدى الأهلي ما لا يستطيع أن يقوله في المؤسسة الرسمية». ولم يحدد نصر الله أي تصور عن واقع المنتديات الحالي، حيث يوضح: «واقعها متباين بين منتدى وآخر، وهي تتصاعد وتخف وفقاً للظروف الراهنة، سواء الثقافية، أو الاجتماعية، أو الأمنية». رسالة ثقافية يؤكد إبراهيم الذروي صاحب ديوانية «الذروي» أن الصالونات الخاصة التي تُقام في المنازل لا تحتاج إلى إجراءات قانونية ، لكنه مع ذلك يحترم ويلتزم بشروط وأحكام وزارة الثقافة، ولا يفتح المجال إلا للموثوق في عقيدتهم وفكرهم ووطنيتهم وانتمائهم الخالص لولاة أمرهم. فالديوانيات كما يقول الذروي منبر أدبي ورسالة ثقافية تربط المواطن بولاة أمره ووطنه. رجوع للوراء ويرى المسؤول عن ملتقى «معتوق شلبي» فهد شلبي، أن مثل هذه الدعوى هي رجوع للوراء، وتخلف يراد منه أن يتم تقييد حراك هذه الصالونات. مضيفا أن:» هذه الديوانيات لو دخلت تحت الرقابة الرسمية، ستذوب وسينتهي الإبداع، ولا يمكن للإبداع أن يبرز تحت الهيمنة، كما أن الأجهزة الرسمية لا تستطيع القيام بالرقابة على عليها لكثرتها، وأنها خاضعة الآن لدائرة المجتمع التي تراقبها، كما أنها اختبار حقيقي للمثقفين، حيث أن الكثير من المثقفين يهرب منها، ولا يستطيعون التحدث فيها ». دعم الأندية و يشير فهد شلبي إلى أن جميع أصحاب الصالونات الثقافية سبق وأن رفضوا جميعا -ما عدا حمد الماضي-، فكرة مشروع دعم الأندية ماديا، الذي من خلاله يتم التدخل فيها، ذلك خلال أحد ملتقيات الحوار الوطني الذي دعيت إليه الصالونات. مساحة حرة محمد المشوح و أوضح صاحب ثلاثية «المشوح « محمد المشوح، أنه لا انفكاك من سلطة ومظلة الوزارة، ورغم ذلك الصالونات الثقافية تملك نفسا واسعا ومساحة حرة، تتحرك من خلالها وتخوض في موضوعات كثيرة ومتنوعة. ويؤكد قائلاً:» أن جرها إلى الرسمية سيحبط الكثيرين من روادها، ويجهض دورها في المجتمع، وأن المناخ الحر أهم ما يميزها عن المجالس الأخرى». وأضاف :»ينبغي أن يكون هناك انضباط، لا تخرج من خلاله عن إطار المشهد الثقافي السعودي». تسجيل الملتقيات راشد المبارك ويقول صاحب صالون «المبارك» الدكتور راشد المبارك، إلى أنه على مدى 32 عاما وهو عمر الديوانية، تم الحديث في أمور كثيرة، ولم نجد أي اعتراض أو مساءلة، كما أن وزارة الثقافة والإعلام تقوم بتسجيل الملتقيات الأسبوعية ويتم بثها عبر التلفزيون السعودي. وقال:»مثل هذه الندوات والملتقيات الثقافية، لا تحتاج إلى فرض وصاية عليها وأن الأفكار التي لا تنفع لا تضر»، مؤكداً أن العديد من العلوم السياسية والفلسفية كانت الندوات هي السباقة في مناقشتها، ولم يتم التطرق لها في الجامعات والمعاهد في المملكة العربية السعودية . وعي وإدراك عبد الله الراشد ولا يرى منسق ومدير أحدية «الرشيد «ومنتدى» الماجد «وثلاثية الأمير «أحمد السديري» عبد الله الراشد، أن هذه الصالونات بحاجة إلى رقابة ،لأن أصحابها على قدر من الوعي والإدراك، وهم لا يسمحون بالآراء المخالفة، وأن هذا لا يمنع من الزيارة والاطلاع من قبل المؤسسات الرسمية. وأضاف:»يوجد في الرياض أكثر من ثلاثين منتدى وديوانية، تقام بشكل شهري وأسبوعي، وأن المشرفين والقائمين عليها هم من المثقفين والمفكرين، أهل ثقة دائما، كما يزورها العديد من المسؤولين والوزراء والأمراء والشخصيات المهمة، ويستشهد بهم على الثقة التي يحظون بها». فكر سليم ويؤكد صاحب ثلاثية «السديري» الأمير أحمد السديري، أن المجالس الحوارية والمنابر التي يعبر من خلالها المثقف والمواطن، لا تحتاج إلى متابعة ورقابة، فهي تتم في إطار واضح ومعلن للصحافة والإعلام ومواقع الأنترنت، وتصب في مصلحة الوطن وتنميته، وأضاف «إن القائمين عليها نجحوا خلال السنوات الماضية، في السير بها نحو الاتجاه الوسطي، وأصحاب هؤلاء الصالونات هم ثقات وحريصون على إبداء الفكر السليم والصحيح، الذي رآه ولاة الأمر وهذه الدولة المباركة ». مستوى الحريات يوسف الحسن وأشار المنسق الإعلامي لمنتدى «بوخمسين» في الأحساء يوسف الحسن إلى أن مستوى الحريات الذي تتمتع به الصالونات في الأحساء كبير جداً، فبرامجها وأنشطتها لا تحتاج قبل تنفيذها على أي جهة، ولكنه اعتبر أن الرقيب عليها هو ذاتي ونابع من احترام الذوق العام، والالتزام بعدم المساس بالثوابت والتقاليد الدينية، أو مخالفة الأنظمة المعروفة. خارج الدائرة ناصر الحجيلان و أكد وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان أن الصالونات الأدبية على مستوى المملكة هي خارج دائرة الوزارة، لذا فإن حرياتها بيدها وليس للوزارة أي تدخل في شؤونها، بل متروك متابعتها لإمارات المناطق والمحافظات، ونفى الدكتور الحجيلان سعي وزارته لضم هذه الصالونات لها أو تحت مظلتها، وأن الوزارة تدعمها فقط. وقال الحجيلان إن دعم وزارة الثقافة للصالونات يتمثل في نقل فعالياتها عبر القناة الثقافية، وحضور مناسباتهم وغير ذلك.