يعيش العالم تحت سلطة الإعلام بكافة وسائطه، ولا مفر من أن تكون صيدا ثمينا لواحدة من تلك الوسائط. ولكن ما يهم هو كيف تستطيع تمييز آلاف الرسائل الإعلامية التي تملأ الفضاء؟ وكيف يكون لك القدرة على التمحيص والرؤية الناقدة لكل ما يعرض عليك؟. يورد فرانك بيكر صاحب كتاب (الثقافة الإعلامية في سنوات المدرسة من الروضة إلى الصف الثاني عشر)، قول صانع الأفلام جورج لوكاس الذي وجهه للمربين، «إذا لم يعلم الطلبة لغة الصوت والصور ألا ينبغي اعتبارهم أميين تماما، كما سنعتبرهم لو تركوا الكلية دون أن يتمكنوا من القراءة والكتابة»، وهذا قول في غاية الأهمية، إذ أن للصورة والصوت لغة ينبغي فهمها وتفكيك رموزها ومقاصدها، فهو يوجه المربين إلى تعليم الطلاب لغة الأفلام، فخلف كل فيلم أو صورة مقصد ومعنى. وحتى نصل بالطلبة إلى الفهم المطلوب، فلابد من تعليمهم الثقافة الإعلامية، والتي عرفها فرانك بيكر بقوله : «هي القدرة على فهم كيفية عمل الإعلام، وكيف يوصل المعنى، كما تتضمن هذه الثقافة التفكير الناقد بآلاف الرسائل الإعلامية التي نمطر بها يوميا»، ولكنه يزعم أن أفضل التعريفات للثقافة الإعلامية -على حد قوله، صادرة عن وزارة التربية الكندية، إذا يقول التعريف: «تهتم الثقافة الإعلامية بمساعدة الطلبة على تطوير فهم مستنير وناقد لطبيعة وسائط الإعلام الجماهيرية، والتقنيات التي تستخدمها، وتأثير هذه التقنيات. وبعبارة أكثر تحديدا، فإن هذه الثقافة هي تربية تهدف إلى زيادة فهم استمتاع الطلبة بالكيفية التي تعمل بها الوسائط الإعلامية وكيفية إنتاجها للمعنى وتنظيمها، وبنائها للواقع»، وما أريده من القارئ الكريم، أن يبدأ في تأسيس ثقافة إعلامية تفيده أولا ثم يفيد بها الآخرين، وألا يكون مستهلكا ومتشربا لما يراه ويسمعه دون القدرة على النقد أو التمحيص أو القبول أو الرفض. ولن تصل إلى تلك الثقافة دونما معرفة ودراية بتقنيات وأصول بناء الوسائط الإعلامية، فكل رسالة إعلامية تتضمن مقصدا ومعنى، حتى ولو بدت للوهلة الأولى أنها رسالة ترفيه وتثقيف فقط، وللمعلمين دور هام في تنمية الحس النقدي لدى الطلاب تجاه الوسائط الإعلامية. عبدالرحمن علي حمياني (المخواة)