على مستوى الإعلام الفني المقروء، والصحافة الفنية تحديدا، لا حصر للحوارات والتغطيات، إلا أن القليل من بينها ما قد يسترعي الانتباه، ويستحق الاهتمام، ويكفل للصحيفة تقديم ما يمكنها من مواكبة متطلبات المواجهة مع معطيات الإعلام الجديد. ذلك لأنه في ظل هذه المرحلة، والعصر التقني، ووسائل ومصادر الإعلام، والتواصل الجديد، أضحى المتلقي والمهتم بمتابعة أي شأن، وفي أي مجال من المجالات، ومن بينها المجال الفني الذي يعنينا «هنا» أقول أضحى يحمل كل الأحداث والأخبار والمستجدات في «جيبه»، من خلال جهاز جواله «الذكي»، وبوسعه متابعتها مباشرة بالصوت والصورة والألوان. أي أن هذا المتلقي في ظل هذا الزخم من «البدائل» الحية والمتاحة والأكثر دقة ووضوحا وتفصيلا، لم يعد لديه الدافعية لذلك الاهتمام الذي كان يوليه بالأمس القريب لمتابعة الصفحات والملاحق الفنية التي كانت سابقا بمثابة «زوادته» الوحيدة التي تمده بما يتوفر فيها من «مواد»، خاصة بعد أن افتقدت الصحافة الفنية لذلك التفرد والإبهار والإثراء الذي اختصت بتقديمه نوعية محدودة ومحددة من الصفحات والملاحق الفنية التي ظلت بفضل الله، ثم بفضل مهنية وخبرة مسيري صحفها تستحوذ على اهتمام ومتابعة وحرص أكبر شريحة من القراء ومن مختلف الفئات من الجنسين في الداخل والخارج، أما لماذا؟ فذلك لأنها أي تلك النوعية من الصفحات والملاحق الفنية، من بين ما كانت تتفرد وتمتاز به: تقديم الندوات الفنية، والدراسات النقدية لمناقشة أي قضية فنية أو تسليط الضوء على برامج التلفزيون في أي دورة برامجية. ويكون المشاركون من ذوي الخبرة والاختصاص. تناول أي أعمال فنية جديدة لأي نجم (أو ما يسمى اليوم بالكليب) لا يترك لرأي وانطباعات وأهواء المحرر، بل من خلال عدد من المختصين. مسابقات محفزة على القراءة والاطلاع تنطلق بالقارئ من خلال المجال الفني إلى مجالات وثقافات أشمل تنمي فكر القارئ وتكافئه وتنمي علاقته بالصحيفة... إلخ. بذلك البعض من الرؤى والأفكار والمهنية التي امتازت وتفردت بها بعض الصفحات والملاحق الفنية في مرحلة سابقة، والعمل على تعزيزها يتأتى للصحافة الفنية مواكبة تحديات معطيات هذا العصر التقني. أما بغير ذلك فسيبقى حال الصحافة الفنية أمام متلقي اليوم: كمن يفسر له الماء بالماء، أو تغطية حدث يكون المتلقي قد سبق له مشاهدته مباشرة، أو ينشر كلمات «البوم» جديد.. ليس من أجل تحليله وأخذ رأي المختصين، بل من أجل نشر الكلمات وعدد من صور المجاملة للفنان وحركة «أكشن» للمحرر، بينما المتلقي قد حفظ الأعمال وتشبع من مشاهدتها..، أو التكريس الممجوج للخاص على حساب العام...، كل هذا لم يكن مستساغا قبل هذه المرحلة فما بالك به الآن؟!.. والله من وراء القصد. تأمل: «كلام البارحة اتغير وصار اليوم شي تاني»