تحفظ الشاعر والكاتب محمد زايد الألمعي على حالة التشابه المهيمنة على الصفحات الثقافية وعجزها عن تجاوز ذلك علما بأن العالم اليوم يعيش انفتاحا غير مسبوق، مؤملا التفكير الجاد في إعادة تأهيل الصفحات الثقافية والاستعانة بالمؤهلين لمواكبة الحدث وصناعة الخبر، لافتا إلى ما تكسبه الملاحق الثقافية من هوية للصحيفة تدفع القراء إلى الترقب والتلهف على جديدها، مشيرا إلى أن المتابعات الخبرية للخدمات وازدحام الإعلانات يضغط على الصفحات الثقافية ويهضم حقها كونها آخر أولويات التحرير، واصفا المناخ الثقافي المحلي بمفرط الحساسية. جاء ذلك خلال مشاركته مؤخرا في ندوة المنتدى الثقافي بجمعية الثقافة والفنون في الباحة (قراءة في الملاحق والصفحات الثقافية)، التي أدارها الزميل علي صمان مدير مكتب «عكاظ» بالباحة. من جانبها، اعتبرت الإعلامية والمحررة الثقافية مريم الجابر أن الثقافة مشروع الحياة الأول للكائنات الحية بأجمعها وعنوان البشرية المتحضرة عبر العصور، وأضافت أن عقليات بعض مشرفي الصفحات الثقافية تقليدية وغير مواكبة للتحديث المشهود في السياسة والاقتصاد والرياضة، آملة من الجيل الجديد من رؤساء التحرير والمحررين الثقافيين النهوض بالواجهة الحضارية للمجتمع متمثلة في الصفحات والملاحق الثقافية. من جهته، انتقد المحرر الثقافي عبدالله وافية توجه إدارات بعض الصحف لإعطاء الأولوية للربح ووضع الصفحات الثقافية في آخر الاهتمامات وتركها متنفسا للإعلانات، وأشار إلى أن بعض المثقفين يشترط مسبقا على المحرر أن يبرز مشاركاتهم في بوكس خاص وكادر لافت، كاشفا عن أن أحد المثقفين الكبار في السعودية عاتبه على نشر صورة له بشارب كث علما بأنه منذ أعوام بدون شارب. بدوره استرجع أستاذ اللسانيات في جامعة الباحة الدكتور جمعان بن عبدالكريم، حقب الصحافة السعودية واصفا الحقبة الأولى بحقبة الأدباء الصحفيين، مشيرا إلى أن إشكالية الصحافة الثقافية جزء من إشكالية الصحافة بوجه عام كون المحرر يسعى إلى الإثارة والقارئ يتلهف للتسويق ونقل المثير على وجه التسلية وتسخين المواقف. في سياق متصل، شدد رئيس القسم الثقافي في صحيفة الشرق عبدالوهاب العريض، على أهمية اضطلاع الصفحات الثقافية والملاحق بدورها التنويري وتبني القضايا الفكرية وقراءة المشهد بمهنية وحرفية عالية، مبديا تحفظه على عزلة بعض المثقفين وابتعادهم عن المشاركة الثقافية الفاعلة كتابة ونقدا وتحليلا، وأشار إلى أن اقتناص اللافت مهمة الصحفي المحترف وهو نادر في الصحافة الثقافية عموما. من جانبه، أجرى الشاعر محمد الدميني مقارنة بين ملاحق وصفحات الثقافة في الثمانينيات وبين المتداول منها اليوم، مؤكدا أن وظيفة الثقافة جذرية وتحتاج إلى العمل الجاد والمحفز للإبداع،. وطالب المحرر الثقافي سعيد الدحية بصحيفة إلكترونية متخصصة كون الصحافة الثقافية الورقية استهلاكية وغير تفاعلية، موضحا أن ما يقارب من نصف سكان المملكة يستخدمون الانترنت ويتفاعلون مع النشر الإلكتروني في حين لا يبلغ توزيع جميع الصحف عدد المليون صحيفة قراؤها ربما لا يتجاوزون نصف مليون من النخب والمعنيين بالشأن الثقافي. وتطلع المسرحي محمد ربيع إلى صفحات ثقافية تصنع الحدث وتحرك الساكن وتبعث على الأمل وتستغل مساحات الحرية المتاحة، فيما تخوف المحرر محمد المرزوقي من استحواذ مواقع التواصل الاجتماعي على مساحة الاهتمام لدى المتلقي النخبوي إن لم تجدد الصفحات الثقافية والملاحق روحها وتواكب تطلعات قرائها.