الإعلام الفني المقروء لم يعد دوره وفي هذه المرحلة المنهمرة ب «ودق» من مصادر ووسائل وقنوات الاتصال والتواصل والإعلام الجديد على مستوى كافة المجالات، أقول لم يعد دوره مجرد الكتابة بما لا يتجاوز إخبار المشاهد عما شاهده، أو تم عرضه، والمستمع عما سمعه، أو تم إذاعته، وملء ما يتبقى من مساحة الصفحة ببعض الصور الأرشيفية، فمثل هذا الدور لم يكن حتى قبل مجيء البث التلفزيوني الفضائي مستساغا من قبل مسؤولي بعض الصحف الجادة والمتطلعة دوما إلى تحقيق ما يبقيها عند اهتمام القارئ وثقته وحرصه على مطالعتها، نظير ما يميزها عن سواها من تفرد في مضامين موادها بشكل عام، والمواد الحدثية على وجه الخصوص. يسري هذا على مختلف المجالات ومن بينها المجال الفني؛ من خلال الأقسام المتخصصة داخل كل صحيفة من هذه النوعية من الصحف اليومية الرائدة، هذا التفرد ليس مقتصرا على ما يندرج تحت ما يسمى بالسبق الصحفي، بل بما في ذلك ما قد يكون في متناول عامة الصحف من الأحداث والمناسبات، إلا أن التفرد فيما تضفيه الصحف الرائدة في تناولها لنفس الأحداث والمناسبات من جهود خاصة تثري هذا التناول بكثير من التفاصيل المفيدة التي لا يطالعها القارئ إلا في هذه النوعية من الصحف التي تعتمد في تحقيق هذا التميز بعد توفيق الله على مهنية إعلامية مترسخة لدى مسيريها المباشرين، ومن خلالهم تأتي الانتقائية لكوادر العمل المواكبين لمثل هذا المستوى من التطلعات، سواء على مستوى أقسام الصحيفة أو مكاتبها الداخلية والخارجية، وهذا ما جعل قارئ هذا الأنموذج من الصحف (وأكرر من قبل بدء البث الفضائي والقنوات الفضائية) أمام مواكبة شاملة وحثيثة لأي حدث أو مناسبة هامة أينما أقيمت، فعلى مستوى المجال الفني الذي هو محور هذا الطرح قد تمتد بعض المناسبات إلى ساعات متأخرة بعد منتصف الليل، ومع هذا لا يمكن للصحيفة أن تصافح صباحا أعين القراء دون تغطية وافية ودقيقة عن الحدث وتفاصيله، وصوره وملابساته وكل ما يجعل القارئ وكأنه في قلب الحدث. فإذا كانت الفضائيات ووسائل الإعلام الجديد أوفت في وقتنا الحاضر هذا الجانب وزيادة فإن على الصحافة الفنية تجاوز هذا الدور لأنه أصبح أشبه ما يكون بمن يفسر الماء بالماء، ناهيك عما يعتري بعضها من «تمريرات» هي للإعلان أقرب من الإعلام، بينما أحوج ما تحتاجه هذه المرحلة هو النقد والتحليل والاستعانة بالمختصين ممن يعول عليهم بعد الله الإسهام على الأقل في فرز قليل الفن من ركام التهريج و.... بدلا من «كله تمام». والله من وراء القصد. تأمل: الصورة التي ترسمها حزينة على الورق، لا علم لها عن حزن أو عن فرح. فاكس: 6923348