رغم أنها تخصصت في علم الاجتماع الجنائي، إلا أنها حلقت بعيدا عنه، بما حباها الله من مواهب عديدة، منها الرسم والتأليف والكتابة للأطفال، وقد طورت موهبة الكتابة للأطفال لتحولها إلى فيلم كرتون وهي أيضا مخرجة متميزة وخلاقة. «عكاظ الأسبوعية» التقت المخرجة والكاتبة السعودية بسمة السناري، في حوار عبر بنا عددا من محطات حياتها وتجاربها.. فإلى الحوار.. • رغم أن تخصصك في علم الاجتماع الجنائي ما الذي أخذك إلى عالم الرسم، ومنذ متى بدأت لديك هذه الموهبة، وكيف تم صقلها، وهل قدمت معارض خاصة بلوحاتك؟ •• في المرحلة المتوسطة بدأت برسم صور الطبيعة، عبر الالتحاق بجمعية التربية الفنية بالمدرسة، وكانت الطالبات يتخيرن الجمعيات التي يرغبن الالتحاق بها، أما أنا فأجبروني على جمعية التربية الفنية لرسوماتي المميزة، إضافة لجمعية الإذاعة حيث كنت جيدة في مادة التعبير، وعند التحاقي بالمرحلة الجامعية بكالوريوس، بدأت باحتراف رسم الشخصيات من خلال التطوير الذاتي عن طريق متابعة مقاطع من اليوتيوب أو وضع صور للشخصيات ثم محاولة رسم الملامح بصورة تقريبية وأحببت رسم الشخصيات أكثر من الطبيعة، وليس لدي معرض خاص برسوماتي، إنما احتفظ بها كزينة على جدران منزلي، حتى لا تتعرض لمن يمزقها على الأقل، نتيجة تشدد أيدولوجي، كما كان يحدث معي في مرحلة البكالوريوس. النساء والجريمة • ما قص٫ة «لماذا ترتكب النساء الجريمة»، وما كان أهم محور فيها؟ •• لدي فكرة أنا مقتنعة بها تماما، أن كل إنسان على وجه الأرض لديه حلم يريد تحقيقه، تغتال تلك الأحلام وتصطدم بواقع المجتمع؛ فالمخطئون ما هم إلا نتيجة لبيئة وظروف اجتماعية قاهرة، هي من صنعتهم ودفعت بهم لارتكاب السلوك غير السوي، إما أن تكون تفككا أسريا، صديقات سوء، وقت فراغ، عنصرية، عادات وتقاليد بالية، بيئة عمل سيئة ومتسلطة، حقوقا مسلوبة، فقرا وبطالة وسوء أحوال أقتصادية، وحرمانا من التعليم والترصد لطلاب العلم، وبعض هذه الظروف هي محاور للقصة التي تروي لماذا ترتكب النساء الجريمة. انيميشن سعودي • اتجهت للكتابة للأطفال رغم بعد هذا المجال عن تخصصك بالجريمة، لماذا؟ •• قصة واحدة قمت بكتابتها، وهي خيالية، وتناسب جميع الأعمار وليس الأطفال فقط، وهادفة أيضا، ولعدة أسباب منها: غياب وجود شخصية خيالية مشهورة من منطقة الشرق الأوسط لا تقل مستوى عن المقاييس العالمية كثيرا، ندرة كتاب القصص الخيالية في العالم العربي، القصص الخيالية تنمي القدرات الفكرية والتصورية لدى الطفل والبالغ ايضا، بعض المعايير تم تلقينها لنا ربما بطريقة خاطئة بحكم العادات والتقاليد ولعلنا نستطيع تصحيحها لدى الكبار والصغار، وربما نستطيع في يوم من الأيام أن نشاهد عملا سعوديا في مجال الانيمشن يتحول إلى انتاج سينمائي ضخم. • ما الصعوبات التي واجهتك في الكتابة للأطفال، خاصة أن كثيرا من الكتاب يبتعدون عن هذا اللون من الكتابة؟ •• لا توجد صعوبات والحمد لله. • ما أهم المفردات التي على كتاب أدب الأطفال امتلاكها؟ •• فكرة، هدف تربوي، خيال، عبارة بسيطة، تسلسل أحداث، صور الحياة جميلة. أميرة السلام • «سوسن أميرة السلام» فيلم كرتون.. كيف تم تحويله من قصة لفيلم، ومن تبنى فكرته، وما الصعوبات التي واجهتك عند تنفيذها؟ •• سوسن، رائعة أدبية تروي قصة الأميرة الحسناء التي تسعى لتخليص ثلاث سجينات من لعنة، جعلت منهن قيثارات حجرية ممزقة الأوتار وحكم عليهن بالبقاء في سجن القرية الأثرية القديمة مدى الحياة، فتقوم حسناء بتهريبهن من السجن ليواجهن قوى الشر التي تجعل من البطلة هاربة مطلوبة للعدالة، شاركت بها في معرض الكتاب السعودي ولم يكتب لها التوفيق، ثم قمت بترجمتها للغة الإنجليزية وشاركت بها في مختبر المبدعين العرب في أبوظبي وتم ترشيحها كإحدى القصص الإبداعية من الشرق الأوسط، والتي يتولى المختبر طباعتها وتوزيعها في العالم فأتت الفرحة ممزوجة بقليل من الألم والحسرة، فالعمل رائع ومغامرة شيقة قمت بتنفيذ دقيقتين في الهند بميزانيتي المحدودة، حتى أستطيع جذب صناع أفلام الانيمشن، ولكن هذا المجال حديث ونادر في السعودية، وأهم صعوبة تواجهني الآن، هي عدم وجود ممول للمشروع، فأفلام الانيمشن مكلفة، ولكنها مربحة جدا، والاستثمار فيها مجد بشكل كبير، ودائما المبدعون تتباكى أفكارهم في عقولهم النيرة في ظل غياب الجهات الداعمة لتلك الأفكار، وتظل كذلك حتى الموت، إن لم يبعث لها الله منقذا. العوامل الاجتماعية • من خلال الدراسة التي تناقش العوامل الاجتماعية المؤدية إلى ارتكاب المرأة للجريمة، ما الأسباب التي توصلت لها، وما أهم التوصيات التي خرجت بها؟ •• من أهم الأسباب التي تدفع المرأة إلى الجريمة، التفكك الأسري، وتعرض المبحوثة للتحرش الجنسي في مرحلة الطفولة، السلطة الذكورية، الحرمان من التعليم، بيئة العمل السيئة، وقت الفراغ، صديقات السوء، والفقر وسوء الأحوال الاقتصادية. ومن أهم التوصيات: توفير أندية رياضية نسائية في الأحياء المختلفة وجعلها مجانية، تنمية لغة الحوار بين أفراد الأسرة، تفعيل دور وسائل الإعلام في التوعية بأضرار بعض العوامل الاجتماعية وعواقبها على الفتاة، الاكتفاء بسجن المرأة في منزلها كبديل لسجن النساء حفاظا على سمعتها في ظل العادات والتقاليد التي لا ترحم المخطئين، توعية الوالدين بضرورة متابعة سلوكيات أبنائهم وتوفير جو أسري محب يحتوى أفراده، محاولة القضاء على الفقر والبطالة ومعاقبة المتحرشين بالفتيات، عدم حرمان النساء من التعليم وتوفير كل متطلباته لهن، ومساعدة الأسر المحتاجة. مضطربو الهوية • ما سبب اختيارك لموضوع قصتك عن مضطربي الهوية والصعوبات التي يواجهونها في المجتمع؟ •• فئة مضطربي الهوية الجنسية لأسباب طبية خلقية يواجهون العديد من المشكلات والضغوط الاجتماعية، خاصة من الأسرة وطبيعة المجتمع، حيث إن بعض الأسر ترفض إجراء عملية تصحيح الجنس، حتى وإن كان الابن أو الابنة يعانيان من تبعات العيش مزدوجي الهوية. • «أوفياء اكثر مني» فلم قصير.. كم مدته، وأين تم تنفيذه، وهل سيعرض في التلفزيون السعودي، وما الصعوبات التي واجهتك خلال تنفيذه؟ •• «أوفياء أكثر مني» فيلم انيمشن قصير للتسلية فقط، مدته خمس دقائق، ومن المشكلات التي واجهتني في تنفيذه أن مصمم الانيمشن ليس متخصصا، واعتمدت على الإيميل في المتابعة، وقمت بعمله في مصر، والدول العربية عادة خبرتها بالانيمشن قليلة، وهناك العديد من العيوب في الانتاج لم أستطع تداركها أو تغييرها، والرسومات لم تكن جيدة؛ بحكم أن مؤسسة التنفيذ غير متخصصة، واكتشفت ذلك بعد فوات الأوان. • ما سبب اختيارك للإخراج، وما صعوبات ذلك؟ •• بالعادة أحب أن أقوم بأعمالي بنفسي، والمخرج يتدخل في كل ما يخص الفيلم من بيئة، حركة ممثلين، إضاءة كاميرا، لقطات استوري بورد، وموسيقى، علما بأنني كاتبة سيناريو أيضا. مشكلة الإخراج، الشعور بالقلق دائما. • يلاحظ على مؤلفاتك تناول المرأة والجريمة وإغفال الرجل، ما سبب ذلك؟ •• المرأة، هذا الكائن البشري اللطيف كتلة من المشاعر الحنونة والرقيقة، لقد اعتدنا على رؤيتها كأم، أخت، حبيبة، صديقة، وزوجة، إلا أننا لم نعهدها، كمطلوبة للعدالة، يزج بها خلف قضبان حديدية، لأسباب تمتلث في تسلط أنثوي أو ذكوري، وقهر اجتماعي.. ولم أغفل الرجل؛ لدي روايتان أعمل عليهما -بإذن الله- إحداهما تحمل عنوان «بائعو الرماد»، أما بالنسبة للدراسة العلمية كالأبحاث مثلا، فأتمنى أن أقوم بإجراء بحث عن جرائم الذكور، وأستطيع مقابلة النزلاء في بيئتهم الطبيعية بنفسي، وإجراء الحوار معهم، بدلا من الاستبيان، إلا أن صعوبة تحقيق ذلك قد تكون مانعا لي.