بجدارة، فاز الشاعر الجميل علي الدميني بجائزة محمد الثبيتي رحمه الله للشعر، وبجدارة يفوز الدميني/ الشاعر/ الإنسان/ الوطن بقلوبنا ومخيالنا الشعري. هكذا يحقق فوزه بعد سنوات عجاف طويلة من الحب المرهق للشعر والوطن: أليس هو القائل: (ظمئي دمي، وحجارة الوادي لساني)؟ من ذلك الظمأ ومن تلك الحجارة كتب أجمل القصائد. كعادة العشاق في عذاباتهم وأحلامهم وآمالهم وانكساراتهم عشق الدميني الوطن فحمله بذاكرته وروحه ووجدانه وجسده. قال: ولي وطن قاسمته فتنة الهوى ونافحت عن بطحائه من يقاتله إذا ما سقاني الغيث رطبا من الحيا تنفس صبح الخيل وانهل وابله تمسكت من خوف عليه بأمتي وأشهرت سيف الحب هذي قوافله لم يكن الدميني شاعرا يحمل ذاته الشعرية بعيدا عن هموم الناس والوطن والحب والجمال، بل كان يعتصر كل تلك العوالم المتباعدة في دواخله الشعرية ليخلق لنا وطنا من حب ووطنا من إنسان، ووطنا من شعر. في أحد اعترافاته عن تجربة الحداثة في السعودية يقول: «خلافا لكثير من الشعراء لا أجد فرديتي أو ذاتويتي إلا في استبطان صوت الجماعة، صوت الوطن، صوت البحث عن مثالات الحرية والعدالة والجمال». بعد أكثر من ثلاثين عاما من الشعر توج الدميني شاعرا فريدا بجائزة صديقه محمد الثبيتي رحمه الله كنوع من «الترميزية الثقافية» لعودة الحداثة من جديد للمشهد السعودي الذي نفيت منه قديما.