عاشوا منذ عشرات السنين متجاورين يتقاسمون لقمة العيش في الأفراح والأتراح كالأهل والأقارب وربما أكثر من ذلك، جمعتهم الظروف من غير ميعاد وظل تاريخ حارتهم حكاية غير مروية في الوعي الجمعي للأهل والجيران. وأبدى عدد من سكان حارات مكةالمكرمة التي بدأت فيها عمليات التطوير عن سعادتهم بوصول قاطرة التطوير إلى مواقعهم مؤكدين أنه رغم فراقهم لجيرانهم الأمس لكنهم ما يزالوان يتواصلون معهم عبر تطبيق الواتساب وأنه بمثابة مركاز يجمعهم ومن خلاله يستعيدون العلاقات الاجتماعية. وأضاف عدد من اهالي الحارات المزالة أن بعضهم اختار ضاحية الشرائع ومنهم من فضل أحياء شمال مكةالمكرمة؛ العمرة، البحيرات، النوارية، وبئر الغنم ومنهم من انتقل إلى الأحياء الجديدة مثل الشوقية، الفيحاء، وبطحاء قريش وغيرها، فلا بد أن يبقى حبل المحبة والعشرة بين الجيران، مؤكدين أنهم طوعوا التقنية الحديثة وتطبيقات الهواتف الذكية لهذا الغرض وعبرها يتواصلون ويتذكرون ويسألون عن بعضهم البعض. «عكاظ» التقت بعضاً من أهالي الحارة المكية حيث أوضح حسين باعطية 60 عاما وهو جالس على مركاز يستظل بجوار عمارته التي اشتراها لتوه في أحد أحياء مكةالمكرمة فقال «كنا نعيش في جرول منذ حياة الوالد رحمه الله وتزوجت وأنجبت جميع أبنائي في هذا الحي العتيق متعايشين مع أهل الحارة على الحلوة والمرة لا يكدر صفونا أي شيء نتقاسم هموم الحياة ومشاقها ونعيش وكأننا في بيت واحد والحمد لله فقد فرحنا بعد إعلان مشروع التطوير في مكةالمكرمة». وفي السياق نفسه، التقينا مع أيمن محمد رجب من سكان حي الطندباوي سابقا الذي يسكن حي الكعكية حاليا يقول الحمد لله أن الواتساب جمعنا مع الجيران والأحباب بعد أن فرقتنا ظروف التوسعة المباركة للمسجد الحرام، فالوالدة حفظها الله لم يهن عليها تلك الجيرة الطيبة، فتسأل عن كل الجيران عن الكبير والصغير وعن أماكن سكناهم بعد الإزالة وعن أحوالهم، وتتواصل مع جيرانها بالاتصال حينا وبالواتساب حينا آخر، يرسلون صورا لمنازلهم ولصغارهم فلا نشعر بالشتات بعد هذه التقنية التي جمعتنا وأصبح التواصل أكثر من ذي قبل بالصوت والصورة. من جهته، قال موسى صالح هوساوي 80 عاما صاحب مكتب عقار: لم يعد لي جيران بعد وفاة الكثير منهم رحمهم الله وأصبحت وحيدا من جيلي الا من نفر قليل لكن ما زال التواصل بيننا في دكاني في طريق ام القرى. وقال محمد يحيى زبرماوي 60 عاما متقاعد منذ نعومة أظفاري وأنا في هذا الحي وعلى الرغم من صغر مساحة منزلنا إلا أنه كان يحمل «العلية» كلها وكان للمنزل عائد مادي من إيجاره السنوي للحجاج. واستطرد العم محمد يحيى: لم يكن في خلدنا أن نترك لحارة يوما ما وعلى الرغم من رخص قيمة الأراضي قبل عدة أعوام في الشوقية وبطحاء قريش والسبهاني وبعد أعمال الهدم والإزالة قام أحد الجيران بعمل «قروب» أطلق عليه اسم قروب الحارة فنحن نتواصل عبره وتبادل الأخبار والمناسبات من خلاله.