فيما يناقش مجلس الشورى اليوم مشروع لائحة لضبط عمليات التبرع للجمعيات الخيرية والجهات الدعوية، أكد عدد من المختصين ل«عكاظ» أهمية وجود مثل هذه اللائحة بما تتضمنه من ضوابط من شأنها أن تساهم في تقنين هذا العمل الخيري وتضمن توجيه التبرعات إلى المستفيدين الفعليين، وطمأنة المتبرعين بأن ما قدموه وجه بالفعل إلى الهدف الذي جمع من أجله. وزادوا بأن من الإيجابيات الهامة في هذه اللائحة أن يكون التبرع عبر حسابات بنكية معروفة للجهات المعنية وهو ما من شأنه أن يحد من العشوائية في جمع التبرعات، ويحاصر «خفافيش التقنية» الذين يعمدون إلى تسخير التكنولوجيا الحديثة في جمع التبرعات لخدمة أجندة خارجية وجهات مشبوهة تحت ستار العمل الخيري. تطويق الفوضى والعشوائية بداية، يقول رئيس لجنة رعاية السجناء بمكةالمكرمة وخبير العمل الخيري يحيى الكناني «خضوعا للوائح جمع التبرعات الصادرة، أصبح هناك ضبط وتقنين أكثر في جمعها ووجهات صرفها بصورة أكثر دقة، حيث إنها لا تجمع إلا من خلال حساب مخصص للجمعية أو الجهة، أي عبر حسابات معروفة وواضحة للمتبرعين وفاعلي الخير، هذا غير الأدوار المتدرجة للمكلفين في الجمعيات جمعا ورصدا وتوزيعا ومتابعة للجهات المتبرعة والمنفق لها، لذلك فإن هذه اللائحة لها العديد من الإيجابيات منها على سبيل المثال، عندما كانت توزع وجبات الإفطار في رمضان كان هناك الكثير من المتبرعين وفاعلي الخير ممن يقدمون الوجبات للصائمين، مما يحدث فوضى وعشوائية في الإفطار وتسابق من جهات خيرية مجهولة المصدر، ولكن بمجرد تطبيق الأنظمة من خلال عمل مؤسسي محدد قضينا على هذه السلبية وأصبح الأمر واضحا للجميع من حيث جهة التبرع سواء كانت جمعية أو مؤسسة خاصة». وأكد المدير التنفيذي للجنة رعاية السجناء «تراحم» بمنطقة حائل عثمان السيف أن من إيجابيات اللائحة المقترحة منع جمع التبرعات لمشاريع أو أنشطة خيرية عبر الوسائل التقنية الحديثة وطلب إيداعها في حسابات بنكية غير معتمدة، كما تحد من انتشار ظاهرة جمع التبرعات بواسطة أفراد أو جهات تتخفى خلف هذه التقنية، لأغراض أبعد ما تكون في بعض الأحيان عن هذا الهدف النبيل، ولكنهم يستغلون خيرية الناس وعاطفتهم نحو أعمال الخير في المجتمع. ولا شك أن تحديد قنوات رسمية لجمع التبرعات للجمعيات الخيرية فيه حماية للجميع وطمأنة للمتبرعين على توجيه ما يقدمونه في الاتجاه السليم، ووصوله إلى الجهات المستهدفة، وبالتالي قطع الطريق على كل من يحاولون استغلال الأعمال الخيرية لأهداف أخرى. كما أن التزام الجميع الأنظمة والطرق الرسمية لجمع التبرعات من خلال أرقام حسابات معتمدة في البنوك المحلية، يضمن حق المتبرع له في الاستفادة من هذه الأموال. دعم العمل الخيري من جانبه، أيد الشيخ محمد بن فحاس أمين عام المجلس التنسيقي للجمعيات الخيرية بمنطقة عسير هذا التنظيم الذي يدعم العمل الخيري داخل الوطن عبر القنوات الرسمية مثل الجمعيات والمؤسسات الخيرية المصرح لها بالعمل داخل البلاد. وأوضح ل«عكاظ» أن الضوابط الجديدة تشترط بيان الجهة أو الجهات، والغرض من التبرعات، وأسماء الأشخاص الذين سيباشرون عملية الجمع وعناوينهم، على أن يكونوا سعوديين، إضافة إلى الأماكن والطرق التي ستجمع بها، وتحديد المصارف التي ستودع فيها وكيفية الصرف ومدته، ولا بد أن يكون المال معلوما ومعروفا مصدره من أين اكتسب، وفيما تم إنفاقه، وهذا هو الأصل في موضوع جمع المال جمعا وصرفا وأي مخالفة لذلك تعني أن يقع الشخص تحت طائلة العقوبة. وبين أن جمع الأموال بالضوابط المحددة من وزارة الداخلية تتيح للمتبرعين إيصال تبرعاتهم النقدية إلى هذه الجهات الأهلية بأسلوب تقني مبتكر ونوعي فريد، بالإضافة إلى ضمها لمجموعة من الخدمات الإلكترونية المتطورة لخدمة العمل الخيري ومجالاته، وسبل التواصل مع الجهات الخيرية وعرض مشاريعها وبرامجها على المجتمع بكافة شرائحه تحقيقا لمبدأ الشفافية. وأضاف أن من إيجابيات تلك الضوابط أيضا أن يتم عمل معارض موسمية للجهات الراغبة في جمع التبرعات تحمل التراخيص اللازمة بموافقة الجهات الرسمية، وهذا سيقطع الطريق على من يستغل حب الناس للخير في دعم جهات مشبوهة خارجيا. وفي الإطار ذاته، قال الشيخ علي محمد آل حوبة مدير جمعية البر الخيرية بخميس مشيط ل«عكاظ» إن الضوابط التي أقرتها وزارة الداخلية لها إيجابيات عديدة منها: تحقيق مبدأ الشفافية في معرفه ما تم جمعه من الأموال المتبرع بها، التأكد من صرف هذه التبرعات في أوجه الصرف الصحيحة وفيما جمعت لأجله، اطمئنان المتبرع إلى وصول تبرعه عن طريق هذه الجهات الرسمية إلى المحتاج، سهولة الإشراف والرقابة من الجهات ذات العلاقة على التبرعات وآلية صرفها وتوزيعها، تبرئة ذمم القائمين على العمل الخيري في هذه الجهات الخيرية من الفساد المالي والتصرف في هذه التبرعات في غير ما خصصت له، ومنع توجيه هذه التبرعات إلى تحقيق أهداف شخصية أو دعم منظمات إرهابية أو جهات خارجية. ضبط الموارد المالية وتقول العضو الفخري في جمعية أم القرى النسائية بمكةالمكرمة إن من إيجابيات هذه الضوابط أنها عملت على ضبط المورد المالي لحساب الجمعية الذي يصل إليها مباشرة، أي من جهة معروفة إلى جهة معروفة، مما ساهم في الحد من فوضى التبرعات واستقبالها أو جهل أطراف التبرع، وهذه الضوابط لها مردود إيجابي كبير حتى على المواطنين أنفسهم في التأكد من وصول تبرعاتهم للجهة الصحيحة دون التشكك أو الخوف من ضياع ما قدموه وعدم توجيهه إلى العمل الخيري الذي جمع من أجله، خاصة مع اشتراط إرسال إيصال للمتبرع بوصول تبرعه ضمن الضوابط.