تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى وسيلة سريعة لبعض ضعاف النفوس ممن امتهنوا مخالفة أنظمة الدولة تجاه ضبط التبرعات النقدية والعينية، حيث نصت التعليمات على تحديد القنوات الرسمية التي تستقبل تلك التبرعات، وطرق إيصالها إلى أصحابها عبر حسابات وجهات معروفة وليس لمن هم يتخفون خلف أسماء وهمية على هذه المواقع، أو ممن يظهرون بأسمائهم الحقيقية لكنهم يفتقدون الوسيلة الصحيحة والواضحة التي سيجمعون من خلالها أموال المتبرعين، وضمان إيصالها لأصحابها أياً كانوا بطرق سليمة، سواء من المحتاجين خارج المملكة أو المرضى أو أصحاب حاجات داخل المملكة، أو عبر دعم المشروعات الخيرية وماشابهها. النظام واضح والعقوبات معلنة ولكن بعض رسائل (SMS) و«الواتس أب» مخترقة من دون ترخيص "المجاهيل" -وهم من يعرفون النظام ويتجاهلون تطبيقه ويقفون خلف حملات التبرعات غالباً- ينشطون في استغلال عاطفة البسطاء من أفراد المجتمع وطيبتهم وحبهم للخير؛ لشحنهم وتحريك عواطفهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً (الواتس أب، الفيس بوك، تويتر)؛ لجمع أكبر قدر من الأموال، من خلال أرقام وعناوين مشبوهة، وحسابات بنكية بأسماء أشخاص ولا تحمل مسميات مؤسسات أو جهات خيرية، مع استدراك أن بعض النوايا قد تكون سليمة، ولكن طرق الجمع والإيصال "ارتجالية" وغير واضحة؛ مما يعرض أصحابها للمسائلة ويضيع أموال المتبرعين ويخلق حالة من الفوضى تنشأ معها الحملات العشوائية!. ويبدو أن تضييق الجهات الرسمية على هؤلاء بطرقهم التقليدية لجمع التبرعات عبر الصناديق المنتشرة في كل مكان سابقاً -التي ثبت اختراقها من جهات مشبوهة استغلتها لدعم الإرهاب في وقت سابق- لم يرق للبعض؛ إذ بحثوا سريعاً عن وسائل بديلة فوجدوا سهولة في الوصول لأفراد المجتمع عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، ووسيلة لإعادة "فوضى" جمع التبرعات مجدداً وقيام أي شخص بها أيا كان هدفه ونواياه بعيداً عن الرقابة، بل ذهب البعض من هؤلاء إلى محاولة تشكيك المواطنين ومحبي الخير في الجهات الرسمية المكلفة بتلقي تبرعات المحسنين عبر حساباتها ووسائلها الآمنة والمضمونة، لتقويض هذا التنظيم الدقيق والرقابة الصارمة التي تقطع الطريق عليهم للظهور بمظهر الوصيّ الأمين على أموال الغير. تبرعات رمضان وتنشط هذه الأيام من الشهر الفضيل عبر مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي رسائل دعوية تحث على التبرع وتحويل مساعدات مالية على أرقام حسابات قد تكون غير معروفة ومجهولة مدعين؛ بذلك إما إيصالها للفقراء أو الأيتام أو إفطار الصائمين وبناء المساجد، أو التبرع باسم فاعل خير، أو لإغاثة الشعب السوري أو غير ذلك، متجاهلين جهود الجمعيات الخيرية والإنسانية والمراكز الدعوية ودعواتها عبر القنوات الرسمية لتلقي تبرعات المحسنين؛ كونها جهات مصرح لها لاستقبال وجمع التبرعات من الزكاة والصدقات وإيصالها لمستحقيها واستثمارها في المشروعات الخيرية والإنسانية المختلفة. تحذير متكرر وزارة الداخلية حذرت أكثر من مرة ونبهت المواطنين إلى عدم الانسياق والتجاوب مع مثل هذه الدعوات المتكررة لجمع التبرعات بهذه الطرق غير النظامية، وكان آخرها في جمادى الأولى من هذا العام، حيث أكدت الوزارة أن حملة خادم الحرمين الشريفين لنصرة الأشقاء في سوريا لا زالت مستمرة، وبينت في بيانها أنه تم تخصيص وتهيئة مواقع من قبل (إمارات المناطق) لاستقبال التبرعات العينية، مشيرة إلى أنه يمكن للمواطنين والمقيمين كذلك تسليم تبرعاتهم ل(هيئة الهلال الأحمر السعودي) أو (رابطة العالم الإسلامي) أو (هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية)؛ كونها الجهات الرسمية المخولة بتقديم المساعدات للشعب السوري المتضرر. وكشف بيان وزارة الداخلية إلى أن إمارات المناطق رصدت قيام عدد من المواطنين والمقيمين بالدعوة عبر (مواقع التواصل الاجتماعي) لجمع التبرعات العينية وتجهيز المواقع في عدد من المساجد وغيرها من الأماكن، وتخصيص شاحنات لتلك التبرعات بهدف إيصالها للاجئين السوريين في كل من (الأردن ولبنان وتركيا) دون إذن رسمي، مشددة في هذا الصدد على أهمية عدم الانسياق لدعوات جمع التبرعات غير المصرحة لها رسمياً؛ لما قد يترتب عليها من عمليات نصب واحتيال أو الضياع أو وصول تلك الأموال لجهات مشبوهة!. وعي ومسؤولية مواطنون أكدوا ل"الرياض" تعليقاً على ذلك أن المتبرع عند تقديمه لتبرعه للجمعيات الخيرية المنتشرة في كل مكان عبر حساباتها الرسمية المعلنة، أو عبر رسائل الجوال المعتمدة يطمئن على أمواله، ويستشعر هذه العبادة العظيمة، بدلاً من التعامل مع تلك الرسائل المشبوهة التي تصلهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي مذيلة بأرقام حسابات لأشخاص ليس لهم علاقة بالجمعيات الخيرية، مطالبين الجميع بعدم الانسياق أو التهاون في تقديم زكواتهم لتلك الجهات غير المعروفة وغير المضمونة، إلى جانب التشديد على طرق جمع التبرعات. ضوابط جمع التبرعات ووضعت وزارة الداخلية عدداً من الضوابط والإجراءات لتنظيم عملية جمع التبرعات بشتى صورها؛ لتكون واضحة للمواطنين حتى لا يقعوا ضحية لمن يسعى لاستغلال عمل الخير لأهدافه المشبوهة. وفيما يتعلق بالتبرع عن طريق رسائل الجوال القصيرة (sms) كلفت الداخلية في وقت سابق الشؤون الاجتماعية بتشكيل لجنة مكونة من (6) جهات تشترك فيها وزارات الداخلية، والشؤون الاجتماعية، والثقافة والإعلام، والشؤون الإسلامية، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، ومؤسسة النقد؛ لدراسة ظاهرة الرسائل النصية عبر الجوال التي تدعو( لجمع التبرعات المالية لمشروعات خيرية)، وظاهرة انتشار إعلان بعض الأشخاص عن أرقام حساباتهم لاستخدامها في جمع التبرعات المالية دون الحصول على موافقة الجهة الإشرافية. الجهات الحكومية المعتمدة تمنح المتبرع الاطمئنان على زكواته وصدقاته ونصت الضوابط الجديدة لجمع التبرعات عن طريق رسائل الجوال على أنه يمنع منعاً باتًا لأي فرد استخدام تقنية رسائل الجوال القصيرة أو المنشورات وخلافها التي تدعو للتبرع لمشروعات أو أنشطة خيرية، وطلب إيداعها في حسابات بنكية لدى البنوك، ولا يحق لأي مؤسسة نشر مثل هذه الرسائل إلاّ بعد موافقة الجهات المختصة، وأن ترد من شركات مزودي الخدمة المعتمدين. كما صدر مشروع لائحة ضوابط جمع التبرعات للوجوه الخيرية داخل السعودية، ويتألف من 14 مادة، بدءاً من الحصول على تصريح مسبق قبل المباشرة في جمع التبرعات المادية أو العينية من الجهات المختصة. وتشترط الضوابط الجديدة بيان الجهة أو الجهات، والغرض من التبرعات، وأسماء الأشخاص الذين سيباشرون عملية الجمع وعناوينهم، على أن يكونوا سعوديين، إضافة إلى الأماكن والطرق التي ستجمع بها التبرعات، وتحديد المصارف التي ستودع فيها التبرعات وكيفية الصرف ومدته. كما تنص الضوابط على تزويد العاملين ببطاقات تعريفية موثقة، يبرزونها متى طلب منهم ذلك، وموافاة الجهة المشرفة على التبرعات بحصيلة جمع التبرعات وتفاصيل الإيرادات والمصروفات، وتحديد أصحاب الصلاحية في أوامر الصرف، وبيانات طرق استقبال التبرعات وقيدها. وشمل مشروع لائحة ضوابط جمع التبرعات للوجوه الخيرية داخل المملكة -التي تقع في 14 مادة- أن تطبق هذه اللائحة على جميع الجهات المرخص لها نظاماً -التي يكون من بين أغراضها جمع التبرعات للوجوه الخيرية أو النفع العام داخل السعودية، ولا يجوز للجهات المشار اليها في المادة السابقة جمع التبرعات إلاّ بعد الحصول على تصريح من الجهة المشرفة بعد استكمال البيانات الآتية: اسم الجهة ومقرها، الغرض من جمع التبرعات، أسماء الأشخاص الذين سيباشرون عملية الجمع فعلاً ووظائفهم، وعناوينهم، على أن يكونوا سعوديين، والأماكن التي ستجمع فيها التبرعات، إلى جانب الطريقة التي ستجمع بها التبرعات وقيدها، والبنوك التي ستودع فيها التبرعات، وأوجه الصرف للتبرعات، والمدة اللازمة لجمع التبرعات (إذا كان التصريح لمدة محددة)، كما أن على الجهة المشرفة أن تزود وزارة الداخلية باسم الجهة وأسماء القائمين على جمع التبرعات، والتنسيق معها في هذا الشأن، كذلك يجب على جميع الجهات المصرح لها الالتزام بفتح حساب في أحد البنوك أو المصارف السعودية المعتمدة من مؤسسة النقد العربي السعودي باسم الجهة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال فتح حسابات لهذا الغرض باسم أي شخص مهما كان مركزه، وتحديد أصحاب الصلاحية في الصرف بعد التنسيق مع الجهة المشرفة على ألا يقل عددهم عن اثنين، وأن يكون الصرف من الحساب بالشيكات فقط. ولا يجوز للمطابع طبع سندات إيصال بالتبرعات للجهات الخيرية إلاّ بعد الاطلاع على التصريح الصادر لها من الجهة المشرفة، ويجب أن يُحدد في هذا السند اسم المطبعة، ورقم التصريح، وتاريخه، واسم المتسلم، ورقم بطاقة الهوية الوطنية، وأن يكون لهذا السند (كعب) تتم المحاسبة بموجبه، ويجب على جميع الجهات المصرح لها بجمع التبرعات، وأن تطبع القسائم (الكوبونات) ذات القيمة في مطابع الحكومة، وذلك بناءً على طلب من الجهة المشرفة، ولا يجوز للجهة المصرح لها استعمال الاموال في غير الغرض الذي جمعت من أجله إلاّ بموافقة خطية من المتبرع إن كان غرض المتبرع محدداً، وإن لم يتيسر ذلك فمن الجهة المشرفة، كما أن على كل جهة مصرح لها بجمع التبرعات لمدة محددة فور انتهاء مهمتها اعداد تقرير معتمد من أحد المحاسبين القانونيين المرخص لهم، وتبين فيه حصيلة الجمع ومفردات إيراداته ومصروفاته مؤيداً بالمستندات الدالة على صحته، ورفعه إلى الجهة المشرفة خلال مدة الجمع، كما يجب أن يكون التقرير سنوياً اذا كان التصريح لمدة غير محددة، هذا ويحال كل من يخالف أحكام هذه اللائحة إلى المحكمة المختصة لتقرير العقوبة المناسبة بحقه، بعد اجراء التحقيق اللازم معه من قبل الجهة المختصة. لجنة مراقبة التبرعات وشكلت وزارة الشؤون الاجتماعية في وقت سابق لجنة لتنظيم ومراقبة التبرعات الواردة للجمعيات الخيرية بواسطة الوسائل الإلكترونية الحديثة؛ لتنمية الموارد المالية للجمعيات الخيرية من عدة جهات حكومية، حيث توصلت اللجنة إلى عدد من التوصيات فيما يتعلق بالتبرع بواسطة رسائل ال(SMS). ودعت الوزارة الشركات مزودي خدمة الرسائل التأكد من حصول الجمعيات الخيرية على الترخيص اللازم من قبل الوزارة لتنظيم عملية جمع التبرعات، كما وضعت الوزارة ضوابط تضمن سلامة العمل الخيري في عملية جمع التبرعات باستخدام تقنية رسائل الجوال (SMS)، ودعم مشروعات الجمعيات الخيرية، مؤكدة على أنه يجب على الجمعيات الخيرية التقيد بهذه الضوابط عند طلبها الإفادة من خدمة رسائل ال(SMS).