بعد أن كان المسجد سابقاً هو مكان استقبال الصدقات وزكوات الأموال، تغيّر الحال بعدها وأصبحت تستقبل وتجمع من المتبرعين بواسطة صناديق وجمعيات خيرية تم تأسيسها خصيصاً، وأخيراً تطور الحال إلى "الصدقة الالكترونية"، حيث تعد أسرع وأسهل وسيلة لإيصال المال إلى الجمعيات الخيرية التي سهلت من خلال تلك الخطوة إجراء التبرع، إضافةً إلى البعد عن الصدقة النقدية، وضمان عدم العبث بها من ضعاف النفوس، فضلاً عن أنها تسويق للعمل الخيري للمتبرع يجعله يقبل على البذل والعطاء. وسائل متعددة وتعددت وسائل التبرع وتنوعت ما بين وجود حسابات بنكية للعديد من الجمعيات الخيرية المنتشرة بالمملكة في البنوك المحلية، وكذلك انتشارها عبر الإعلانات الفردية و"البرشورات" الموزعة بين فترة وأخرى، إلاّ أن الخوف لا يزال يساور كثيراً من المواطنين خوفاً من أن هذه الحسابات تستغل للكسب المادي والثراء، بيد أن أحد مسؤولي البنوك المحلية في المنطقة الشرقية بدد تلك المخاوف، مبيناً أن البنوك لا تعتمد فتح حسابات بنكية لجهات مجهولة أو غير مرخصة من قبل الجهات المعنية، مطمئناً المتبرعين أن الجمعيات الخيرية المسجلة حساباتها في البنوك المحلية رسمية ومسجلة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية أو بعض الوزارات الأخرى. سهولة تعامل وأكد "م.عثمان القاسم" على أن للصدقة الالكترونية لها سلبيات وإيجابيات، حيث تتميز بسهولة إيصال الصدقة بواسطة التعامل الإلكتروني، سواء عن طريق الباقات المصرفية أو الدخول إلى حساب البنكي، إضافة إلى ميزة مهمة وهي سرية الصدقة وفقاً لما حث عليه الإسلام، مشيراً إلى أن سلبياتها إمكانية تعرض المتبرع للاختلاس الإلكتروني، حيث إنه من الممكن الاستيلاء على معلومات بنكية من بعض من يدّعي أنه جمعية خيرية، وما إلى ذلك، مبيناً أهمية مصداقية الجمعيات الخيرية كونها محلاً للثقة ومن الأضمن التصدق لها، حيث إن المتصدق يضمن أين ستذهب هذه الصدقة بعكس التصدق عند الإشارات المرورية أو في أماكن أخرى. استقبال التبرعات في الحسابات البنكية سهّل وصولها إلى المستفيدين آلياً تعاون مشترك وأوضح "د.عبدالله القاضي" -أمين عام جمعية البر بالمنطقة الشرقية- أن العديد من البنوك والمصارف تتعاون مع الجمعيات الخيرية الرسمية من قبل وزارة "الشؤون الاجتماعية"، من خلال فتح حساب لاستقبال تبرعات المحسنين؛ كونه أسهل وأيسر وأضمن للمتبرع، منوهاً أن العديد من الجمعيات عمدوا إلى وضع رقم حساب بنكي موحد في جميع أو معظم المصارف البنكية؛ للتسهيل على المتبرع وعلى الجمعيات أيضاً. وعدّد القاضي أبرز فوائد الصدقة الالكترونية، حيث تتميز بسهولة الاستخدام، وتوفر الوقت والجهد، إضافة إلى تقليل تكاليف جمع التبرعات التي تتكفل بها الجمعيات، متوقعاً أن تتم الإفادة من قواعد البيانات لدى البنوك، إلى جانب إتاحة فرصة التبرع لشريحة أكبر من المتبرعين، والتقليل من مخاطر حمل النقود من الجمعيات الخيرية إلى البنوك، وتقليل الازدحام في البنوك، وبالتالي تخفيف الأعباء عن كاهل المتبرعين والعاملين في البنوك. وقال إن للصدقة إلكترونياً دوراً مهماً في ثبات الموارد المالية لدى الجمعيات من خلال الاستقطاع الدائم، إذ تضمن بعض الجمعيات موارد ثابتة لمدة معينة تغطي مصاريفها واحتياجاتها عبر الاستقطاع الشهري من المتبرع، داعياً إلى الإفادة من الخدمات المصرفية الالكترونية لتنمية الموارد المالية للجهات الخيرية وتحفيز الجهات المستفيدة لاستخدامها ونشرها وفق المتطلبات الأمنية. وسيلة آمنة وأشاد الشيخ "نايف الهدي" -مدير مركز حي الحزام الذهبي بالخبر للتنمية الاجتماعية- بتوجه عدد من الجمعيات الخيرية نحو الاستفادة من تقنية الاتصالات والمعلومات التي سهلت الكثير من الأعمال ووفرت الوقت والجهد في كثير من المجالات خصوصاً في المجالين الخيري والاجتماعي، حيث أصبح التحويل النقدي والإيداع لهذه الجمعيات والمراكز الاجتماعية يتم بطريقة آلية سريعة تتجاوز المكان والزمان بأمان وثقة، مما ساهم في بناء علاقة تعاونية وتكاملية بين أفراد المجتمع والجهات الخيرية والبنوك، موضحاً أن الصدقة الالكترونية أصبحت من الوسائل المُثلى لجمع التبرعات، وذلك فيما يتحقق من خلالها من أموال كبيرة تصب في مصلحة الجمعيات الخيرية. ودعا إلى التأكد من هوية ومصداقية تلك الجمعيات التي تظهر إعلاناتها في مواقع "النت" أو عبر قنوات غير رسمية لطلب تبرع عبر التحويل إلى جهات غير معروفة ومعلومة، نظراً لأن البعض يستغل حب الناس للعمل الخيري والإقبال على التبرع خاصة في مواسم العمرة والحج ورمضان، ليبثوا أرقام حسابات بنكية يحصدون من خلالها ملايين الريالات. تنظيم عمل وبيّن الشيخ "رياض الهويمل" -مدير مكتب الدعوة والارشاد وتوعية الجاليات بالراكة- أن الصدقة من قبل المتبرع عبر التحويل إلى حساب الجمعية الخيرية فيه ضمان لسير الأموال، إلى جانب إمكانية رقابة تلك الأموال من قبل الجهات المختصة، مضيفاً أن ايداع تلك الاموال وصرفها من الحسابات البنكية فيه ضمان لتنظيم العمل الخيري من الناحية المالية وإغلاق المنفذ أمام من يشكك في طرق الصرف، منوهاً أن الجهات الرسمية تتابع بشكل مستمر ودقيق لحسابات الجمعيات عبر محاسبين قانونيين. وعن أثر الصدقة الالكترونية في زيادة مداخيل تلك الجمعيات؛ قال إن الخدمات المصرفية تساهم في زيادة كبيرة للتبرعات الخيرية، وذلك عبر العديد من البرامج الخيرية التي تطرحها الجمعية من الاستقطاع الشهري أو التبرع في الحساب الموحد، وذلك لسهولة التبرع وعدم تكلف المتبرع بالذهاب إلى مقر الجمعية للتبرع، حاثاً المتبرعين بالتبرع عبر الخدمات المصرفية للجمعيات الرسمية لمزيد من الأمان والدقة وسهولة وصول صدقة المتبرع إلى أصحابها. نايف الهدي د.عبدالله القاضي عثمان القاسم