كفلت المادة (26) من السياسة الإعلامية حرية التعبير في وسائل الإعلام، على أن تكون ضمن الأهداف والقيم الإسلامية والوطنية، وسبق أن قال خادم الحرمين الشريفين ( الملك عبد الله بن عبد العزيز ) : «إنني أنتقد نفسي بنفسي إلى حد القسوة المرهقة» ويرحب الأمير سلمان بن عبد العزيز ( ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع) بالنقد، كما سبق أن قال وزير الثقافة والإعلام (د. عبد العزيز خوجة): «انتقدوني وانتقدوا أداء وزارتي» كل هؤلاء المسؤولين الكبار، لا يجدون غضاضة من النقد، مادام يتوخى مصلحة الوطن والمواطن. ما المناسبة التي أذكر فيها بهذه القيمة (النقد ) ؟ يتردد أن مؤسسة إعلامية ترفض نشر نقد لمؤسسة حكومية لها علاقة مباشِرة بالتنمية، وربط أجزاء المناطق بعضها ببعض، بحجة أنها مرتبطة معها بعقد إعلاني، والخشية أن يؤثر نشر النقد سلبا على علاقتها بالمؤسسة الحكومية. إن كان هذا صحيا وأرجو ألا يكون فإنه تعطيل للمادة ( 26) من السياسة الإعلامية، وعدم اتخاذ كلام المسؤولين، قدوة حسنة في تقبل النقد، والترحيب به، مع أنه أحد وسائل الإصلاح الاجتماعي والإداري، ومعالجة الخلل، ومواطِن القصور في أداء أي مؤسسة حكومية أو خاصة، مادام النقد لا يمس أشخاصا بعينهم، ولا يسيء إلى أحد منهم، بل في حدود الآداب والقيم المرعية، ووفق ضوابط لا يمكن الخروج عنها أو عليها. لا أتصور مؤسسة حكومية، تشطب بجرة قلم عقدا أبرمته مع مؤسسة إعلامية، لمجرد أنها انتقدت أداءها، ولا يجوز لها أن ترفض هذا النقد، لو فعلت ذلك لأضحت هي الخاسرة، إذ كيف تصلح خللا ما، أو تعالج خطأ ما، أو تتعرف على مكامن الضعف والقوة في أدائها، إذا لم تتقبل النقد، وتوقن أنه سبيل لحملها على معالجة مكامن الضعف في أدائها. الأخطر لو اتسع نطاق رفض النقد الموضوعي البناء، والأخطر أن تقتدي بعض المؤسسات الحكومية بالتوجه الخطير لتلك المؤسسة. أقول: إن كان هذا صحيحا فهل يعني ذلك أن تقفل المؤسسات الإعلامية أبوابها عن النقد الموضوعي، وتكمم أفواه المنتقدين، وقد وجهت على سبيل المثال لأداء وزارة الصحة، والثقافة والإعلام، والتربية والتعليم، والعدل، والمياه والكهرباء ؟ كل هذه الجهات وغيرها تتقبل النقد، ولا يثير في أنفسها شيئا، ولا يفهم على أنه رمز للهيمنة، أو التسلط، ولا يثير روح الكراهية. فاكس: 014543856 [email protected]