عندما كتبت منتقدا أداء أمانة مدينة جدة سألني أحدهم: «أيش بينك وبين المهندس هاني أبو راس؟» وحين انتقدت أداء صحة جدة سألني طبيب: «أيش بينك وبين الدكتور سامي باداوود؟» وعندما انتقدت المسلسلات التلفزيونية الرمضانية سألني أحد الممثلين: «أيش بينك وبين طاش ما طاش؟» وعندما كنت عضوا في مجلس الشورى وانتقدت لجنة الشؤون الأمنية سألني أحدهم: «أيش بينك وبين اللواء متقاعد عبد القادر كمال ؟» (رئيس اللجنة آنذاك) والسؤال نفسه كان يطرح عندما انتقدت أداء الطيران المدني، والخطوط السعودية، وأمانة العاصمة المقدسة، والتجار، وبلدية عنيزة، وكتاب العدل. بعد كل سؤال أتساءل: ألهذا الحد بلغ مفهوم النقد؟ كيف يفسر أحدهم نقد أدائه على أنه نيْل منه شخصيا؟ وإساءة بالغة إليه شخصيا؟ وانتقاص من ثقله ووزنه شخصيا؟ وتآمر عليه شخصيا؟ ولكم حزنت على من رفض استقبال الناقد!! ووصفه بأنه تافه.!! في مجتمع يسوده الحوار الوطني، وإصلاح القضاء، ومكافحة الفساد، وحرية التعبير المسؤولة والمنضبطة، لا بد أن يتغير مفهوم النقد، ينبغي أن لا يفسر على أنه إهانة شخصية، وبخاصة إذا كان النقد موضوعيا، فهو أداة إصلاح، واكتشاف لمكامن الخلل، و«رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي» وأي علاقة بين الناقد والمنقود ينبغي أن تعيد الاعتبار لثقافة النقد، وتحريرها من التأويلات، والتفسيرات، والأوهام، والتعجب، والاستغراب، ونظرية المؤامرة، والإنسان الذي يتقبل النقد، هو إنسان عاقل، متزن، متصالح مع نفسه، وليس كل من انتقد له مصالح خاصة، هذه مفاهيم ينبغي أن تتغير، ونقد أداء المسؤولين عن المؤسسات التي يديرونها، يصب في مصلحة الوطن والمواطن، وينبع من وعي جماعي منسجم ومنظم، وإلا تصبح كلمة «النقد» فارغة من مضمونها الأخلاقي الإصلاحي، ورجسا من عمل الشيطان، وعنوانا للخطيئة. عندما لا يفهم النقد على هذا النحو، ويصبح التجاوب معه استراتيجية مجتمعية حضارية، تختفي إلى الأبد «أيش بينك وبين عبد القادر كمال»!!. [email protected] فاكس: 014543856 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة