أثار الظهور المكثف لرموز الحزب الوطني المنحل في المشهد السياسي جدلا كبيرا، حول مغزى ونتائج هذا الظهور، خاصة بعد تدشين «جبهة مصر بلدي» التي أسسها المفتي الأسبق علي جمعة، اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية السابق، قدري أبو حسين، نائب محافظ القاهرة الأسبق، أمين عام الحزب الوطني في محافظة سوهاج، الكاتب الصحافي مصطفى بكري، والبرلماني الدكتور مصطفى الفقي. وتجلت مخاوف الشارع المصري من عودة هذه الرموز، بعدما تم الإعلان عن تأسيس التحالفات والائتلافات بين رموز ورجال هذا الحزب تحت مظلة «تحالف نواب الشعب» ويضم أكثر من 230 نائبا برلمانيا سابقا إلى جانب 200 من قيادات المجالس المحلية السابقين، وقد أجرى هذا التحالف مفاوضات مع «جبهة مصر بلدي» ومع حزب الحركة الوطنية برئاسة الفريق أحمد شفيق، حزب السادات الديمقراطي برئاسة عفت السادات، حزب الإصلاح والتنمية برئاسة محمد أنور السادات، وحزب المواطن المصري من أجل التنسيق في الانتخابات البرلمانية. أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس د. جمال زهران، اعتبر أن «جبهة مصر بلدي»، وسيلة لإحياء بقايا الحزب الوطني المنحل، وغسل سمعتهم بدعوى إنقاذ البلاد، ودعم ترشح الفريق السيسي للرئاسة باعتباره رمزا وطنيا. وقال إن الشعب سيرفض هذه الجبهة، معتبرا أن وجودهم لا يتسق مع أهداف 30 يونيو. وشدد على ضرورة منع رموز الحزب الوطني من الظهور مرة أخرى على الفضائيات، حتى لا يهيئوا المواطنين للقبول بعودتهم مجددا. وقسم رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي د. محمد أبو الغار، أعضاء الحزب الوطني إلى فريقين، أحدهما لم يرتكب جرائم ومن حقه المشاركة في العمل العام، والآخر فاسد ومحسوب على رموز النظام الأسبق وهؤلاء يجب رفض وجودهم، مشيرا إلى صعوبة العزل السياسي قانونيا ودستوريا. ويتفق معه في الرأي القيادي في جبهة الإنقاذ د. وحيد عبد المجيد، مؤكدا حق أي مواطن في العمل السياسي طالما أن ساحته بريئة من أي اتهام قانوني، ورأى أن إقصاء أي شخص لمجرد انتمائه للحزب الوطني فكرة ليست منطقية. وقال إن كل من يريد الترشح للانتخابات فليفعل والحكم عليه هو للشعب. على الجانب الآخر، يرى القيادي في حزب الكرامة أمين إسكندر، أن عودة رجال الحزب الوطني عبر الانتخابات البرلمانية بالنظام الفردي يمكن أن يعيدهم مرة أخرى للسيطرة على البرلمان مجددا، وهو ما يمثل انحرافا عن ثورة المصريين ضد نظام مبارك ورجاله. من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأسكندرية الدكتور عصام عبد الشافي، أن غياب قوانين تعزل الفلول من العودة للحياة السياسية يفتح الباب للساحة السياسية خاصة الصف الثاني والثالث، متوقعا عودة قيادات الصف الأول من خلال انضمامهم لبعض الأحزاب التي يمكن أن تستفيد من ثرواتهم ونفوذهم. وذهب رئيس الحزب الاشتراكي المصري أحمد بهاء الدين شعبان، إلى اعتبار وجود رموز الوطني المنحل أحد المشكلات الرئيسة التي تواجه ثورة 30 يونيو، محذرا من عودتهم عبر بوابة البرلمان، وما يترتب عليه من غضب شعبي يفضي إلى موجة ثورية ثالثة. بينما حذر القيادي في جهة الإنقاذ أحمد دراج، من عودة الفلول للشارع السياسي، معتبرا أن وجودهم يؤدي إلى تسميم المشهد، لأنهم يحاولون استثمار حالة ضعف تماسك القوى الثورية والسياسية لصالحهم ليقودوا البلاد مجددا بما يملكون من مال وباستغلالهم أمية الشعب.