باتت مكاتب الضمان الاجتماعي في بعض المدن تعبر عن الحالة الواقعية للمستفيدين والمستفيدات الذين يعتبرون أن الشكل غير المناسب يكشف عن قلة الدعم من ناحية وسوء المعاملة من ناحية أخرى. وإذا كانت بعض المدن تتعطش إلى فتح مكاتب ضمان لها، يصف بعض المستفيدين والمستفيدات حال المكاتب القائمة في مدنهم بأنه «يحتاج إلى ضمان»، فمن غير المعقول أن تنتظر المستفيدات تحت أشعة الشمس، أو من غير المعقول أن يتوقفن في العراء في البرد، ومن غير الملائم أن يطول الانتظار بسبب قلة الموظفات أو جهل بعضهن بالتعليمات والأنظمة التي لم توضع إلا لصالح المستفيدات لأنهن في أمس الحاجة لكل ريال دعم، فضلا عن حاجتهن الماسة لكل معاملة حسنة. في مكتب الضمان الاجتماعي النسوي بالمدينةالمنورة، ربما يغني المشهد عن واقع السؤال، فالنفايات تتقاذف هنا وهناك، ولا أحد يتدخل للنظافة، فيما المستفيدات مضطرات للبقاء وسط هذا الواقع المؤسف. تقول هيلة الرشيدي: نجلس بالساعات في مكتب الضمان وتحل علينا صلاة الظهر ونحتاج لمصلى فمنا كبيرات لا تستطعن الوقوف لأداء الصلاة ولا نعلم في أي جهة القبلة فوجود مصلى شيء أساسي، ونحتاج لشرب الماء لأن المبنى في حي سكني وصعب علينا الخروج لشراء الماء، فوضعوا لنا «برادة» خارج المكتب في فناء مليء بالقاذورات وجعل مواقف للسيارات وتحت لهيب الشمس فمن ستشرب منها؟ كيف ينظرون لهؤلاء المراجعات للمكتب؟ نحن لم نأت إلا بسبب ظروفنا القهرية وهم يتعاملون معنا بهذه المناظر التي لا ترضي أحدا، وإذا كان المكتب نسائيا بحتا فلمن تلك السيارات التي تزاحم المبنى، والبرادة بلا أكواب وكأنهم يقولون لنا اشربوا بطريقتكم، والفناء قاذورات من كل الأنواع وبكل ثقة يضعون كراسي لنا للانتظار عليها وشبه مظلة فقط لتظلل السيارات الموجودة في فناء مكتب الضمان فما فوق رؤوسنا مكشوف لولا وجود الجدار وظله فقط. وتعيب مستفيدات الطريقة التي تتم بها مخاطبتهن داخل الصالات من قبل الموظفات، حيث أكدن أنهن يعاملنهن بقسوة دون مبرر، رغم أنهن يجهلن الأنظمة، ويجب أن تتلقى الموظفات دورات في التعامل مع الجمهور. وتناست المستفيدة رشيدة (أرملة) معاناتها من حسومات الضمان التي لا تعرف مبررا لها، وبات ألمها من المعاملة التي تتلقاها من بعض الموظفات داخل المكتب، وتقول: ذهبت لأروي لهن ما يحدث من حسومات بلا مبرر، لكنهن لا يصدقن ما أقول، وتقول لي الموظفة راجعي البنك، سألتها وما دوركن إذا أنا أراجع البنك، لأنهم لن يخصموا علي، فلست مدينة لهم، بل الضمان هو من يودع المبالغ، وطلبت منها التأكد من المبلغ الذي تم إيداعه لي، حيث أتقاضى من الضمان ما يقارب 2000 ريال راتبا بعد وفاة زوجي الذي كان يستلم 4900 ريال وبعد وفاته تقلص مبلغ الألفي ريال، لأتسلم هذا الشهر 1600 ريال فقط، ولا اعلم أين ذهبت ال400 ريال المخصومة، علما أني أعيش لوحدي ومريضة واصرف منها على أدويتي. وتضيف: راجعت الموظفات لأنقل لهن معاناتي من الاستقطاع غير المعروف، لكنهن يصررن على أنه لا حسومات، مشيرات إلى أنه ربما تم سحب المبلغ من الصراف وليس حسمه، لكنني أكدت لهن أنه تم الحسم وليس السحب حيث إن الاستفسار عن الرصيد يكشف السحوبات، كما أن ابنة أختي حسم من مخصصاتها أيضا فهي تتقاضى 880 ريالا، لأنها مطلقة لكن ما يودع لها لا يزيد على 550 ريالا، فأين بقية المبلغ؟ وأشارت إلى أنها وبقية المستفيدات مريضات وكبيرات في السن، ولا يتحملن طول الانتظار ولا التوقف طويلا، وفي النهاية لا يجدن حلولا لمشاكلهن ومعاناتهن، فلماذا الانتظار في طوابير لساعات فيما الموظفات يؤكدن أنه لا حلول عندهن، أو أن النظام معطل، وإذا طلبنا منهن رفع معاناتنا يدويا لحلها بدلا من التردد كثيرا على المكتب لا نجد الرد بل السخرية على حديثنا فهل يليق بنا ذلك. ولا يختلف حال المستفيدة مديحة الساعدي في ما تعتبره سوء المعاملة، وعدم الحصول على إجابات واضحة من الموظفات، حيث تشير إلى أن والدها رحمه الله كان يتقاضى من الضمان مبلغ 4850 ريالا وبعد وفاته قسم لنا مخصصاته في صرافة خاصة بكل واحدة منا، وينزل في حسابي 360 ريالا شهريا وأحيانا تنزل فقط 275 ولا اعلم لماذا، فأنا لا اعمل ولست متزوجة وأنا من تذهب للصرافة لسحب المبلغ وجئت لمكتب الضمان ولكن لا فائدة ترجى، فالموظفات أغلبهن لا تعلم بالقوانين والضوابط وكأنهن وظفن بلا تأهيل، ولا تأخذ منهن إجابة وافية للمشكلة سوى أنها تستعين بالأخرى لتجيب المستفيدة عن مشكلتها، ونبقى نحن في شتات من هي التي أفادتنا، هل من نحن واقفات في شباكها أم التي تبعد عنها بمسافات وعلى مكتب، حقيقة نحن نعاني من شتات الأمر في مكتب الضمان فلا نخرج بمعلومة مفيدة وبالتالي توكل الأمر لمكتب الرجال وتقول اجعلي ولي أمرك يراجع هناك أو راجعي البنك. وكذلك الحال ينطبق على معاناة المستفيدة ع. الجهني مطلقة فتقول: لدي بنت وجئت من عملي الخاص لمتابعة وضع ابنتي وعملي لم يسمح لي الا بساعة فقط وجئت للموظفة برقمي وطلبت منها انهاء معاملتي قبل ان تنتهي الساعة ولكنها «طنشت» وضعي وقالت انتظري أو عاودي المجيء غدا، لماذا لا يكون هناك تقدير لظروفنا ولماذا ينظر لنا من قبل الموظفات بأننا جئنا «نشحذ» منهن وهن من وظفن لأجلنا ولخدمتنا فمنا من جار عليها الزمن وتعرضت لظروف جبرتها على المجيء لهذا المكان رغم سوء التقدير من قبل البعض وتجاهل البعض لظروفنا ولم تسمع مني وانتهت الساعة المخصصة لي من قبل عملي وعدت «بخفي حنين» لم أنجز ما خرجت لأجله فالموظفة تعنتت في انهاء امري وطلبت مني المجيء في اليوم التالي! وهي قادرة على انهاء الأمر ولكن حب الاستبداد كان سيد الموقف ولو على ظروفنا فما نطلبه منهن هو الشعور بوضعنا والمعاملة الحسنة وتفهم ظروفنا فنحن نساء مثلكن الفرق هو بنوع ظروفنا. الداعية غادة: راعوا ظروف كبر سنهن والأمية والحاجة أكدت الداعية غادة إدريس أنه لا بد من حسن التعامل مع النساء في مقر العمل الخاص بكل موظفة أيا كان عملها فالدين المعاملة، وكان خير البشر على حسن خلق وكان خلقه القرآن. وأوضحت أنه بالنظر لظروف النساء المراجعات لمكتب الضمان فلا بد من مراعاة الموظفات لأشياء كثيرة منها كبر سن البعض ومرضه أو الأمية أو اختلاف اللهجات أو الظروف القهرية ولا بد من التعامل مع كل فئة حسب فهمها ونوع طلبها. وأشارت إلى أنه في ما يخص المكان فلا بد من مراعاة مشاعر أولئك النساء ولا ينبغي التهميش لهن فهن ما جئن لهذا المكان إلا لحاجة يقتضيها الموقف ولولا الحاجة الماسة لما أتين، فلا بد من النظر في المكان المخصص لهن وتوفير احتياجاتهن وخلق مكان مريح لهن قبل الموظفات فكل مسؤول مطالب بالنظر في وضعهن وتقوى الله قبل كل شيء في التعامل معهن.