هن من المستضعفات في الأرض، ملامحهن يكسوها البؤس وإن وجدن قوت يومهن قد لا يجدن قوت الغد، أنموذج مصغر لكثير من الفئات المشمولة بمخصصات الضمان الاجتماعي، وجدنا إحداهن تبكي بحرقة وتشتكي سوء المعاملة والاخرى تعاني من كثرة المواعيد لاستخراج بطاقة الصراف الآلي المخصصة للضمان، فئات تحتاج للالتفات لهن وسماع مطالبهن، التي لا تتعدى توفير الخدمة وتسهيل حصولهن على ما منح لهن من وزارة الشؤون الاجتماعية مع الحفاظ على كرامتهن من التجريح. وتتفاقم معاناة هؤلاء عندما يعلمن عن تقديم برامج عديدة للمستحقات لكنهن لا يعلمن عنها شيئا سوى من الصحف. بداية توجهنا إلى بعض المراجعات اللاتي كن متكدسات امام المدخل الضيق للمكتب، حيث لا يدخلن إلا بعد تسليم جوالتهن المزودة بكاميرا، ومن ثم الحصول على رقم للوقوف في قائمة الانتظار فكانت مطالبهن تتلخص في وجود مبنى أكبر مساحة ليتسع للمراجعات وتزويده بكراسي للجلوس، خاصة أن اكثر المستفيدات من كبيرات السن، مؤكدات ان بعض الموظفات غليظات في التعامل مع الأمهات. تقول ام ماجد: انا من الفئات المشمولة بالضمان الاجتماعي منذ اربع سنوات وكنت احصل على دعم تسديد جزء من فاتورة الكهرباء، ولكن من ثلاثة أشهر توقف رغم أن المخصص الشهري لازال كما هو، لذلك تراكمت الفاتورة حتى وصلت الى 518 ريالا في ثلاثة أشهر ولا أستطيع تسديد هذا المبلغ وعند مراجعتي للمكتب قالت الموظفة: انتظري وسيأتيك الدعم بعد ثلاثة اشهر. انتقلنا الى مواطنة اخرى تدعى ام وحيد تقول: أتيت للبحث عن إعانة فأنا مهجورة وزوجي عاطل تركني و4 أبناء بلا عائل، ومنذ 4 سنوات أسجل طلب معونة لي ولأبنائي، ولكن لا جدوى، وأخبروني أن هناك بطاقات شرائية للفئات الفقيرة ولم نجد جوابًا، مشيرة الى ان بعض الموظفات يتعاملن معنا بفوقية وتعالٍ ولكنها الظروف التى أجبرتنا على ذلك. وقالت إحدى الامهات: أتيت لاستلام شيك الاعانة، وأخبرتني الموظفة أن تاريخ الصرف مضى عليه الكثير ووعدوني بتغييره علمًا بأن ارقام هواتفنا مسجلة بالملف الموجود لديهم وانا ارملة كبيرة في السن واعاني من كثرة المواعيد. وهذه أم أخرى متضجرة من تقليص مخصصها الضماني من 840 ريالا الى 600 ريال فقط وتقول: بعد وفاة ابني تقلص المبلغ المخصص إلى 600 ريال بحجة ان هناك راتبا تقاعديا لابني المتوفى رغم أن راتبه لابنائه وزوجته الذين لا يملكون سواه وأنا أسكن في بيت بمفردي واعتمد على مخصصات الضمان وعند حضوري للمكتب النسوي لم أجد إجابة من الموظفات فقط اكتفين بعبارة هذا النظام. وكانت أخرى مستاءة جدًا من ضيق المبنى ووجود مصعد واحد فقط لخدمة المراجعات وتقول هذه الأم: نعاني من وجود موظفة واحدة في الاستقبال، مما يجعلنا نقف لفترات طويلة لكي نحصل على رقم أو موعد وأنا لي شهر أراجع على موعد لي وموعد آخر لوالدتي الارملة و لا أعرف شيئًا عن خدمات الضمان الاجتماعي سوى المخصصات الشهرية. وتقول تلك الأم أن أكثر ما يجعلنا مستاءات هو تأخير منح الشيكات المخصصة للإعانات. غياب التقدير وتنتقد عبير إحدى المراجعات غياب تقدير الكبيرات، مما أدى إلى جلوس البعض منهن على الارض، وتساءلت ما الذى يمنع الموظفة ان تعامل الامهات بأسلوب مرح نوعًا فهن أمهاتنا ولم يأتين إلى هنا إلا لحاجة ماسة. وهذه الام تقول ان زوجها يعاني من حالة نفسية ولديه تقارير من المستشفى توضح حالته، اذ لا يستطيع مراجعة القسم الرجالي، وقد راجعت القسم النسوي لطلب الإعانة المقطوعة لأسرتي فقالوا لا بد ان يكون الطلب من الزوج ويقدم لقسم الرجال دون النظر إلى معاناته. وهذه مطلقة في عقدها الثالث من العمر تقول انها تعول 9 اطفال بعد ان تخلى والدهم عنهم ولديها صك إعالة، وقد اضطرت للغياب من مدرستها الثانوية لمراجعة المكتب لتجديد بطاقة الصرف، ولكن رفضوا كما تقول مقابلتها بحجة ان الموظفات يأتين من جدة ومنعتهن الامطار من الدوام. واضافت ان تعطيل البطاقة يعني تراكم الديون عليها مطالبة بحلول عملية ومراقبة اداء الموظفات. وتلتقط الحديث اخرى قائلة: لدينا مواعيد وإن لم نقابل الموظفات اليوم سنضطر الى الانتظار الى ان يحدد لنا مواعيد اخرى رغم وجود أخريات بالمكتب ولكن اعتذرن عن عدم خدمتنا بحجة ان اليوم امطار وهذا السبب غير مقنع. الحقيبة المدرسية والبطاقات الشرائية وتتساءل ام سالم: ألسنَ موظفات ولديهن أمانة موكلة إليهن، ثم أين خدمات الضمان الاخرى التي نسمع عنها ولا نراها كالحقيبة المدرسية والبطاقات الشرائية فنحن لا يوفر لنا من خدمات الضمان سوى المخصصات الشهرية وتسديد جزء من فاتورة الكهرباء فقط. وعند مغادرة المبنى لحقت بنا سيدة مسنة وأخذت تتحدث والدموع تغالبها تقول: إن بطاقة الصراف الممنوحة لها من الضمان انتهت صلاحيتها فأتت للتجديد ووجدت معاملة سيئة من بعض الموظفات على حد قولها، مضيفة أنهن يتلفظن بألفاظ جارحة على المراجعات ومنها (انتبهي رقبتك لا تنكسر وانتي بتطالعي فيه.. روحي اجلسي زي الباقين في السِرة)، بالاضافة الى انشغالهن بالاكل والشرب والتحدث في الجوالات لفترة طويلة وعند مراجعتي للمكتب أخبرت الموظفة ان البطاقة منتهية بحسب ما يظهر لي في مكينة الصرف الآلي فقالت: ليست منتهية ارجعي للصراف وعدت مرة اخرى ووجدت ان البطاقة منتهية فعلًا وعدت الى المكتب مرة اخرى فقامت الموظفة بايقاف البطاقة وصرف اخرى بديلة وبعد أربعة اسابيع استلمت البطاقة الجديدة ووجدتها غير صالحة للاستخدام فاستعنت بموظف البنك فقال: هذه البطاقة فيها خطأ لا بد ان تراجعي مكتب الضمان الاجتماعي فعدت لهن وكانت الموظفة تصر على رأيها ان البطاقة شغالة وعند إصراري على موقفي أتت إحداهن بملف كبير وأخذت بصمتي وقامت بتشغيل البطاقة. وأضافت إننا نلقى معاملة غير ادمية في الفرع النسوي. ------------------------ مديرة المكتب: إساءة المعاملة حالات نادرة بسبب الضغط اليومي وضيق المبنى من جهتها نفت منى القحطاني مديرة مكتب الضمان الاجتماعي النسوي بمكة المكرمة أن يكون هناك أي سوء معاملة من جانب العاملات بالمكتب تجاه المستفيدات، وإذ حدث ما يسيء فهو نادر، وقد يعود ذلك إلى الضغط اليومي للمراجعات وضيق المبني. وقدرت عدد المراجعات يوميا ما بين 500 و600 مراجعة ويزداد العدد أحيانا في حال انتشار شائعات لمساعدات جديدة، مشيرة إلى أن عدد الباحثات لا يتجاوز 15 باحثة فى المكتب وحملت القحطاني المستفيدات السبب في ذلك لعدم الالتزام بالمواعيد المسبقة. وقالت إن الاولوية لتقديم خدمة ضمانية جيدة لمستفيدات المكتب، مشيرة إلى أن كبيرات السن يحظين باهتمام ورعاية اكبر من غيرهن وأحيانا تقدم لهن الخدمة وهن في سياراتهن وإذا تعذر حضورهن للمكتب لسبب ما فإن الباحثات يذهبن لمنازلهن لتقديم الخدمة بما لا يمس كرامتهن. وأضافت ان مكتب الضمان الاجتماعي النسوي بمكة المكرمة يقدم خدمات ومساعدات منها المعاش الضماني للمستحقات من الأرامل والمطلقات والمهجورات وأسر السجناء والأيتام ومن لا عائل لها والمساعدات المقطوعة لمن يتضح بعد دراسة حالتها استحقاقها للمساعدة ودعم فواتير الكهرباء بحسب عدد أفراد الأسرة والحقيبة والزى المدرسي مرتين فى السنة للطلبة والطالبات من أبناء مستفيدي ومستفيدات الضمان الاجتماعي وبرنامج المساعدات النقدية لأجل الغذاء، حيث يتم إيداع مبلغ معين كل شهر بحسب عدد أفراد الأسر المستفيدة من الضمان. وأشارت إلى تقديم برامج دعم المشاريع الإنتاجية لتحسين المستوى الاقتصادي للأسر الفقيرة المحتاجة للمساعدة وإيجاد فرص عمل للأسرة القادرة على العمل والإنتاج بحيث يقدم دعم مالي قد يصل إلى 30 ألف ريال لمن هي قادرة من المستفيدات أو احدى المشمولات معها لعمل مشروع خاص بها وبرنامج الفرش والتأثيث لتحسين ظروف مساكن المستفيدات وفق ضابط معينة. أما برنامجي ترميم المنازل والتأمين الصحي فهما على وشك التنفيذ عدا برنامج الدعم التكميلي فهو خاص بالرجال.