رغم رفض الجامعة العربية المقترحات الأمريكية التي عرضها جون كيري على الرئيس أبو مازن مؤخرا، والتي تسمح بتمركز جنود إسرائيليين على الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية، إلا أن رئيس الدبلوماسية الأمريكية، مصر على العودة مجددا للمنطقة في أول يوم من أيام العام الجديد، وفي زيارة عاشرة له إلى إسرائيل والضفة الغربية منذ مارس، لإجراء محادثات جديدة- قديمة لإطلاق مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفق منهجية الوسيط الأمريكي غير النزيه، وبحسب الرؤية الإسرائيلية التي لا تؤمن إلا بيهودية الدولة وقمع وقتل الشعب الفلسطيني. كيري الذي فشل في جولته التي قام بها في ديسمبر الماضي في إحداث اختراق إيجابي على مسار العملية السلمية والتوصل إلى «اتفاق إطار» يحدد الخطوط العريضة لحل نهائي بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بسبب استمرار ضغوطه على الجانب الفلسطيني الذي ما يزال متشبث بضرورة تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة وإقامة دولته وعاصمتها القدس، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على صدور الفلسطينيين، وإصراره على دعم تل أبيب في رؤيتها المنقوصة إزاء السلام. أما الدول العربية التي دعمت الموقف الفلسطيني في رفضه للمقترحات الأمنية الأمريكية، فإنها تؤمن بضرورة أن يكون حل القضية الفلسطينية وفق استحقاقات السلام والمرجعيات وقرارات الشرعية الدولية، وليس عبر الرؤية الإسرائيلية الضيقة والمتعجرفة إزاء السلام المنقوص. والقرار الذي حظي بإجماع عربي في اجتماع القاهرة مؤخرا، تضمن انتقادات لاذعة للاقتراحات الأمنية الأمريكية، حيث أكدت الدول العربية أن هذه الاقتراحات تحقق المطالب الأمنية الإسرائيلية التوسعية، وتضمن استمرار سيطرتها على منطقة الأغوار بحجة الأمن الإسرائيلي. كما أن الدول العربية وصفت هذه المقترحات بأنها تراجع أمريكي عن مواقف سابقة، للتوصل إلى حل نهائي وشامل وعادل يعيد للفلسطينيين حقوقهم المشروعة. وعلى الفلسطينيين الذين يدخلون العام الجديد، التمسك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، والتأكيد على الثوابت الفلسطينية المشروعة. أما رعاة المفاوضات والاتحاد الأوروبي، عليهم أن يتحركوا ويخرجوا من العباءة الأمريكية ويلزموا الحكومة الإسرائيلية بوقف كافة الأنشطة الاستيطانية، ومنح عملية المفاوضات الفرصة للوصول إلى تحقيق تسوية نهائية لقضايا الوضع الدائم، بما يشمل القدس والحدود والمستوطنات واللاجئين والمياه، والإفراج عن الأسرى بدون استثناء لكي يعم السلام المنطقة.