ثنائية رونالدو تقود النصر للفوز على ضمك    القادسية يهزم الخليج في «الوقت القاتل» برأسية العثمان    ضبط إثيوبي في عسير لتهريبه (67800) قرص خاضع لنظام التداول الطبي    الجيش السوري يستعيد السيطرة على مواقع بريفي حلب وإدلب    ابن مشيعل يحصل على درجة الدكتوراة    «هيئة النقل» تؤكد منع عمل الشاحنات الأجنبية المخالفة للنقل بين مدن المملكة    السعودية تتسلّم مواطنًا مطلوبًا دوليًا في قضايا فساد مالي وإداري من روسيا الاتحادية    خطيب المسجد النبوي: السجود ملجأ إلى الله وعلاج للقلوب وتفريج للهموم    والد الأديب سهم الدعجاني في ذمة الله    «الأونروا»: أعنف قصف على غزة منذ الحرب العالمية الثانية    الشؤون الإسلامية تطلق الدورة التأهلية لمنسوبي المساجد    وكيل إمارة جازان للشؤون الأمنية يفتتح البرنامج الدعوي "المخدرات عدو التنمية"    خطيب المسجد الحرام: أعظمِ أعمالِ البِرِّ أن يترُكَ العبدُ خلفَه ذُرّيَّة صالحة مباركة    وزارة الرياضة تُعلن تفاصيل النسخة السادسة من رالي داكار السعودية 2025    المياه الوطنية و sirar by stcيتفقان على تعزيز شبكة التكنولوجيا التشغيلية في البنية التحتية لقطاع المياه    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    مطربة «مغمورة» تستعين بعصابة لخطف زوجها!    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    «كورونا» يُحارب السرطان.. أبحاث تكشف علاجاً واعداً    ساعتك البيولوجية.. كيف يتأقلم جسمك مع تغير الوقت؟    مرآة السماء    ذوو الاحتياجات الخاصة    الاتحاد السعودي للملاحة الشراعية يستضيف سباق تحدي اليخوت العالمي    العروبة يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    قيمة الهلال السوقية ضعف قيمة الأندية العربية المشاركة في المونديال    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    روضة الآمال    الرياض يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    «قمة الكويت».. الوحدة والنهضة    مملكة العطاء تكافح الفقر عالمياً    في عهد الرؤية.. المرأة السعودية تأخذ نصيبها من التنمية    هل يمكن للبشر ترجمة لغة غريبة؟ فهم الذكاء الاصطناعي هو المفتاح    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    «COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    الاستدامة المالية    بالله نحسدك على ايش؟!    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    كابوس نيشيمورا !    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يعقد اللقاء السابع عشر    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"جدة القديمة" تتوكأ بألم على عكازي "الأمانة والسياحة"
"بيوت الأفندية" مهددة بالسقوط وعبث "الوافدين"

تاريخ جدة الحضاري.. وكنزها التراثي في المنطقة التاريخية أخذ يتساقط حجراً بعد حجر وبيتاً بعد بيت ونحن ننظر ونقف مكتوفي اليدين غير قادرين على عمل شيء لمواجهة هذه المشكلة ولا نزال نحلم في كل عام بأن تفعل الأمانة شيئاً لإنقاذ هذا الكنز.. ولكن الأمانة تمطرنا في كل عام بسيل من التصريحات والوعود الجميلة للحفاظ على المنطقة التاريخية.. ولكن هذه الوعود لم تتحقق بالشكل المطلوب على أرض الواقع.
لقد فقدت جدة التاريخية خلال العام الماضي 1428ه أكثر من عشرين بيتاً تهدمت وتساقطت وأصبحت مجرد أكوام من الحجارة بعد ان نخر جسدها الاهمال.. ومنها عدد من البيوت المصنعة على الدرجة الأولى من حيث الأهمية التاريخية.
"الرياض" تناقش في هذا التحقيق البيوت التاريخية بجدة القديمة.. وقصور الاهتمام بهذه البيوت من قبل الأمانة والجهات الأخرى المعنية، وذلك بمشاركة عدد من المعنيين والمهتمين بتراث وتاريخ جدة القديمة.
نحتاج عملية إنقاذ سريعة
في البداية تحدث الدكتور سامي عنقاوي الخبير المعماري عن وضع جدة القديمة وقال: لا شك ان هناك قصوراً كبيراً في الحفاظ على بيوت جدة التاريخية رغم انه صدرت الموافقة على تسجيل جدة التاريخية في التراث العالمي.. وهذه خطوة مهمة جداً.. ما يتطلب عملاً عاجلاً للحفاظ على هذه المنطقة حتى تصبح مؤهله للتسجيل في التراث العالمي.. وهذا لا يتحقق إلاّ بالحفاظ على روح وشكل هذه المنطقة بصورته التاريخية.
وأضاف: مما يؤسف ان هناك حديثاً من قبل البعض بتحويل المنطقة إلى أبراج سكنية وعمارات اسمنتية لأن ذلك فيه ضياع لكنز ثمين لا يوجد له مثيل في المنطقة، مشيراً إلى ان اهمال هذا الكنز والتغاضي عن تهدم البيوت بيتاً بعد بيت يوحي بأن هناك بالفعل رغبة في تعرية هذه المنطقة من تاريخها والبناء على انقاضها سولودير أو مولودير كما يريد البعض الذين لا يعلمون ان مجتمع بلا تاريخ لا قيمة له.
وأشار إلى ان المطلوب بعد البدء في خطوات تسجيل جدة التاريخية ضمن التراث العالمي، ان تحدد الأسس والأصول التي يعتمد عليها الترميم السليم للمنطقة والذي يحقق سياسة الدولة وطموحات المجتمع وبما يحقق تسجيل المنطقة في التراث العالمي، لأن لليونسكو شروطاً محددة في هذا الجانب يجب الالتزام بها وهذا يتطلب ان تعتمد خطة عمل حقيقية للحفاظ على المنطقة وان تتحول الدراسات إلى تنفيذ على أرض الواقع وان نحافظ على روح المدينة بنفس الايقاع التي كانت عليه ليشاهد السياح عندما يأتون لزيارة المنطقة حضارة وحياة تجعلهم يحسون إننا "عايشون وموجودون".. ولسنا مجرد فرجة!
وجدة اليوم تحتاج إلى إنقاذ سريع من الوضع الحالي إلى الوضع المطلوب الذي يجعلها مؤهلة للتسجيل ضمن التراث العالمي.
نظرة تفاؤل
المهندس سامي صالح نوار مدير عام السياحة والثقافة بأمانة جدة قدم صورة متفائلة عما ستكون عليه جدة التاريخية وقال: عندما توليت مسؤولية الحفاظ على المنطقة التاريخية في فترة مضت تمنيت ان أعيد وضع المنطقة لما عشته وشاهدته في صغري حيث ولدت ونشأت في هذه المنطقة وعشت الكثير من نبضها وايقاعها الحياتي والاجتماعي والاقتصادي والعمراني آنذاك، مؤكداً ان الحفاظ على المنطقة التاريخية يجب ان يكون بالحفاظ على طابعها الحقيقي بكل تفاصيله ولكنني وجدت ذلك صعباً جداً ولكنه ليس مستحيلاً وصعوبته تكمن في ضعف الاعتمادات المالية التي تخصص لذلك، وكذلك اختلاف الاتجاه ما بين الطلب التجاري والاقتصادي وما بين المحافظة على التراث.
وأضاف: أنه يجب علينا ان نحافظ على تاريخ جدة المعماري الموجود حالياً، وكذلك الروح التي كانت عليها جدة في الماضي، فأنا اليوم أسكن في أحياء جدة الحديثة، وأعمل في جدة التاريخية وصدقني إنني لا أجد نفسي إلاّ في جدة التاريخية.
وأشار إلى ان صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة - رحمه الله - كان له دور كبير في حماية المنطقة التاريخية من الاندثار منذ ثمانية عشر عاماً، وذلك عن طريق مشروع الأمير ماجد الذي نفذت من خلاله الكثير من الأعمال للحفاظ على المنطقة التاريخية وبعد ذلك جاء الأمير عبدالمجيد - يرحمه الله - وأضاف على المنطقة الشيء الكثير، والآن أتوقع ان يكون الوضع أفضل بكثير من خلال اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة كما سيكون للمنطقة التاريخية مستقبل كبير من خلال اهتمام وحرص عاشق صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العليا للسياحة، وأنا متأكد حتى لو حدثت الكثير من المصاعب والمشكلات العمرانية في جدة التاريخية، إلاّ ان القادم سيحمل الكثير من المشروعات الجيدة التي ستعيد لجدة التاريخية رونقها وحيويتها وحضورها وقيمتها التاريخية.. لأنها المنطقة التاريخية الوحيدة في الخليج العربي المتكاملة.
تعاون الملاك
ويؤكد الدكتور سامي عنقاوي الخبير المعماري على ضرورة وضع آلية ملموسة للحفاظ على المنطقة التاريخية ومنع التدهور التي تعانيه، فجدة التاريخية تحتاج الآن الى إجراء عاجل وسريع لايقاف التدهور الذي تعاني منه سواء على مستوى البيوت او المنطقة ككل..
واضاف ان كل شهر يمر دون ان نبادر إلى وقف التدهور فإن ذلك سيضاعف من الأضرار التي تلحق بالبيوت والمنطقة.. مطالبا بدور أكثر للملاك في المحافظة على هذه البيوت، ومن ثم صيانتها، وبعد ذلك تحقيق المحور الشمولي للمنطقة من حيث الجانب الاجتماعي والثقافي والسياحي والاقتصادي.
وأشار الى أن ايقاف التدهور يحتاج الى قرار سريع، وميزانية كافية يتم تجديدها على ضوء الوضع الراهن للمنطقة وما تحتاجه.
مسؤولية الأمانة
وقال الدكتور عبدالله مناع الكاتب والأديب: اننا امام مشكلة حقيقية، فالأمانة تعلن حياء ربما.. خجلا ربما.. انها معنية بجدة التاريخية، وانه يهمها الحفاظ عليها، بل وتعقد اجتماعات بين الحين والآخر، ولربما حضرت اكثر من اجتماع للحفاظ على جدة التاريخية.. لكننا على الجانب الآخر، وعلى أرض الواقع لا نجد لهذا الكلام أي ترجمة عملية..
وأضاف: لقد حضرت عدة اجتماعات بوجود أشخاص معنيين بجدة التاريخية في الأمانة، وسمعنا منهم كلاما جعلنا نتوقع ان جدة التاريخية ستشهد نقلة نوعية في الاهتمام بها.. ولكن الكلام ظل كلاما... والوعود بقيت دون تنفيذ رغم مضي أكثر من ثلاثة أعوام على تلك الوعود.. ولا زالت المدينة تتآكل، ونحن نتفرج وكأن الأمر لا يعنينا!
الأمانة.. نعمل على مراحل
وعلق المهندس سامي نوار مدير الثقافة والسياحة بأمانة جدة على ما قاله الدكتور مناع بقوله: عندما بدأ تصنيف بيوت جدة التاريخية منذ سنوات مضت كان عددها (557) بيتا منها (50) بيتا درجة أولى، و(250) درجة ثانية، و(257) بيتا درجة ثالثة.. وكان ذلك التصنيف عام 1980م، حيث يعتبر هذا التصنيف انجازا للأمانة في ذلك الوقت.
واضاف: لقد مرت على المنطقة التاريخية عدة مراحل.. ومنها إنشاء ادارة لحماية المنطقة التاريخية منذ سبعة عشر عاما، حيث تحققت من خلالها العديد من الإنجازات وفي الوقت الحاضر يحرص معالي المهندس عادل فقيه أمين جدة ان لا يتخذ أي خطوة الا بعد دراسة وهناك أربع أدارات معنية بجدة التاريخية، وهذا يدلل على اهتمام الأمانة بها..
واشار الى أنه تم ترميم العديد من البيوت المهمة في جدة التاريخية وتمت حمايتها من الانهيار، مثل بيت الشربتلي والتركي والجوخدار، وهناك جهود حثيثة لتسجيل جدة ضمن التراث العالمي في اليونسكو من خلال زيارة عدد من الخبراء في اليونسكو لجدة لهذا الغرض.
وعود لا تتحقق
وقال الدكتور عبدالله مناع ردا على ما تحدث به المهندس نوار ان ما سمعته هو امتداد لوعود لا تتحقق، ربما تم في سنوات مضت ترميم بيت او بيتين او عدة بيوت.. ولكن العديد من بيوت جدة التاريخية المهمة قد تساقطت واندثرت، كما ان واقع جدة التاريخية الآن لا يعكس أي تفاؤل!!
واضاف: ان الأمانة تقول انها مهتمة بهذه المنطقة... فاذا كانت المباني تحتاج الى ميزانيات واعتمادات مالية.. ماذا عن الأرض في المنطقة التاريخية والاسفلت المليء بالحفر والتشويه، والأرصفة المكسرة، وأعمدة الانارة المتهالكة والمكسرة والأشجار التي ذبلت، ماذا عن هذا كله؟ وماذا فعلت الأمانة، لا شيء.. والحقيقة ان جدة التاريخية تتحول الى "خرابة" تحت نظر وعين الأمانة..
وأشار الى أن أهالي جدة قد ملوا هذه الوعود والكلام الاستهلاكي الذي لا يفعل شيئا، واعتقد ان القول بأن ترميم البيوت التاريخية يكلف ملايين الملايين، وان الأمانة ليست لديها هذه القدرة.. والمسألة ليست كذلك. اعتقد ان الأمانة ليس صعبا عليها ان تخصص مبلغ مائة مليون سنويا ويمكن استعادة هذه المبالغ
بالاستثمار لهذه البيوت حتى يكون هناك عائد مستمر للحفاظ على المنطقة متألقة بشكل دائم، لأننا لا نريد ان نرمم هذه البيوت ونتركها للهواء والتراب والشمس وانما نؤهلها لتصبح معارض ومطاعم وجلسات ومقاعد ومحلات للصناعات التقليدية، واعتقد انه لو توفرت مائة مليون لاستطاعت ان تصنع الشيء الكثير.
قريبا ستظهر الكثير من المشروعات
وتصدى المهندس سامي نوار مدير الثقافة والسياحة بأمانة جدة للرد على الدكتور عبدالله مناع، وقال: كن مطمئنا يا دكتور بان هناك مشروعات لها تمويل خاص، وستكون هناك شركات مساهمة للمنطقة، وسيظهر ذلك قريبا، لأن الدراسات انتهت وسيبدأ العمل الفعلي للحفاظ على المنطقة التاريخية.
الوافدون شوهوا المنطقة
العمدة سامي باعيسى عمدة محلة الشام والمظلوم بجدة التاريخية، قال: إن تكسير الأرصفة وأعمدة الانارة والعبث بالبيوت، وتحطيم رواشينها وأبوابها يحدث بشكل مستمر، نتيجة نوعية السكان الذين لا يعرفون قيمة هذه البيوت، ولا أهميتها، وهم بالتالي ليسوا حريصين على الاهتمام بها، لأن هذه البيوت عندما كان أهلها هم الذين يعيشون فيها كانت بألف خير، وأزقتها نظيفة، وبيوتها أنيقة وإنارتها سليمة وكل ما فيها جميل.
سكن "الأفندية"..
الدكتور عبدالله مناع قال: يا عمدة اذا ربطنا ما اصبحت عليه جدة التاريخية بنوعية السكان الموجودين فيها فهذا تسطيح للمشكلة وتهرب من المسؤولية، لما آلت اليه المنطقة التاريخية في جدة من دمار وخراب.. فاذا كنا نريد ان لا يسكن في بيوت جدة التاريخية الا "أفنديات" من باريس او جنيف علشان يحافظون على هذه البيوت التاريخية فهذا غير ممكن.. فالواقع الذي نعيه الآن ان المطقة يسكنها الكثيرون من غير ابناء المملكة وجدة، ولكن الأمانة لو حافظت على عمود الانارة والرصيف وعلى الشارع فذلك هو الذي يمنع هذا الوافد من ان يعبث او يكسر.. فلو دعوت أي شخص للعشاء في فندق خمسة نجوم فحتى لو كان فقيرا ومعدما وغير متعود على مثل هذه الأماكن فانه سيحرص أن يأتي متجملا.. وما اعنيه ان الشيء الجميل لا يمكن ان يتجرأ شخص على تشويهه او يتعمد الاضرار به من دون سبب. فاذا قمنا بالصح فان ذلك سيتبعه تغيير بنية السكان فجدة التاريخية لا نجد فيها ركنا مجملا من الاشجار المزهرة.. ولا نجد زاوية مزدانة بباقات من الورود والنباتات الخضراء.. ولا تجد مساحة في وسطها قد حظيت بإهتمام إدارة التشجير بالأمانة، وكأن جدة التاريخية ليست من جدة.. لأن مثل هذه اللمسات ستضيف للمكان جمالاً.
ويعود الدكتور سامي عنقاوي للتأكيد على ان واقع جدة التاريخية اليوم لا يسر.. ولم نر أي عمل فعلي يبشر بوقف هذا التدهور الذي تعاني منه المنطقة.. فالملاك لهذه البيوت يمكن تقسيمهم إلى ثلاث فئات ملاك قادرون، وملاك غير قادرين، وملاك لا تهمهم هذه البيوت ولا تعني لهم شيئا.. فالملاك القادرون والذين لديهم رغبة في الحفاظ على بيوتهم يمكن البدء بهم بعد أخذ موافقة الخبراء الأجانب من اليونسكو على كيفية الترميم.. وهؤلاء القادرون لو حرصوا وقاموا بترميم بيوتهم وجعلها بيوتا لعوائلهم فإن ذلك سيساعد في جذب الشباب من أبناء جدة للعودة إلى بيوتهم.. ويجب أن يكون للدولة دور في المساعدة وتقديم الدعم لترميم هذه البيوت بنسبة 50% من تكاليف الترميم لمساعدة القادرين.. وتولي الأمر عن غير القادرين.
وقال إن جدة القديمة بوضعها الحالي تحتاج إلى إدخالها إلى "غرفة إنعاش" عاجلة.. ووضع آلية سريعة لإسعافها ونجدتها من قبل الأمانة حتى لا يضيع هذا الكنز المعماري في غفلة منا.. بسبب هذا الاهمال، وهذه الدراسات التي لا تنتهي، بينما بيوت جدة التاريخية تتساقط بيتاً بعد بيت.. فالحكومة ممثلة في أمانة جدة، والهيئة العليا للسياحة، والجامعة والأوقاف مطالبة بانقاذ جدة التاريخية.. ووضع ميزانية خاصة للمنطقة التاريخية لا تقل عن مائة مليون سنوياً لوقف هذا التدهور.. ويجب أن يكون للقطاع الخاص دور حقيقي في هذا الموضوع وبما يتفق مع أهمية هذه المنطقة، حيث أن تشرع في هذا العمل حالاً ودون إبطاء من أجل تدارك الوضع والوصول بالمنطقة إلى وضع التوازن الذي تتحقق من خلاله كافة النشاطات التي يجب أن تتمثل في المنطقة التاريخية، والتي تقدم صورة حقيقية لما كانت عليه في الماضي وفي مقدمتها المقاهي والمطاعم والمراكيز والجلسات والصناعات اليدوية والنشاطات التجارية والاجتماعية وتكامل البنية التحتية التي تراعي خصوصية المنطقة وأهميتها.
(حلول سريعة)
وطالب الدكتور عبدالله مناع بتحديد مسؤول عن المنطقة من قبل الأمانة يملك صلاحيات كبيرة، وثانياً أن المنطقة تحتاج إلى مجلس إدارة خاص بها مكون من السياحة والمجلس البلدي، وبعض المواطنين مع مندوبين من الأمانة، وثالثاً اختيار استشاريين متخصصين في المناطق التاريخية تحددهم الامانة من قبلها، ورابعاً ان تخصص ميزانية مستقلة لهذا الجزء الذي تقول الأمانة انها تريد ان تحافظ عليه.. فالأمانة عندها دخل من الإعلانات يقدر ب(240) مليونا سنوياً.. كما تحدث بذلك ذات مرة الدكتور نزيه نصيف امين جدة سابقاً.. وربما اصبح اليوم اكثر من ذلك بكثير.. والمؤسف أنه لم يخصص من هذه الملايين لجدة التاريخية شيء.. فهل نريد ان نحافظ على المنطقة التاريخية بالكلام فقط!!
وقال: يجب ان تشرع الأمانة في إيجاد ميزانيات لإنقاذ تاريخ جدة من الضياع.. وأنا على ثقة أن الدولة يهمها ان تتم المحافظة على هذه المنطقة، لأن الملك عبدالعزيز يرحمه الله سكن لأكثر من خمس سنوات قبل ان يبني قصره المعروف بالقصر الأخضر.. والدولة حريصة ان تقدم الدعم المالي لإنجاز هذا المشروع متى تم إعتماد آلية عملية من الأمانة لتنفيذه بالفعل، لأن ما نلمسه حتى الآن انه كل ما يقال ويصرح به وكأننا نريد للزمن ان يمضي دون ان نرى شيئا.. فالأمانة تنتقل من دراسات إلى دراسات بدأت ولن تنتهي على ما يبدو..
والدراسات أشياء نظرية إن لم تطبق عملاً فلا قيمة لها.. ومدينة جدة التاريخية لا تحتاج كل هذه الدراسات، وإنما تحتاج الى إنقاذ ورجال تنفيذيين.. وآمل ان ينقذ صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة.. الأمير الشاعر الفنان مدينة جدة التاريخية من هذه الدراسات التي لا تريد أن تنتهي.. ويأمر بخطة عملية لإنقاذ كنز جدة التاريخي من الضياع، لأن الوضع الذي عليه المنطقة التاريخية في غاية السوء..
(الحرائق.. واهمال السنوات الماضية)
المهندس سامي نوار مدير الثقافة والسياحة بأمانة جدة دافع دفاعاً شديداً عن الأمانة، بقوله: ان هناك جهودا واهتماما تقوم بها الأمانة من أجل الحفاظ على جدة التاريخية، وقد تم مؤخراً صيانة ثمانية عشر بيتاً من بيوت جدة التاريخية، ولكن المشكلة في الحرائق التي تحدث في بيوت جدة التاريخية بسبب نوعية السكان، والذين يتسببون في الاضرار بهذه البيوت، كما أن هناك أخطاء سابقة في المنطقة التاريخية أدت إلى تدهور الوضع.. والمشكلة ناتجة عن عدة تراكمات.. لكن الوضع القادم يحمل الكثير من الأخبار السارة لمنطقة جدة التاريخية..
وسيكون ذلك ملموساً للجميع خلال الفترة المقبلة.
(تراث هام يجب ان لا يضيع)
وقال المهندس طارق اليافي: إن تراث جدة التاريخية المعماري يتساقط بيتاً بعد بيت، والأمانة لا تفعل شيئاً، والكثير من البيوت إنتقلت ملكيتها من الآباء إلى الأبناء، وربما إلى الأحفاد.. والكثير من ابناء الجيل الحاضر الذين لم يعيشوا في هذه البيوت، ولم يعرفوا قيمتها مثلما عرفها آباؤهم لا تعنى لهم شيئاً.. ولهذا فإنهم غير مهتمين بها.. أو أن الأمانة لم تفعل شيئاً يجعلهم يهتمون بها.. أو يحرصون عليها.. والكثير منهم ينتظر بفارغ الصبر سقوط هذه البيوت ليجد الفرصة من أجل تحويلها إلى برج معماري حديث يدر عليه دخلاً كبيراً.. كما ان الكثير من هذه البيوت يشترك فيها عدد كبير من الورثة وكل شخص له رأي.. وبعض البيوت ليس عند اصحابها مقدرة على الحفاظ عليها.. ولهذا فإن الطريقة المثلى حتى يمكن الحفاظ على جدة التاريخية ان توضع ميزانية من قبل الأمانة لهذه البيوت ويتم ترميمها واستثمارها.. ومشاركة الملاك في الطريقة التي يتم بها استثمارها.. وان تتبنى خطة لجعل هذه البيوت حاضرة في أذهان أصحابها، وأن لا تتحول إلى مجرد هياكل ومبان خالية من الروح.
ويضيف المهندس اليافي: الجيل الموجود حالياً هو آخر جيل عاش في تلك البيوت، ويعرف قيمتها.. ويجب ان يستثمر وجود هذا الجيل القليل من الموجودين حالياً لإنقال هذه المنطقة من الضياع لأن الواقع الذي هي عليه اليوم وصل إلى درجة كبيرة من السوء.. ويجب ان تتخذ قرارات عاجلة على مستوى الحكومة لتدارك وضع هذه المنطقة.. وتبني خطة عاجلة لذلك عن طريق تخصيص ميزانية لترميم هذه البيوت بعد ان اصبحت مرشحة للتسجيل ضمن التراث العالمي في اليونسكو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.