في سياسة الأندية الرياضية السعودية خطأ كبير جدا، ريما تتفاقم آثاره مع شح السيولة المالية الكبيرة الذي يلقي بظلاله على كل الأندية، وبدرجات متقاربة. لعل أهم وأبراز هذه الأخطاء انفراد الإدارات في هذه الأندية بعمليات التعاقد مع اللاعبين سواء المحليين أو غير السعوديين، وبمبالغ تفوق الإيرادات المتوقعة خلال مرحلة منظورة. صحيح أن جميع الأندية تدعي أن هذه التعاقدات تتم بمشورة مدربيها، بينما كل الوقائع والمؤشرات تؤكد أن المدربين آخر من يعلم. والدليل أن بعض هذه التعاقدات تتم قبل التعاقد مع المدربين أنفسهم، هذا الخطأ في التركيبة التنفيذية للأندية يكلف خزينة النادي أو المتبرعين أموالا لا حدود لها، ولا يستفيد النادي منها من الناحية الفنية، ولا تضيف إلى واقع الأمر سوى ضغط جديد على الميزانية العامة. مشكلتنا أن إدارات الأندية لدينا تفكر بالجمهور وردود الفعل المتوقعة وتحاول امتصاصها بشيء من التخدير الذي قد يرسل مستقبل الأندية إلى المجهول، من أجل لحظة انتصار مؤقتة. التوجه الخطير الآخر هو انفراد الداعمين، المقتدرين ماليا، باختيار اللاعبين، من وجهة نظر شخصية ليست بالضرورة فنية أو تلبي احتياج النادي الحقيقية. قد يجادل البعض أن هذه أموالهم يوجهونها بالشكل الذي يريدون، وحقيقة هي أموالهم، ولا يجادل أحد في كيف يتصرفون بها، لكنها أموال في كثير من الأحيان «مؤذية» للصالح العام للأندية، حيث إن هذه الرغبة، التي قد تكون صافية ونقية، تفتقر تماما إلى البعد الفني الذي يحتاج إلى مدرب متمرس في عملية تحديد النقص الذي يعاني منه النادي، لذا نجد أن كثيرا من هذه التعاقدات الخارجية تتوجه بشكل مباشر وتنصب على المهاجمين بالدرجة الأولى أو لاعبي الوسط القادرين على التسجيل، حسب السجل الفني للاعبين. الواقع يؤكد وبكل شفافية أن معظم إن لم يكن كل رؤساء أنديتنا، وبعض أعضاء الشرف، يعتقدون ويصدقون أن فهمهم للنواحي الفنية لكرة القدم، لا يقل إن لم يفق المدرب نفسه، وأن عملية الاحتياج الفني لا تحتاج إلى خبراء في اللعبة، ولولا الحياء لادعوا أنهم أكثر فهما حتى في الجوانب التكتيكية. راجعوا كثيرا من الصفقات في أنديتنا حاليا، والأمر لا يحتاج إلى كثير من التعمق، لنعرف أن معظم هذه الصفقات كانت برأي إداري بحت، لا دخل للنواحي الفنية به. باختصار معظم أنديتنا تسير وبسرعة متهورة نحو هاوية الإفلاس بلا رؤية منطقية للمستقبل، ولعل ما يمر به الاتحاد الآن أنموذج لكثير من أنديتنا في الغد. الحل.. أن تعود أنديتنا إلى لغة العقل وتبدأ في نقل العملية الاستثمارية من داخلها إلى الخارج، بدلا من اعتمادها على دخل الاستثمار القادم من خارج أسوار النادي. ولعل أول هذه الحلول التركيز على استثمار اللاعبين وتسويقهم بطريقة ذكية بعيدا عن العواطف التي تعصف بمقدرات الأندية نحو المجهول.. فلا أجد مانعا من بيع عقد لاعب جماهيري، لتأمين عقود عدد أكبر من اللاعبين، بدلا من تراكم المطالبات المالية على النادي. وثانيها أن تكون الإدارات ملزمة قانونا بتصفية حساباتها مع نهاية فترتها، وتتحمل نتائج أعمالها، وأن لا يسمح لها بإدراج عقود تتجاوز فترة بقائها إلا بموافقة مجلس الشرف والتزامه بها.