استفاقت طرابلس، أمس، على تساؤل حول ما إذا كان وضعها تحت إمرة الجيش وإطلاق يده فيها سيضع نهاية للمواجهات الدامية، بين جبل محسن وباب التبانة، وهل هذا الإجراء يمثل نهاية الحرب، أم أنه بمثابة استراحة المحارب، بانتظار الجولة ال19؟.. ففي الوقت الذي قامت دوريات للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، أمس، بجولات سيارة داخل الأحياء وفي الساحات الرئيسة للمنطقة، واصلت القوى المجوقلة في الجيش عمليات مداهمة لعدد من المنازل في باب التبانة وجبل محسن، وأوقفت عددا من المسلحين بعد مصادرة أسلحتهم. وكشفت مصادر سياسية مطلعة في بيروت ل«عكاظ» عن أن أطرافا سياسية رسمية تسعى لعقد مؤتمر مصالحة طرابلسي لترسيخ الاستقرار والتفاهم على ثوابت التعايش بين جبل محسن وباب التبانة، معتبرة أن أي خطة أمنية مع تواصل القنص من جبل محسن والاعتداءات على العمال في باب التبانة سيكون مصيرها الفشل. وقالت المصادر إن «هناك إصرارا على عقد مؤتمر المصالحة خلال الأسبوع المقبل، في حال جرى تذليل العقبة الرئيسة، وهو عدم تحمس الأطراف السياسية الكبرى لانعقاده». وعبر رئيس كتلة نواب طرابلس النائب سمير الجسر عن تفاؤله بترسيخ الاستقرار بعد توحيد الإمرة العسكرية في المدينة بيد الجيش اللبناني. وقال إن تعدد الأجهزة وتضارب صلاحياتها كان معوقا أساسيا عن القيام بعمليات الأمن، مضيفا أن إطلاق يد الجيش يشكل بصيص أمل في عودة الحياة إلى طرابلس، ولكن العبرة بالتنفيذ. واعتبر أن لا شيء يفرض الأمن، وأن هذا الأمر قد يحتاج إلى بعض استعمال القوة لفرض هيبة الدولة. فيما دعا الوزير سليم جريصاتي مجلس الوزراء إلى الاجتماع والاتفاق على إعلان طرابلس منطقة عسكرية كخطوة ثانية بعد تكليف الجيش حفظ الأمن، ونزع السلاح من محاور القتال، وصولا إلى إعلان حالة طوارئ في المدينة، وانتقد ما وصفه بانكفاء الحكومة عن مواكبة الأحداث الخطرة. وشدد على وجوب اتخاذ تدابير أمنية كمنع التجول في ساعات الليل وبعض ساعات النهار، واعتبر أن المطلوب اليوم هو حسم الأوضاع العسكرية والأمنية في طرابلس، كما حصل في الضنية وغيرها، إذ أن الجيش لا يحتمل أن يكون شاهدا يمارس القنص عليه ويقف على تماس مع لبنانيين يدمرون عاصمة لبنان الثانية. من جهته، اعتبر مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار أن طرابلس تتوق إلى الدولة والجيش، وليست لديها مشكلة مع الأجهزة الأمنية على الإطلاق. وأكد على ضرورة أن يكون للدولة هيبة، وتقديم المجرمين للقضاء، خصوصا من ارتكبوا أكبر مجزرة في لبنان أمام مسجدي السلام والتقوى، لافتا إلى أن الكثير من اللبنانيين يتساءلون: لماذا لم يتم توقيف من سطرت بحقهم مذكرات؟.