ما إن تعقد العزم وتبلغ مقر برنامج أرامكو للإثراء المعرفي في الظهران، وتقترب من بوابات الدخول إذ يتراءى أما ناظريك شباب صاعد يملأهم الحماس يستقبلونك بابتسامة ساحرة مفعمة بالأمل والطموح، تزيد من مثار أسئلتك عن ما يعلمونه بهذه الروح، لتجد الإجابة حاضرة في كل جزء من أجزاء هذا البرنامج وتجيبك بأن ثمة شبابا هم من يدير دفة هذا الحدث العلمي الكبير، بقناعات راسخة وإيمان بأنه لا مجال للانتظار، وأن هذا المكان بمثابة مصنع للرجال وإعداد لمستقبل زاهر يبلغ الريادة سواعده تبني ورسالته تسمو. وبات شغف المعرفة وتلمّس طرق الإبداع والتواصل بين مختلف الثقافات هدفًا تصبو إليه هذه السواعد وذلك من أجل مستقبل أفضل يطمح إليه الجميع بأن يتبوأ وطننا الغالي مكانة ريادية في تصدير وإنتاج المعرفة بشتى نواحيها وأبوابها الواسعة، لذا فالتواصل بين الثقافات أصبح أمراً ملحاً لدى كافة الشعوب. فمن فوق ربوة تطل على مدينة الظهران حيث هذا البرنامج تستشرف رؤى تنبثق من جنباته تقول بأن صناعة المعرفة وبناء المستقبل الزاهر يمكن تحقيقهما بالإصرار ذاته والعزيمة التي تكتنف خلاصة إرث ثقافي أصيل ونزيه أعطى للإنسان حقه من التقدير ومنحه فرصة لينهل من معينه الصافي. الشاب أحمد بن عبداللطيف الزيد الطالب في المرحلة المتوسطة، وبعد أن فرغ من مشاهدة أكثر من مئة اختراع غيرت وجه العالم للأبد، بادرناه بالسؤال البديهي عن انطباعه حول مشاهداته لتلك الاختراعات التي غيرت العالم، فقال إنها تجربة جديدة لم يشهدها من قبل ولم يرها بهذه الطريقة المشوّقة مما جعلته يتفاعل معها ويعيش تفاصيلها التاريخية بطريقة في غاية الإبداع عرضاً ومضمونا. وأضاف «لقد نقلتنا هذه التجربة من حقبة تاريخية زمنها بعيد جداً في قالب تفاعلي يحمل معلومات مهمة وأساليب تفجّر مكامن الإبداع الكامن في نفوسنا وتحرك نهمنا نحو الابتكار والتجديد والبحث والتطوير». وعبر الشاب عبدالرحمن العثمان عن سعادته الغامرة في ما يراه ويلمسه من فعاليات وبرامج تلبي رغبات الجميع لاسيما العمق المعرفي والثراء المعلوماتي المقدّم في صورة ترفيهية تشويقية يبقى أثرها عالقا في الذهن. فبرنامج إثراء المعرفة الثقافي يقدّم عدداً كبيراً من سبل التربية بالإضافة إلى مضمون غني بالمعلومات للجميع. وعن أبرز البرامج التي لاقت استحسانه قال «إن معرض كفاءة الطاقة قدم لنا توعية جوهرية في كيفية طرق ترشيد الطاقة وتوفيرها في المستقبل إلى جانب توعية المجتمع بأهمية الطاقة وارتفاع مستويات استهلاكها عبر عروض تفاعلية شيقة تجعلك تتفاعل بشكل إيجابي مع الرسالة المراد إيصالها» وأكدت نورة الغامدي أن الصورة الجمالية التي تبهر الزائرين هي في تلك الروح الجماعية التي أظهرها المتطوعون حيث كونوا فريق عمل نبعت منه روح العمل التطوعي وذلك في أداء واجبهم على الوجه الأكمل. وزادت «إتاحة أرامكو السعودية لهم هذه الفرصة الثمينة سيكسبهم مشاركة فاعلة في البرنامج وينمي مهاراتهم ويصقل مواهبهم ويزيد من خبراتهم الحياتية». وامتدح مختار العتيبي المتخصص في مجال التصوير الفوتوغرافي رسالة مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي وقدرته في المستقبل على إحداث التأثير الملموس والإيجابي على مسيرة التنمية البشرية قائلا: إن برنامج أرامكو هذا العام يحض على الإثراء المعرفي وسيكون بحول الله منبرا للتعبير الإبداعي وحافزا كبيرا للتقدم الثقافي والفكري. وأكد بأن زيارته لهذا البرنامج فتحت له أفقاً كبيراً وفرصة للمشاركة في فعالياته المرة القادمة بحول الله ومن ذلك معرض اقرأ الفوتوغرافي الذي منح المصورين مجالا لعرض إبداعاتهم وقدرتهم على التصوير الابتكاري. وأوضح عبدالله القو الذي اصطحب معه أبناءه إلى قرية السلامة المرورية، أن فكرة هذه القرية حفزتني كثيرا لزيارتها بصحبة أبنائي لتوفر الأسلوب التعليمي الممتع خاصة عند شرح قواعد السلامة المرورية وتطبيقاتها التي استفيد أنا منها أيضا عندما أشاهدها في تجربة تفاعلية تقدم للأطفال. فهذا يجعلهم يحترمون النظام ويعون ماهية خطورة العبث بالقواعد المرورية. والجميل في ذلك أن كل من يجتاز بعض الاختبارات البسيطة يقدم له رخصة قيادة مدلولها يكمن في أن الحصول عليها يقتضي من الطفل التقيّد بالنظام ليكون قائدا مثاليا يراعي هذه الأنظمة. مليونا طالب في الخطة من جهته أوضح رئيس مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي فؤاد الذرمان أن إثراء الشباب برنامج انطلق في أبريل 2012 ويستهدف الوصول إلى مليوني طالب وطالبة، والآف المعلمين والمعلمات في المملكة بحلول عام 2020، وفق رؤية وأهداف ترفع من وتيرة مهارات التفكير الإبداعي وحل المشكلات لتحويل الأفكار والأحلام إلى واقع. وأضاف بأن هدف هذا البرنامج الإسهام بشكل ملموس في الجهود الوطنية للتحول إلى مجتمع المعرفة وتكريس مفهوم التعليم بالترفيه والعمل التطوعي من خلال تجربة ثقافية عصرية وثرية. وأكد نائب الرئيس لشؤون أرامكو السعودية الأستاذ محمد القحطاني أن ما يجري في أروقة هذه البرنامج يحض على حاجة المجتمع من عناصر تساهم في التطوير وتلبي الطموحات وتعزز الوعي بإنجازات العصر الذهبي للحضارة الإسلامية. وألمح بأن مركز الملك عبدالعزيز العالمي، الذراع الثقافي لأرامكو السعودية، سيعمل على بلورة بيئة تعليمية محفّزة بشراكة فاعلة وتكاملية مع القطاعات التعليمية بالمملكة لتقديم برامج متنوعة تضاف إلى تلك البرامج السابقة، ومن هذه البرامج على سبيل المثال: برنامج «أتألق» العلمي و«أكتشف» و«أتجول» حيث إن برنامجا واحدا كأكتشف، قدّم حوالي ربع مليون ساعة تعليمية واستهدف 2000 طالب وطالبة و1000 معلم في مدن متنوعة، وقدّم لهم قالبا علميا مشوّقا ومتميّزا وأدبيات وثقافات علمية تهدف إلى التحول إلى مجتمع المعرفة بخطوات واثقة لتنعكس على الوطن بكل خير ونماء.