أجمع عدد من خبراء الاقتصاد والسياسة، على أن مصر قادرة على الاستغناء عن المعونة الأمريكية، وأنها لن تتأثر اقتصاديا أو عسكريا، وأكدوا أن الاستغناء عن المعونة سيحقق مزيدا من المكاسب لمصر سواء على مستوى الاستقلال الوطني والسيادة، أو على المستوى العسكري في تنويع مصادر التسليح بدلا من الاعتماد على دولة واحدة. واعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور شيرين القاضي، أن الاستقلال السياسي والاقتصادي لمصر يبدأ بالتنازل عن المعونة الأمريكية، لافتا إلى أن الدولة مقبلة على عهد جديد تمتلك فيه سيادتها، ولا تملى عليها شروط من أحد. وأشار إلى أن المعونة أقرت في البداية بمبلغ مليار ونصف المليار دولار، أي ما يمثل 20% تقريبا من إجمالي الناتج المحلي المصري، مضيفا أن جزءا كبيرا منها ذو طبيعة عسكرية، والنزر اليسير منها له طبيعة اقتصادية، موضحا أن الوضع حاليا مختلف، فدخل مصر السنوي من العملات الأجنبية يصل إلى 65 مليار دولار سنويا تقريبا، وفقا لميزان المدفوعات عن طريق التصدير وقناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج والاستثمارات، أي أن مبلغ المعونة المقدر حاليا ب1.5 مليار دولار لا يتعدى 2.3% من إجمالي ما يتدفق إلى مصر رسميا من عملة أجنبية سنويا. وقال «إذا قيمنا اليوم مبلغ المعونة بإجمالي 1.5 مليار دولار فهي تعادل 11 مليار جنيه مصري لا غير وفقا لسعر الصرف المحلي»، مشيرا إلى أنه إذا قورن مبلغ المعونة بالجنيه المصري اليوم بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي لمصر في نهاية يونيو 2013، والذي يبلغ 1600 مليار جنيه تقريبا، نجد أنها تمثل 0.7% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، ولو قدر مبلغ المعونة نسبة إلى إجمالي الإنفاق بالموازنة لعام 2012/2013، والذي يبلغ 485 مليار جنيه تقريبا، نجد أن قيمة المعونة لا تمثل أكثر من 2.2% فقط كحد أقصى من إجمالي الإنفاق السنوي للدولة. ورأى الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح جودة، أن مصر أكثر المستفيدين من قطع المعونة، موضحا أن الولاياتالمتحدة تفرض علينا بموجب اتفاقية كامب ديفيد أن نستورد الأسلحة سنويا، كما أنها تعلم جيدا عدد الأسلحة بالقوات المسلحة من خلال تصديرها لنا، موضحا أن حصة الولاياتالمتحدة تمثل نصفا في المائة في الصناعة والزراعة والتجارة من الإجمالي المصري. أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور مصطفى كامل السيد، فأكد أن مصر تستطيع ألا تلتزم باتفاقية السلام في أي وقت فهذه المسألة لا علاقة لها بالمعونة، لكن هناك نصا في معاهدة السلام ينص على ضرورة موافقة الطرف الآخر على خروج الطرف الأول من المعاهدة، واعتبر أن قيام الولاياتالمتحدة بمنع بعض المساعدات العسكرية عن مصر مع تأكيدها دعم الجيش المصري في حربه ضد الإرهاب أمر غير متناقض، لأن الولاياتالمتحدة ترى أن الحرب في سيناء ضد الإرهاب لا تحتاج إلى طائرات أو دبابات لأنها لا تحارب دولة أخرى، مضيفا «هذه هي فرصة مصر لتنويع مصادر تسليحها لأنه من غير المنطقي أن تعتمد مصر على دولة واحدة فقط في التسليح». وحول مدى التزام مصر بمعاهدة السلام المرتبطة ضمنيا بالمعونة الأمريكية، قال الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور عمرو هاشم ربيع، إن مصر لن تقوم بإلغاء كامب ديفيد بسبب قطع المعونة عنها، لكن من الممكن أن تكون هناك مشكلات في الأمور الإجرائية لأن المعونة الأمريكية مرتبطة ضمنيا بمدى التزام مصر وإسرائيل باتفاقية السلام، لذلك نجد أن أول دولة اعترضت بشدة على قطع أمريكا للمساعدات العسكرية وتلويحها الدائم بقطع المعونة هي إسرائيل.