تزداد معاناة أهالي حي المنصور المتاخم للمنطقة المركزية في مكةالمكرمة يوما بعد آخر، بسبب انتشار الباعة المتجولين داخل الحي الذين يمارسون أعمال البيع والشراء ببضائع مختلفة مجهولة المصدر، يزحمون بها الشوارع، حيث لا يجد الأهالي موطئ قدم فيها عند التحرك بين المساكن أو الخروج إلى التسوق على الرغم من المداهمات الحملات التفتيشية التي يختفي أثناءها الباعة ويعودون للظهور من جديد بعد مضي الدوريات. وناشد عدد من أهالي المنصور الجهات المعنية للتدخل ووقف الزحف الهائل لانتشار المخالفات والباعة المتجولين مجهولي الهوية من الأفارقة الذين يشكلون هاجسا لهم، مبدين قلقهم جراء توسعهم في أروقة الحي وازدياد عددهم بشكل كبير، حتى ضاقت بهم الشوارع الداخلية وشكت منهم الأرصفة ومقتهم الناس لأنهم يمارسون أعمال البيع بعشوائية ولا يأبهون بالجودة بقدر جشعهم في جمع المال بكل الطرق دون مراعاة للمشتري وما يتكبده من خسائر في النهاية. «عكاظ» توغلت داخل المساحات الشعبية في حي شارع المنصور وتجديدا في سوقي «دوقنقدا» و«حوش بكر» لاشتهارهما ببيع جميع السلع المسروقة والمستعملة من ملابس وأدوية والكترونيات وغيرها من البضائع، حتى أن أصحاب المحلات النظامية داخل هذين السوقين أصبحوا في قلق مستمر لما تحدثه بعض العمالة الوافدة من الجنسيات الأفريقية من مشاكل وتجمعات على مدار الساعة، بالرغم من الجولات الميدانية التي تقوم بها أمانة العاصمة المقدسة بشكل مستمر على هذه الأماكن ومصادرة البضائع وإلقاء القبض على المخالفين لنظام الإقامة، ولكن هذا الأمر لم يمنع انتشارهم مرة أخرى وكأن شيئا لم يحدث. يستخدم مرتادو هذه الأسواق الشعبية عددا من الرموز كلغة رسمية لهم في التعامل بينهم، ولا يتعرف عليها أي شخص عابر للمنطقة، لأنهم يعتبرونها بمثابة «الكود» ليتمكنوا من سرعة الهروب حال وصول الجهات الأمنية، وبالتالي يختفي الجميع في «رمشة عين» ولا تجد أحدا بالسوق وهذا ما يجعل الأهالي أكثر قلقا، حسب قولهم، لأن القضاء على الظاهرة صعب في ظل هذا الوضع الغريب. اشتهرت الأسواق الشعبية المخالفة في شارع المنصور ببيع المواد المسروقة ومنتهية الصلاحية وبعض النباتات حتى أن مدخل الحي أصبح مليئا بعدد من العمالة الوافدة الذين يعرضون بضائعهم مثل ثمرة «القورو» الشهيرة لدى الجاليات الأفريقية وبعض الأدوية المستخلصة من الأعشاب الطبيعية التي يزعمون أنها علاج للكثير من الأمراض، فضلا عن الروائح الكريهة التي تنتج عن عمليات الطبخ داخل أزقة الحي. يقول ناصر الجيزاني إنه دهش عندما سأل بعض العمالة الوافدة التي تمارس بيع الملابس المستعملة عن مصدر هذه الملابس، وجاءه الرد بأنهم يقومون بتجميعها من الحاويات التي تختص باحتواء الملابس القديمة في الشوارع ويغسلونها ومن ثم يجهزونها للبيع على بني جلدتهم. وأضاف: الغريب في الأمر أن أحدهم أوضح أن بعض هذه الملابس يكون أصحابها قد انتقلوا للدار الآخرة ويستفيدون منها بعد مماته، ويبيعونها بأزهد الأسعار، لذلك تجد إقبالا كثيفا من قبل المشترين. سعيد صالح، (وافد)، قال إنه يتردد على السوق كل أسبوع لشراء بعض المستلزمات لزهد أسعاره، ولكنه فوجئ بوجود أشخاص يقومون ببيع الملابس المستعملة بأسعار تراوح ما بين 5-15 ريالا للقطعة الواحدة دون الإشارة إلى مصدرها الحقيقي، موضحا أن بعض الملابس تتراكم عليها الحشرات والأوساخ، وبالرغم من ذلك تجد الإقبال من جانب مرتادي السوق وبصورة كبيرة جدا. ذكر صابر محمد (وافد) أنه يقوم بشراء الملابس المستعملة من سوق حوش بكر بالجملة وبعد غسلها وتنظيفها يبيعها في مكان آخر. ويزيد: لا أعلم مصدرها الحقيقي ومن أين تجيء ولكني في نهاية الأمر أريد الربح فقط ولا أهتم كثيرا بمصدرها. المواطن فهد الشهري يقول: بعض الشوارع الداخلية امتلأت بالبسطات العشوائية والمخالفة حتى أنها أصبحت تسبب التلوث البيئي لما يخلفه الوافدون من نفايات وروائح كريهة، وأرى أن مشكلة سكن مخالفي أنظمة الإقامة والعمل في الحي وتوسعهم في الأنشطة المخالفة هي مسؤولية أصحاب المحلات والعقارات الذين يتيحون الفرصة لترويج هؤلاء المخالفين لبضائعهم. من جهته، أكد الناطق الاعلامي لإدارة الجوازات بمنطقة مكةالمكرمة المقدم محمد الحسين أنه يتم ملاحقة العمالة المخالفة التي تقطن الأحياء العشوائية والحد من انتشارها، مشيرا إلى أن هناك دوريات مستمرة داخل الأحياء العشوائية منها وغير ذلك، بعد الانتهاء من موسم العمرة والحج في كل عام، مبينا أنه عند وصول بلاغ لغرفة العمليات من قبل المواطن بوجود مخالف أو متسلل أو متخلف من عمرة أو ما شابه من ذلك يؤخذ البلاغ بعين الاعتبار وتتم دراسته والتعامل معه بكل جدية وفي ضوئه تتخذ الإجراءات اللازمة. وأبان الحسين أنه هناك جولات داخل الأحياء لرصد المخالفين، طالبا من المواطنين مساعدتهم في ذلك ايضا بالتبليغ عن أي عمالة مخالفة عبر اتصالهم بالعمليات ليتم التعامل معها بحزم، موضحا أنهم لن يتوقفوا عن الحملات على مدى العام وينتظرون فقط التعاون مع الجوازات بالإبلاغ عن المخالفين لنظام الإقامة أولا، مفصحا عن عقوبات كبيرة ستطال كل المخالفين في الفترة المقبلة. مداهمات وشيكة مصدر مسؤول في إدارة العلاقات العامة بأمانة العاصمة المقدسة أشار إلى أن الأمانة، عبر البلديات الفرعية، تقوم بالتنسيق مع الجهات الأمنية وذات العلاقة في متابعة ورصد المخالفات للعمل على معالجتها بشكل سريع سعيا منها إلى توفير بيئة صالحة للمواطن وعدم تعرضه لأي مشكلات من جانب العمالة المخالفة، موضحا أن المداهمة تتم في أي وقت لمصادرة البضائع العشوائية والقبض على المخالفين ليجدوا العقاب المناسب الذي يردعهم من ممارسة هذه الأعمال حتى لو تم تعديل أوضاعهم.