كمجتمع تقيده العادات وتؤطره التقاليد التي لا شك أن فيها الحسن الايجابي والسيئ السلبي، وسلبياتها كثر حتى أضحى بعضها ثقافة لا يستطيع المجتمع الانفكاك عنها ومتلازمة عشعشت في عقول الكثير من أفراده، ولا يستطيع المرء بمفرده أن يغير ثقافة أزلية وعادات أمدية جاءت من عصور سرمدية، ولعل من أكثر تلك العادات سوءا هو ما يحدث في حفلات الأعراس، فتمد موائد الطعام في عرس واحد بما يكفي إطعام قرية بأكملها في بعض دول العالم، لتعاد من حيث أتت بعد أكل الجزء اليسير منها، لتودع في حاويات النفايات بعد ذلك. وما نشاهد اليوم من تباه وتفاخر وإفراط في محافل الأعراس مؤشر على سوء التدبير اذ أصبح المحتاج ومتوسط الحال يضع على ظهره عبء الديون ويصارع قهر الأقساط من اجل مجاراة أصحاب الطبقات المخملية ومن آتاهم الله سعة في الرزق، وهذا ملموس محسوس في كل شبر من مجتمعنا، ولا يلام من قد دعا جمعا غفيرا فواجب كل داع إكرام ضيوفه والاحتفاء بهم على أكمل وجه وأتم حال، ولطالما ثقافة العرس لدينا بهذا الحال لن يستطيع احد الحد من تلك الموائد الأسطورية، فلا احد يقبل بالنقص او التقصير أمام ضيوفه ولعل الحل يكون في تغيير ثقافة الأعراس لدينا بدءا من اقتصار الدعوة على جمع من أقارب العريس والعروس وهذا كفيل بإقامة ركن الإعلان بالزواج، وفيه تخفيف على كاهل العريس ووالده، وفيه اتقاء الوقوع في محظور الإسراف، واني أرى ان يتم تعزيز الدعاية والدعوة للأعراس الجماعية، على اقل تقدير بين أبناء القبيلة الواحدة، او أبناء القرية الواحدة، مع ضبط إيقاع عرس النساء والذي يكون فيه الحال أدهى وأمر، والتخفيف في العرس الفردي لن يأتي الا من وجهاء المجتمع او أصحاب الشخصيات الاعتبارية، فيكونون قدوة لغيرهم. فلا شك أننا من الشعوب المترفة، من خلال سلوكياتنا الاستهلاكية وثقافتنا الاجتماعية التي تحتاج لكثير من إعادة النظر، والمراجعة. ياسر أحمد اليوبي