أكد عدد من المفكرين والمثقفين والدعاة والوجهاء على أن خطاب خادم الحرمين الشريفين الذي وجه للشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية ليلة البارحة بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد من جوار بيت الله العتيق كان بمثابة تشخيص حقيقي وواقعي لحال الأمة والعالم سيعمل بلا شك على وضع العلاج المناسب لوضعها المتردي لاسيما في الجانب الأمني ومكافحة الإرهاب الذي غدا يمثل كابوسا يجثم على صدر البشرية وآن الأوان لاجتثاثه من على سطح كوكب الأرض لينعم العالم بكل شعوبه وحضاراته وثقافاته المتعددة بالأمن والسلام والتقدم والرقي. بداية قال الدكتور أنور ماجد عشقي (رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية) إن من يمعن النظر في خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يجد أنه محيط بما يجري حول المملكة في العالمين العربي والإسلامي واستطاع أن يشخص الحالة بحكمته المعهودة فوجد أن السبب الرئيس في كل ذلك عائد إلى التطرف والفهم الخاطئ للدين، حيث أصبح الإرهاب وباءً عالميا لن تستطيع أي دولة أن تفلت منه على المدى الطويل. وأضاف الدكتور عشقي: إذ هو يدعو إلى تشخيص هذا الإرهاب ومواجهته، ولنتأمل إلى تسييس الدين في أوروبا الذي استمر 200 سنة حيث انتشرت فيها الحروب وتصاعد الإرهاب لسنوات طويلة من تاريخها، وبحسب الوثائق البريطانية فقد جاء الاستعمار بكل ما كان في أوروبا إلى شرقنا الإسلامي، حيث عمل على تسييس الإسلام، وابتدع هذا الفكر الذي زرعه الاستعمار بأساليب متعددة للخروج على الدول دون الرجوع إلى المصادر الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف. ولهذا وجدنا أن هذه الدول التي شجعت ودعمت التطرف في بادئ الأمر قد انكوت بنار الإرهاب بعد أن ارتد عليها لأنه وباء لا يعرف الحدود، كما نستطيع أن نقرأ في كلمة خادم الحرمين تركيزه على إظهار المركز العالمي لمكافحة الإرهاب إلى حيز الوجود على أن يكون تحت إشراف الأممالمتحدة وقام بدعمه للمرة الثانية، بمبلغ مجز بلغ 100 مليون دولار، لأن دور المركز مهم جدا في التخطيط واستحداث الطرق السليمة في المواجهة، لأن التهاون في دعم المركز في الماضي -كما أشار خادم الحرمين في كلمته- جعل الإرهاب يتنامى وينتشر في أكثر من جهة، ورأينا أفعاله المفجعة والمدمرة في العراق وسوريا ومصر واليمن وتونس وليبيا ومالي، وفي هذا الصدد وعلى سبيل المثال عملت المملكة ندوة في جامعة نايف حضرها خبراء أجانب جاءوا ودرسوا وتعلموا من المنهج السعودي في مكافحة الإرهاب، حيث إن الدولة أصبحت تقبض على الإرهابي وتحوله إلى القضاء وفي ذلك تحرج الإرهابي. وإذا تمعنا أكثر في تجربة المملكة في مواجهة الإرهاب سنجد أنها تقوم على استخدام القوة الناعمة كالمناصحة والحوار لأن ذلك يحول الإنسان المتطرف إلى إنسان سليم ومواطن صالح، حيث إن الحوار يساعد في بناء وترسيخ الوحدة الوطنية ولنا مثل في الدول الإسكندنافية وسويسرا وكثير من دول أوروبا لم تكتوي بنار الإرهاب لأن الوحدة الوطنية إذا كانت قوية تجعل كل إنسان يدافع عن أمن وسلامة وطنه ودولته وهذا لا يتأتى إلا بالحوار كما أشار لذلك خادم الحرمين في أكثر من مناسبة. أما الشاعر والناقد الدكتور يوسف العارف فقال: ليس غريبا ماجاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين في مثل هذه المناسبة السعيدة مناسبة عيد الفطر المبارك ونهاية شهر الصوم فهو قريب من الكعبة المشرفة ويشاهد جموع المسلمين وهي تطوف وتعتمر حول البيت العتيق ليس غريبا عليه أن يعايش هموم الأمة الإسلامية والعربية ويتحدث بهذه المناسبة حول الفكر المنحرف والإرهاب الذي يجتاح أمتنا ويجد فرصته في هذه الأحداث العربية التي يستغلها كثير من أصحاب الفكر الإرهابي وينادي -حفظه الله- باجتثاث هذا الفكر والسعي الدولي والعالمي لمواجهته من خلال المركز الدولي الذي تشرف عليه الأممالمتحدة وتبرعه بمبلغ مجز وكبير ودعوته لباقي الدول لكي تسهم في هذا الحدث النبيل لأنه ليس لأجل تحصين الأمتين العربية والاسلامية فقط بل من أجل سلام وأمن العالم كله. وأضاف الدكتور العارف: لا يغيب في هذا الصدد نجاح المملكة وتجربتها في مكافحة الإرهاب لتكون منطلقا للدراسات الموضوعية والتطبيقية، ونستثمر هذه المناسبة لنؤكد على دور المركز الفكري تجاه هذه المشكلة، وبالتالي ندعم مبادرة خادم الحرمين وأن يجعلها الله في ميزان حسناته، وأعتقد أنها فرصة لجميع المثقفين والمفكرين العرب والسعوديين منهم خاصة ليسهموا في دعم هذا المركز بما يجعله ينطلق في مهمته الفكرية التي رسم خطوطها العريضة خادم الحرمين من خلال كلمته. من جانبه، أكد الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم الدكتور عبدالله بن علي بصفر أن العيد فرحة، وقد أمرنا الله عز وجل بالفرح في هذا اليوم مع ما تمر به الأمة الإسلامية من محن. وأوضح بصفر، أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله شخص حال الأمة وأحوالها، حيث طالب بالوقوف وقفة حازمة مع النفس أولا لإصلاح شأن الأمة الذي يبدأ من إصلاح الذات والاتفاق على كلمة سواء. وتطرق بصفر، إلى ما طرحه خادم الحرمين الشريفين من محاربة الإرهاب في أفكاره وتحركاته، حيث أوضح بصفر إن التصدي لثقافة الغلو والانحراف والإرهاب من المسؤوليات الجماعية، مطالبا بنظرة شمولية لمواجهة مشاكل التطرف والغلو والإرهاب، وبوقفة صادقة وقوية لمواجهة مشاكل التطرف والغلو. ورأى بصفر، أن من أسباب الغلو والتطرف ضعف البصيرة بحقيقة الدين الإسلامي، وضعف البصيرة بالواقع والحياة وسنن الكون، مشيرين على أن الإسلام كفل الأمن والأمان للمجتمع، مبينين أن المعالجات التأصيلية لقضايا المنهج القويم في الاعتقاد والفكر لم تعد نوافل بل مطلبا ملحا وحاجة مصيرية لتقويم الانحراف. ودعا إلى بناء الفرد المسلم على أسس إيمانية، ونشر الوعي الديني والثقافة الإسلامية، والتحصين من الأفكار الهدامة، فالإسلام دين الاعتدال والوسطية. الأمن الفكري من جهة أخرى، أوضح رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم المهندس عبدالعزيز بن عبدالله حنفي أن كلمة خادم الحرمين الشريفين جاءت لتؤكد على أهمية إيجاد حلول لقضايا ومحن الأمة وأهمية وحدة الأمة مع قدوم عيد الفطر المبارك. وتطرق حنفي إلى ما جاء في كلمة الملك عبدالله بتفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، مطالبا المركز بترسيخ «الأمن الفكري» لدى الشباب لحفظ عقولهم من المؤثرات الفكرية المنحرفة، وحماية المجتمع من الانحرافات السلوكية والخلقية، ويؤمّن العبث بمقدرات الوطن. ورأى حنفي، أن ترسيخ الأمن يحقق الطمأنينة والاستقرار للفرد والمجتمع، وأن معالجة الاختلالات الفكرية تحتاج إلى وقفة جادة من كافة فئات المجتمع، وأن ما يميز الشعب السعودي تمسكه بوحدته الوطنية والتفافه حول قيادته، والوقوف في وجه الفكر المتطرف وكشف خيوطه كواجب ديني ووطني، ووأد أي فكر متطرف، وعلى الشرعيين دور كبير في هذا الجانب، فهم يحملون على عاتقهم هذه المسؤولية أكثر من غيرهم. وعد عميد كلية التربية في جامعة أم القرى الدكتور زايد بن عجير الحارثي هذا الخطاب بمثابة خارطة طريق صوب عودة الأمة الإسلامية لمجدها ووحدتها وتكاتفها سيما فيما يخص محاربة الفكر الإرهابي. وقال الدكتور الحارثي «لا يزال الإرهاب يمثل خطرا محدقا بالعالم كله، وهذه رؤية خادم الحرمين الدقيقة التي من خلالها تم استشراف خطورة هذا الشبح المهدد للاستقرار منذ عقود، وكانت المملكة سباقة في دحض هذا الخطر المحدق بالعالم وجهوده كبيرة في هذا الشأن، لذا كانت دعوة الملك عبدالله ومناشدته كل الأمم الأخرى المشاركة بدعمه للقضاء على قوى الحقد والتطرف والإجرام، وهو واجب حتمي على كل من يرى في الإرهاب معول هدم يهدد أمننا وسلمنا العالمي. وزاد الدكتور الحارثي القول «يكرس الملك عبدالله مفهوم التضامن العالمي لمكافحة الإرهاب ولهذا جاء خطابه متضمنا تشخيصا لمن يتخاذل في هذا الشأن، حيث وصف بأنه قد أحاط نفسه بدائرة الشكوك والتهم وهنا يبرز الدور المطلوب من كافة الشرائح المجتمعية في محاربة الإرهاب بحيث يقف المجتمع في صف واحد، لذا كانت كلمة خادم الحرمين الشريفين ضافية كافية تحمل مضامين لا بد للجميع من العمل وفقها للخروج بمجتمع آمن». كاتب العدل في مكةالمكرمة الشيخ أسامة خياط قال «دعوة الناس للتسامح في يوم فضيل كيوم عيد الفطر المبارك، لها مضامين مهمة، لا بد أن تكون في كافة مفاصل الحياة، لذا جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين من أرض الطهر وبلد الأمان ومهد الرسالة الإنسانية العالمية، راسما للعالم الإسلامي نهجا قويما في التعامل المطلوب بين المجتمعات والحكومات، وبالفعل فإن النفس لتتشح بالحزن والغبن لما حال إليه الوضع في بعض الدول العربية الشقيقة من تفكك وحروب ما أنزل الله بها من سلطان، وهو ما يدخل بعضها في دوامة المجهول وما زاد من التفكك وقتل الأبرياء، وترويع الآمنين، وهتك الحرمات، مدعومة بإرهاب فكري أباح ذلك بنظرياته الحزبية، ومطامعه السياسية بشتى ذرائع التأويل والتدليس على الناس من خلال توجيه نصوص الشرع الحنيف والتطفيف فيها وفق مرادهم، كانت هذه الكلمات تحمل دلالات واقعية للخطر المحدق بالعالم الإسلامي برمته، ولذا كنا ولا نزال نحمل دعوة التسامح في شتى جوانب الحياة لأن التسامح سفينة النجاة من كل شر». المشرف على جمعية حقوق الأنسان في مكةالمكرمة سليمان الزايدي علق على خطاب خادم الحرمين الشريفين أمس بالقول «كان خطابا شاملا لأبرز التحديات التي تواجه العالم الأسلامي خلال هذه الحقبة التاريخية الهامة، كان خطابا واضحا صادقا ومشخصا للواقع المرير الذي نعيشه كمجتمع إسلامي». وقال الزايدي «نداء الملك في الوقوف وقفة حازمة مع النفس أولا لإصلاح شأن الأمة الذي يبدأ من إصلاح الذات والاتفاق على كلمة سواء، ركيزتها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتصدي بكل عزم وحزم لدعاة الفتنة والضلال والانحراف الذين يسعون لتشويه سمعة الإسلام الذي احتوى القلوب وحضن البشرية وكانت سعة عقول رجاله سببا في حضارة ورقي الإنسانية بشهادة منارات العلم والحضارة والثقافة في العالم أجمع واحدة من أبرز النداءات التي نحتاجها حاليا في هذا الصراع الدامي في شتى البلدان، لا بد من التجرد من هوى النفس والمصالح الضيقة والوقوف على المصلحة العامة، لقد زرعت الأهواء الشخصية فجوة كبيرة في المجتمعات وقادت صوب التفكك الذي نشهده حاليا، حان وقت الوقوف بجد والعودة لجادة الطريق والعمل على وحدة الصفوف بما يخدم المجتمعات». الشيخ يوسف الأحمدي وصف هذه الكلمة بالشاملة وقال «كان خطاب خادم الحرمين الشريفين واقعيا ومشخصا لحال العام وللأمة الإسلامية، كان صادقا يحدد كل مكان الخلل فيها ويضع روشتة علاج لها من خلال العودة للذات وإصلاحها وهو الإصلاح الداخلي لكل منا ومن ثم يكون الإصلاح العام، لا بد أن يكون هذا الخطاب محل مراجعة ذاتية لكل المسلمين الذين يبحثون عن نوافذ الخروج من المشاكل المحيطة بنا من كل صوب، ولا بد أن نكون صادقين مع أنفسنا ومن حولنا وأن يعمل كل فرد في مصلحة المجتمع متجردا من الذاتية والأهواء». وعلقت الإعلامية نوال بخش على كلمة خادم الحرمين الشريفين بقولها إن الكلمة كانت وافية وشاملة، ومنبثقة من رؤيته لما يدور في وطننا العربي والعالم الإسلامي من أحداث جسام تتطلب الوقوف بحزم أمام متطلبات الوحدة الوطنية ومكافحة الإرهاب في منطقتنا والعالم، حيث تجلى ذلك من خلال دعمه بمبلغ 100 مليون دولار للمركز العالمي لمكافحة الإرهاب وحرصه على أن يكون تحت إشراف الأممالمتحدة نظرا للرسالة الإنسانية التي سوف يقدمها هذا المركز من أجل مكافحة الإرهاب العالمي الذي أضحى يهدد البشرية بأجمعها. وأضافت «بخش»: ولا يسعني بهذه المناسبة العظيمة إلا أن أتقدم بخالص التهنئة لوالد الجميع خادم الحرمين الشريفين والشعب السعودي بالتهاني والتبريكات بالعيد السعيد متمنية له الصحة والسعادة ولوطننا وأمتنا العربية والإسلامية دوام التقدم والازدهار. بدورها قالت الإعلامية بدور أحمد إن خادم الحرمين عود المواطن السعودي والعالم على تقديم المبادرات الكبيرة والعظيمة في أكثر من مناسبة وهذا سعيه دائما من أجل أن يعم الخير ويسود الأمن والسلام في ربوع الوطن والعالم، لهذا لم نتفاجأ بهذا الدعم السخي لهذا المركز العالمي الذي سيناط به مكافحة الإرهاب على كوكب الأرض، فهذه المبادرة تستحق منا التقدير والتبجيل والشكر لهذا القائد الذي أثبت للعالم أنه رجل يعي ويدرك متطلبات الأمن والسلام الدوليين.