لقب العلماء صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بأمير السنة، ولم يأت ذلك إلا من جهد متواصل ودأب لا ينقطع في خدمة السنة وعلومها والبحوث التي أجريت عنها. وفي أكثر من مناسبة يؤكد العلماء من داخل المملكة وخارجها وأئمة وخطباء الحرمين الشريفين ذلك، ولعل أقرب شاهد على ذلك جائزة نايف بن عبدالعزيز للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة ومسابقة الأمير نايف لحفظ الحديث الشريف، التي اعتبرها الجميع اهتماما ورعاية وعناية تفوق الوصف بالسنة النبوية، والناشئة من الشباب والفتيات وتغذيتهم بمنهج قويم وعقيدة سليمة، وامتدادا للدور الريادي التي تقوم به المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، ووصفوا الأمير نايف بن عبدالعزيز إزاء هذه الجهود التي يبذلها في السنة النبوية وخدمتها ب «أمير السنة». والعناية الفائقة هذه تعد فريدة من نوعها، إذ إنها تشجع علماء الأمة على البحث والإبداع، وتفتح باب المنافسة الشريفة للجميع من أجل استخراج كنوز السنة النبوية، والعلوم الإسلامية لتساهم في حل مشكلات المسلمين المعاصرة، وتعالج الأمراض الاجتماعية، وتقضي على الأفكار الهدامة التي تظهر في الأمة بين الحين والآخر. وتأتي نظرة راعي الجائزة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ثاقبة، ذلك لأنه لم يجعل الجائزة مقتصرة على الشأن الإسلامي فحسب، بل جعلها عالمية التوجه، لأن رسالة الإسلام رسالة عالمية، وتخاطب الناس أجمعين، ولهذا قدمت الجائزة للعالم صورة واضحة عن الإسلام كدين عالمي، يدعو للتسامح والوسطية والمحبة، وينبذ العنف والتشدد والتفرق والإرهاب والغلو، مدركة دورها الريادي في نشر الخير وتبصير المسلمين في أمور دينهم ومصالح دنياهم. كما يأتي هذا الجهد الدؤوب من الأمير نايف إدراكا ثاقبا منه مع ما آتاه الله من غيرة دينية وحب لدينه ووطنه ورغبة في إسداء الخير للمسلمين جميعا، إن ما تعانيه الأمة اليوم في بعض أفرادها ومجتمعاتها من تخلف وتفرق وجهل وشطط وغلو وتقصير إنما هو بسبب البعد عن الكتاب والسنة أو القصور في فهم نصوصها، لذا جاءت هذه الجائزة لتكون مركزا عالميا لنشر العلم الشرعي وحفظ السنة النبوية ودراستها وإظهار محاسن الدين الإسلامي العظيم ودفع الشبهات والاتهامات التي تلصق به زورا وبهتانا ومعالجة ما تعانيه الأمة من مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية تحت مظلة الشريعة الإسلامية السمحة وذلك من أعظم الأسباب المعينة على استتباب المجتمعات واستقرارها سياسيا واقتصاديا وفكريا وأمنيا. ولا يزال ولي العهد وزير الداخلية يعمل بدأب على استئصال الجريمة ووقاية المجتمع من كل ما يهدد أمنه وسلامته جنبا إلى جنب مع تعزيز الجانب الفكري واقترانه بالجهد الأمني، حتى أصبحت المملكة نموذجا يحتذى به على مستوى العالم بفضل تطبيق الشريعة الإسلامية السمحاء. ويحرص الأمير نايف بن عبدالعزيز دائما على تأكيد الموضوعية في المعالجة الإعلامية ويشجع تبادل الآراء وطرح المقترحات والبعد عن المهاترات والانفعال في إطار القيم الإسلامية والتقاليد العربية الأصيلة، كما يعمل على تطوير أداء الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله. ومن جهود الأمير نايف في مكافحة الإرهاب، إطلاق برنامج لتأهيل الموقوفين بقضايا الإرهاب؛ بحيث تتم مناصحتهم تحت التحقيق وقبل المحاكمة وخلال تنفيذ الحكم، ورعايتهم اللاحقة، والتأهيل النفسي والميداني لإعادة دمجهم في المجتمع، وقد لقي هذا البرنامج الكثير من الإشادات العالمية، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، الذي دعا إلى تعميمها عالميا، والاستفادة منها، كما أشاد بالبرنامج وزير الدفاع الأمريكي. الأقسام الفكرية ومن جهود الأمير نايف التي يصعب حصرها، إنشاء الأقسام الفكرية والكراسي البحثية والمراكز العلمية والجوائز المتخصصة لهذا الجانب، ومنها كرسي سموه لدراسات الأمن الفكري في جامعة الملك سعود في الرياض. ويدلل على ذلك كلمته إبان رعايته مؤتمر «فكر التطرف وتطرف الفكر» في 1431ه في الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة؛ حيث أكد عند افتتاحه أن الهدف ليس تشخيص الفكر المنحرف بل وضع تصور لإعادة المنحرفين. وأكد الأمير نايف في المؤتمر آنف الذكر، محاربة التطرف والغلو والإرهاب الذي يهدد حياة الإنسان، وينتهك حرمة الدين، ويعرض مقدرات الفرد والأمة للخطر، لافتا إلى أن ذلك منهج المملكة العربية السعودية المنطلق من واجبها الديني والأخلاقي، حيث إنها سباقة في كشف مخاطر الإرهاب والتطرف الفكري، ومواجهته بقوة الردع، ومنهجية الارتداع، لأن ردع الإرهاب يحتاج لقوة توقفه وتقضي عليه، وتحفظ المجتمع من شره، ويبدأ الإرهاب بتطرف فكري، ثم يتطور لتطرف فعلي، ويسنده في هذه المرحلة فكر متطرف، وعليه فتبدأ المعادلة بتطرف الفكر ثم ينمو ليصبح فكرا للتطرف يؤيده ويسانده، ويبرر له أقواله، ويسوغ له أعماله، ولذا إذا أردنا أن نكافح التطرف فلنكافح فكره، وإذا أردنا أن نكافح فكره فلنكافح منابعه الفكرية والبشرية، فكم من عمليات إرهابية بدأت بأفكار عدها البعض من باب الغيرة والاحتساب، وإذا بها تتطور إلى أن تستبيح الكبائر. وأشار الأمير نايف إلى أن الغاية تكمن في تعزيز جهود إعادة المنحرف من ناحية، ومنع المستقيم من أن ينحرف من ناحية أخرى، وثانيهما مكافحة جميع الوسائل والسبل الموصلة للفكر المتطرف والمؤدية للتطرف الفكري، ومن ذلك ضبط النظام العام في الأقوال والأفعال، والأدوات والآليات، وعلى رأسها وسائل الاتصالات وتقنية المعلومات والإعلام. وجدد الأمير نايف الدعوة لتجفيف منابع الإرهاب، مؤكدا على أنه في حال لم يعمل الجميع على تجفيفها، فإن الإرهاب سوف يتواصل ويظل قائما، ولكن نحتاج من المخلصين القادرين أن يبحثوا عن هذه المنابع أولا، ويقدموا التوصيات على وسائل تجفيفها ثانيا، ومن ذلك مثلا بعض القنوات الفضائية التي تسقي القلوب الحائرة تطرفا، بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر برامج تضلل الناس، وتحرضهم ضد الواقع تجاه المجتمع، إضافة للإنترنت الذي يعد اليوم في بلادنا العربية المنبع الأول للإرهاب، وأمتنا العربية والإسلامية تحتاج لخطوات عملية ناشطة ومتطورة، فلا يفيدها الإغراق في البحوث والنظريات، في حين أن القافلة قد سارت بمن فيها من متطرفين وما فيها من تطرف، وهو ما أشار الأمير نايف إليه حينما خص الإنترنت بالأهمية. أعمال خيرية وفي جانب العمل الخيري، يشرف ولي العهد وزير الداخلية على اللجان والحملات الإغاثية والإنسانية، وما يتحقق في ذلك من رعاية ورقابة لازمة، لقطع الطريق على من يستغلون العمل الخيري في تمويل الإرهاب، أما في جانب الحج، فيرأس الأمير نايف لجنة الحج العليا. حملات الحج وهناك أيضا حملة الحج التي يسيرها الأمير نايف على نفقته الخاصة للموقوفين والمطلق سراحهم، وكذلك حملة شهداء الواجب التي يتكفل فيها بحج ذوي الشهداء، إضافة إلى الصدقة على الفقراء عن شهداء الواجب وتوزيع السلال الغذائية عنهم. ويتبادر للذهن في سياق مكافحة الإرهاب الفكرية، اعتماد المملكة استراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب اشركت في تنفيذها جميع مؤسسات المجتمع كل في مجال اختصاصه، ونجح علماء المملكة في إيضاح منافاة الإرهاب لتعاليم الإسلام، وما تمثله الأعمال الإرهابية من اعتداء محرم على الأنفس المعصومة من المسلمين وغيرهم، وتفنيد مزاعم الفئة الضالة، التي تروجها التنظيمات الإرهابية لتبرير جرائمها أو كسب أي تعاطف معها. وكان للعلماء دور كبير في مناصحة بعض المتأثرين بدعاوى الفئة الضالة في الوقت الذي كانت فيه الجهات الأمنية تحقق نجاحات متتالية في ملاحقة أعضاء هذه الفئة المتورطين بارتكاب جرائم إرهابية وتوجيه عدد كبير من العمليات الاستباقية التي حققت نجاحا كبيرا في إفشال مخططات إرهابية في عدد من مناطق المملكة. ويستدعي الجميع في خضم هذه المعارك ضد الإرهاب حجم الوفاء المتدفق والعطاء المتزايد من الأمير نايف الذي يكرم الشهداء من رجال الأمن ويواسي ذويهم وعائلاتهم، ويقلدهم أوسمة الشرف وأنواط الكرامة، في حين لم يقتصر ذلك على شهداء وأبطال الأجهزة الأمنية فقط، ليمتد إلى مراعاة مشاعر آباء وأمهات المتورطين بارتكاب الأعمال الإرهابية ممن ألقي القبض عليهم. وكان لذلك الاهتمام أكبر الأثر في عودة كثير منهم إلى جادة الصواب، في أعقاب ما أعلنته القيادة من عفو عن التائبين من أعضاء الفئة الضالة الذين يسلمون أنفسهم، وقد حققت هذه السياسة الحكيمة نتائج ممتازة، وأعلن بعض أعضاء الفئة الضالة توبتهم وتراجعهم عن الأفكار المنحرفة التي كانوا يعتنقوها. الجهود الوقائية وفي الاتجاه الوقائي، تعددت جهود مكافحة الإرهاب، بدءا من برامج توعية طلاب المدارس والجامعات بخطورة الأعمال الإرهابية وحرمتها في الإسلام والآثام التي تقع على مرتكبيها وحثت المعلمين والمعلمات على توعية الطلاب والطالبات بذلك وتوجيههم إلى الطريق الصحيح وغرس حب الوطن وطاعة أولياء الأمور في نفوسهم. وبالعودة إلى مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية نجد دوره الكبير في إعادة الموقوفين إلى رشدهم وتصحيح مفاهيمهم من خلال الاستعانة بعلماء الشريعة والمختصين في العلوم الاجتماعية والنفسية والمثقفين ورجال الأعمال وإتاحة الفرصة لهم لمقابلة هذه الفئة ومناقشتهم بكل حرية والرد على شبهاتهم وانتهاج أسلوب الحوار والإقناع مع بعض أتباع هذا الفكر، وتغيير الكثير من القناعات السابقة لديهم وعرض هذه التراجعات عبر وسائل الإعلام.