يفرح عمال النظافة بمناسبة العيد بطريقتهم الخاصة، يجسدون فيها مثالا في الإيثار وحب العمل، فعلى الرغم من أن الناس يحرصون على ارتداء أفضل ملابسهم في تلك المناسبة السعيدة، والتطيب بأجود أنواع العطور، إلا أن أولئك العمال يتفانون في إزالة النفايات والمخلفات وإماطة الأذى عن الطريق، لتظهر عروس البحر في أبهى صورها، ونظارتها، ويقدم عمال النظافة تلك المهام بطيب نفس والابتسامة ترتسم على محياهم، غير آبهين بالروائح الكريهة التي تطالهم، فضلا عن المخلفات التي تلتصق بهم، تتكالب عليهم آلام الغربة ومشقة العمل، إلا أنهم يتغلبون عليها بالصبر والرضا وحب تقديم الخير للآخرين. الهندي نارسياه محمد بين أنه قدم إلى المملكة كعامل نظافة منذ نحو ثلاثة أعوام، مشيرا إلى أنه لم يقض العيد خلالها مع أسرته. وقال نارسياه: «أصبحت جرافة القمامة والحاوية أصدقائي المخلصين، معهما أشعر أن جميع أيامي أعياد»، موضحا أنه كان يعمل في النظافة في إحدى الدول العربية، تعرف من خلالها على عادات بعض المجتمعات التي عمل فيها. وبين نارسياه أن عيشه قرب الحرمين الشريفين يعوضه عن ابتعاده عن أهله، موضحا أنه يجمع المال من عمله ليعول أطفاله ويعوضهم عن غيابه. واضاف: «أحرص على إرسال المال لهم ليشتروا لوازم العيد، والألعاب والهدايا»، لافتا إلى أنه يشعر بسعادة غامرة حين يحادثهم عبر الهاتف. ورأى أن ثمة اختلافا بين عادات العيد في المملكة والهند، إلا أن وحدة الإسلام هي القاسم المشترك بينهما، موضحا أنه عاقد العزم على قضاء عيد الأضحى المبارك في وطنه وبين أهله وأطفاله. إلى ذلك، تحدث عامل النظافة الهندي سالوا كريم بعربيته المكسرة عن شوقه العارم لأسرته في الهند، معربا عن حزنه العميق لقضاء العيد بعيدا عنهم، مشيرا إلى أنه يحظى باحترام وتقدير أفراد المجتمع السعودي ما يخفف عليه قسوة المهمة التي جاء من أجلها. وقال كريم: «كثير من عمال النظافة يقضون عيدهم في الشوارع ولكن تجود عليهم يد الخير في المناسبة السعيدة»، مشيرا إلى أن ذلك يخفف عليهم آلام الغربة، لأن العيد لكل المسلمين، داعيا الله أن يجمعه بأسرته في الهند في أقرب وقت وعلى الخير.