تجبرنا الظروف أحيانا على تقبل الواقع، هذا هو حال المرابطين على المنافذ الحدودية وحال أسرهم خلال شهر رمضان الكريم، حيث يدفعهم تأدية الواجب للتخلي عن الأجواء العائلية والروحانية التي يتمتع بها الشهر الفضيل عن باقي أشهر السنة. «عكاظ الأسبوعية» سلطت الضوء على واقع المرابطين وما يشعرون به ببعدهم عن ذويهم. عبدالله الختارش أحد أفراد حرس الحدود يشير إلى أن الكل يتمنى أن يعيش هذه الأجواء مع أفراد أسرته، لكن طبيعة عملنا لا تنتهي بساعات الدوام الرسمي، وهو ما يسبب الكثير من الانزعاج أو عدم رضا من قبل الأسرة، ولكنهم في نهاية الأمر يقدرون طبيعة العمل التي تحتم علينا المرابطة، ويقدرون الدور المهم الذي نقوم به من أجل حماية الوطن. فنحن في كثير من الأحيان لا نستطيع تناول الإفطار إلا من خلال 5 دقائق، نتمركز فيها في مواقع معينة حرصا على الجانب الأمني، وفي بعض الأحيان تجدنا نتأخر في تناول الإفطار لأكثر من ساعتين وربما لا نستطيع الإفطار لوقت متأخر . ويقول إبراهيم شعابي من حرس الحدود إن الإفطار بعيدا عن الأسرة أمر قاس نوعا ما، ولكن الإحساس بخدمة الدين والوطن وحمايته أمر يجعلنا نتناسى البعد عن أسرنا والإفطار معهم، فأنا في أول أيام رمضان لن أتناول وجبة الإفطار معهم ولن نتبادل التهاني والتبريكات وأكتفي بتهنئتهم عن طريق الهاتف فقط. عبدالله العسيري وزملاؤه في أحد الزوارق البحرية في منطقة (جازان فرسان)، يعتبرون الإفطار مع الأسرة مطلب كل شخص بل ويتمنونه، ولكن عندما تستدعي الحاجة العمل مع زملائهم في حراسة الثغور ساعة الإفطار فهذا فخر لهم كونهم يسهرون على أمن الوطن وراحة المواطنين. وقال العسيري: وجودنا كدوريات في حرس الحدود سواء في البحر أو البر واجب وطني يتمنى كل واحد منا التواجد به، فعندما يستغيث بنا شخص ما أو نتلقى بلاغا عن حالة ونباشرها وقت الإفطار فذاك منتهى سعادتنا، وعندما ننهي المهمة نجد الراحة والفرح يتسللان إلى نفوسنا. فيما يؤكد عدد من زملائه عن توزيع المناوبات على كافة الضباط والأفراد خلال الشهر بما يحقق التواجد على مدار الساعة كما هو الحال في غير رمضان، مؤكدين أن لدوام رمضان رونقا آخر، خصوصا أنه يجمع بين الثواب وخدمة الوطن، مشيرين إلى أن الجميع هنا يتكاتفون في توفير الإفطار، فهناك من اعتاد إحضار مأكولات من منزله وآخر يحرص على شراء وجبة شعبية، وفي المحصلة الجميع يتشاركون في إعداد وتناول إفطار وسحور رمضان. ويعتبر خالد باغشير أحد رجال الجمارك والذي يعمل على وظيفة مدير مناوب في منفذ الطوال، أن رجال الجمارك ممن حرموا لذة الإفطار مع العائلة في هذا الشهر الكريم والتي لها طعمها الخاص والمميز، وذلك بسبب طبيعة العمل والتي تكون على شكل مناوبات يصادف موعدها موعد الإفطار على مدى 3 أيام أسبوعيا. ويقول خالد: نتناول إفطارنا في المنفذ في مدة لا تتجاوز 10 دقائق والتي عادة ما تكون حبات من التمر وكوب لبن، فشهر رمضان يكثر فيه القادمون إلى المملكة من مسافرين ومن قادمين لأداء العمرة، مضيفا أنه في هذا التوقيت من السنة نرفع درجة الحظر والتدقيق لكي لا يستغل بعض ضعاف النفوس من المهربين إدخال المخدرات وغيرها عبر المنفذ. وفي جولة ل«عكاظ» على منفذ محافظة الطوال والذي يقف الجميع فيه على خدمة الوطن من مرابطين في الجمارك والجوازات والقسم الصحي والهلال الأحمر والشرطة والمستشفى العام والدفاع المدني وحرس الحدود. فرجال الجمارك الذين يعملون في منفذ الطوال يقدمون خدمات للقادمين والمغادرين في شهر رمضان دون أدنى تقصير. ناصر علي أحد أفراد جمارك يقول: إننا لن نتأخر في خدمة الوطن وتقديم الخدمات للضيوف القادمين، وفيما يخص فترة تناول الإفطار، فغالبا نتناول الماء والتمر ونحن منهمكون في أداء العمل، ونشعر بسعادة كبيرة عندما نقوم بذلك ونسمع الدعاء من المسافرين. وفي قسم المرور، يقف العاملون في أوقات قرب تناول وجبة الفطور، وذلك للتوجيه ولمنع السرعة والتفحيط والتجاوزات الخاطئة، وفي هذا الشأن رأينا أحد أفراد مرور الطوال العريف خالد عريبي وأحد أفراد شرطة الطوال وهما مع أذان المغرب يساهمان في فك الزحمة المرورية، ويقومان بالتوجيه وتنبيه السائقين بعدم السرعة والتجاوز الخاطئ، وعندما حان وقت الأذان تناولا التمر والماء وهما في العمل، قائلين إننا في سعادة كبيرة كوننا نقدم خدمات جليلة للمواطنين ونحن في شهر الخير والعبادة ونسأل الله أن يتقبل منا ويعيننا على خدمة وطننا ومليكنا، مؤكدين أنهم حتى ولم يجدوا إلا تمرا وماء فهذا يكفي لأنهم في محل لتقديم خدمة لهذا الوطن وأبنائه. وفي قسم الدفاع المدني وقف علي عبدالله عكور وعبدالرحمن عواجي وقالا إننا في مهمة أداء واجب لخدمة أبناء وطننا الغالي ونقوم بجولات على المحلات التجارية وأماكن الطبخ ومتابعة كافة أدوات السلامة والاشتراطات اللازمة، وقامت دورية الدفاع المدني بمتابعة من مدير المركز أحمد عريشي بجولة على الأودية وأماكن تجمع المياه. وفي حرس الحدود بالطوال ترابط دورياته على الشريط الحدودي لمنع دخول المتسللين حاملين معهم مهربات وممنوعات وتستمر جولات الدورية على الشريط الحدودي. أحد أفرادها أكد أنهم يتناولون إفطارهم من الماء والتمر في السيارة وهي تسير دون أن تتوقف لأن ضعاف النفوس يستغلون هذا الوقت وقت الفطور ولكن من أجل حماية وطننا سوف نبذل الغالي والنفيس. وفي مستشفى الطوال العام، يقوم أطباء وممرضون بالعمل على قدم وساق ويبذلون جهودا طيبة، ويقدمون خدمات جليلة لكافة المرضى. الدكتور متعب عشيري والدكتور علي شوك، اللذان يبذلان جهودا طيبة لتقديم خدمات علاجية للمرضى في قسم الطوارئ ونظرا للحالات الحرجة فإنهم أحيانا يتناولون إفطارهم وهم واقفون، وأكدوا أننا في عملنا هذا سعداء بما نقدم، حيث تأتينا بعض الحالات الحرجة ووضعها خطير وهذا لا يمنع من الاهتمام بتلك الحالات ، وتناول الفطور يأتي فيما بعد.