في الطريق إلى موقع البحيرة الآسنة مجهولة المصدر في حي الخمرة كانت تهجس في ذاكرتي الكثير من السيناريوهات المحتملة لأضرار بحيرة «المسك الجديدة» في جدة، والمتمثلة في الأورام الخبيثة، الطفح الجلدي، والدرن والتي يمكن أن يتعرض لها سكان الحي، خاصة أن البحيرة أصبحت مزمنة وأن مياهها ملوثة وتزكم الأنوف. «عكاظ» تجولت على امتداد مجرى مياه الصرف الصحي القادمة من مكةالمكرمة باتجاه الخمرة، واكتشفت العديد من المخالفات والمخالفات التي يطول الحديث عنها. الجولة بدأت عند الساعة العاشرة صباحا وحتى المغرب وكانت الحصيلة سيناريوهات متعددة من الأحداث من أهمها أن المياه تجمعت في الموقع منذ أكثر من سنتين وهي تصب في الخلاء وبعيدا عن الطريق الرئيس وتعبر بحرة وصولا إلى أبو جعالة ومن ثم إلى مخطط بن جولي وبن لادن بالخمرة وصولا إلى المخططات السكنية. يقول محمد الزهراني: أعتقد جازما أن هناك جهة معينة تعاملت مع المياه بهذا الشكل، حيث حاولت تغيير مسار المياه وحصرها في جهة معينة إلا أن قوة التيار خيبت ظنهم وكشفت أمرهم، وتلك إرادة الله دائما. والأدهى من هذا كله أن المياه المنتشرة على امتداد الموقع تصدر رائحة قوية وتلوث الهواء. وأفاد، أن مصدر نبع المياه يبدو أنه من إحدى وحدات المعالجة في مكةالمكرمة شرقي محافظة بحرة ولا تظهر هذه المياه من وحدة المعالجة إلا بعد مسافة كيلومترين تقريبا في إشارة إلى أن وحدة المعالجة تضع مواسير تحت الأرض على امتداد كيلومترين ومن ثم تبدأ المياه في التدفق في الأراضي البيضاء ومن ثم جريانها مع الوادي ذهابا إلى الخمرة وانطلاقا إلى جدة. وبين أن آثار البحيرة بدأت تظهر على السكان وتتمثل في أمراض جلدية وطفوحات وأعراض صدرية خاصة لدى طلاب المدارس، وأورام سرطانية، موضحا أن الأمر لا يتوقف على المياه الآسنة فحسب بل بسبب الأدخنة المنبعثة من الحرائق وغيرها. وأضاف الزهراني أن الأهالي اجتمعوا لمناقشة تلك الأمور المستجدة بعد غزو الماء وكثرة الأدخنة في الفترة الأخيرة ما تسبب في أمراض كثيرة للأطفال والمسنين، وقال وهو ينظر إلى البحيرة «نحن بصدد رفع شكوى لوزارة الصحة بها إحصائية عدد المرضى في المنطقة بسبب البيئة الملوثة». وفي الطريق المؤدي إلى مكة من الداخل وعلى امتداد المياه الآسنة تنتشر الأشجار الشوكية بما يشبه الغابات وهي ترتوي من المياه. من ناحية أخرى، تحدث عيسى زيلع أحد الأهالي وقال «المياه التي تمتد ل50 كيلومترا من مكة وحتى الخمرة خطيرة جدا وتسببت في نفوق الإبل والغنم وهي تهدد الأهالي وكانت سببا مباشرا في التسبب في أمراض خطيرة أهمها الدرن وسرطانات منتشرة في المنطقة ولا يعلم الأهالي أنها المتسبب بحكم جهل بعضهم بنوعية الأمراض ومسبباتها». وأضاف، أن النهر العميق أصبح ملاذا للحشرات التي نشاهدها لأول مرة، ناهيك عن البعوض والذباب، والدود الذي يتجمع على الحيوانات النافقة. وقال الزيلعي، «بحت أصواتنا ونحن نخاطب الجهات المسؤولة ونعتقد أنهم على علم بالأمر ولكن البعض منهم يتعمد التعامل معنا باسلوب المراوغة وكل جهة ترميها على الأخرى، حتى أصبحنا نحن من يقوم بجولات حول الموقع لكشف ما فيه من مخالفات ومراقبة سير المياه تخوفا من اقتحامها للمنازل». وتابع زيلعي، «تلك المياه ستتسبب في كارثة طبيعية في المنطقة، ولو زعمت الجهات المختصة علاج المياه الجارفة فسوف يستمر الأمر لمدة طويلة بسبب كبر مساحة البحيرة ولما تحتويه من ملوثات بيئية وأشجار وأسماك وحيوانات نافقة تحركها المياه في كل اتجاه». وفي نفس السياق، أوضح صالح صوعان أحد أهالي الخمرة، أن هناك شركات ومعدات ثقيلة تعمل بالقرب من الموقع ولم تلتفت له أبدا بل بالعكس قامت بعمل حفريات لتحويل مسار المياه بعيدا عنها حتى تنجز أعمالها متناسين بأن المياه يمكنها هدم كل ما يشيدونه في لمح البصر بسبب قوتها. من جهته أوضح الناطق الإعلامي بأمانة محافظة جدة الدكتور عبدالعزيز النهاري أن البحيرة الآسنة من اختصاص مصلحة المياه وأن هناك مقاولا يتولى تنفيذ مشروع لشركة المياه وهو من يقوم بمحاولة ضخ وتخفيض نسبة المياه ما تسبب في إحداث تلك البحيرة. النهاري أوضح أن الأمانة تقدمت بخطاب لشركة المياه مفاده معالجة المشكلة وإزالتها والتفاهم مع المقاول حيال ذلك. وأضاف من مسؤوليات الأمانة حماية الأراضي ولذلك قامت الأمانة بمخاطبة مصلحة المياه من أجل العمل الفوري على تجفيف المياه قبل أن تتسبب في كارثة، لأن المقاول تسبب في تحويل المياه وضخها على الأراضي البيضاء.