يشهد معظم أحياء مدينة أبها، ظاهرة انتشار المساجد المؤقتة المبنية بجهود ذاتية من الأهالي أو فاعلي الخير، في الأراضي البيضاء المملوكة للغير، وتكون في الغالب «هناجر» من الحديد أو الأخشاب تتخذ كمصليات لسكان الأحياء البعيدة نسبيا عن المساجد والجوامع الحديثة، إلا أنها في نفس الوقت، تشوه المنظر العام كونها لا تراعي التصميم العمراني الحديث. ففي حي النميص السفلي والعلوي أحد أقدم أحياء أبها الشعبية وأكبرها، شيدت العديد من هذه المساجد الصغيرة بشكل مؤقت في الأراضي البيضاء، إلى حين حاجة المالك للأرض ومن ثم إزالتها، ويتم تعيين مؤذن وإمام فيها من قبل أهالي الحي أنفسهم حتى يتم بناء مسجد رسمي من قبل وزارة الأوقاف أو فاعل خير، كون بعض الأهالي يعانون من بُعد المسجد عن منازلهم ويجدون صعوبة في الوصول إلى المساجد الكبيرة وخاصة في صلاتي العشاء والفجر. وأوضح ل«عكاظ» كل من محمد يحيى العسيري وعلي سعيد الأحمري من سكان حي النميص، أن هذه المساجد تم بناؤها على نفقة السكان المجاورين، أو فاعلي خير في ظل عدم وجود مساجد قريبة من منهم، خاصة بينهم كبار سن ومرضى، وهناك من يخشى على أطفاله أثناء عبورهم الشوارع والطرقات في طريقهم للمساجد الكبيرة التي قد يبعد بعضها عدة كيلومترات، ويرون في المسجد المؤقت حلا مقبولا، على حد قولهم. وأضافوا: «يتم إنشاء هذه المساجد الصغيرة بجهود ذاتية من قبل الأهالي، أو من فاعلي الخير، ويختار لها الأهالي أنفسهم إماما ومؤذنا ممن يحتسبون الأجر دون مقابل، والبعض منهم مرتبط بدوام عمل، وهذا الوضع مؤقت إلى حين بناء مسجد معتمد، ونعتقد أن هذا حل مؤقت لجأ إليه الأهالي للتغلب على بُعد المساجد عن مساكنهم». وقالوا: «نأمل من شؤون المساجد بأوقاف عسير دعم مثل هذه المساجد ماليا وبالمستلزمات من مصاحف وصيانة وتأمين مؤذنين وأئمة بشكل مؤقت حتى يتم بناء مساجد رسمية متى ما وجد المتبرع بالأرض أو فاعل الخير الذي يتصدق ببنائه». من جهته، بين المواطن معرف سعيد محمد يحيى من حي النميص العلوي، أنه متقاعد ويعمل مؤذنا في المسجد القريب من منزله محتسبا الأجر من عند الله، ويضيف: «هذه المساجد مبنية على أرض مملوكة، ومبنية بشكل مؤقت، لحين احتياج صاحب الأرض لها وتقدم الأهالي بطلب من صاحب الأرض للتصدق ومنح الأرض وقفا لبناء مساجد عليها، ولازالت المحاولات مستمرة لإقناعه». وزاد: «يتخوف المصلون كثيرا من كثرة الزواحف السامة مثل الثعابين والعقارب في المزارع المجاورة، خاصة وأن المسجد تحيطه به مساحات خضراء من الأعشاب بفعل الأمطار الأخيرة، وهو ما يزيد خشية السكان من تعرضهم للدغات القوارض السامة خاصة أثناء الظلام الدامس». فيما يرى المواطن عوض محمد المالكي، أن انتشار مثل هذه المساجد من الهناجر والأخشاب هي ظاهرة غير حضارية، ومنطقة عسير منطقة نموذجية وواجهة سياحية، ويجب إزالة هذه العشوائيات لكونها خطرا على مرتاديها من السقوط، وحتى لا تتحول إلى مأوى للمجرمين وضعاف النفوس. إلى ذلك، قال مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بعسير الدكتور محمد سعيد القحطاني، إن هذه المساجد المؤقتة لا يمكن أن يتم استلامها والإشراف عليها من قبل إدارته، كونها تقام في أراض خاصة ومملوكه للغير، ومستحدثة بطرق عشوائية من قبل السكان أنفسهم، خاصة وأن هناك مساجد متوفرة في كل حي ولا حاجة لبناء مسجد مستقل أمام كل منزل. وأضاف القحطاني: «أحياء النميص مكتظة بالكثير من المساجد الحديثة والتي تشرف عليها أوقاف عسير وبها إمام ومؤذن وعامل نظافة ومجهزة بكافة الخدمات التي تحتاجها من ودورات مياه وصيانة ومتابعة دورية». حاجة ملحة قال الدكتور محمد القحطاني: «يبقى دورنا رقابيا وإشرافيا متى ما وجد المتبرع بالأرض أو فاعل الخير الذي يريد بناء مسجد على أرض تبرع بها، أو تم شراؤها، علما بأن بناء المساجد عبر الوزارة يتم وفق الأولويات والميزانيات المتاحة». وختم بالقول: «أوقاف عسير لا تتأخر في تقديم أي دعم يخدم بناء بيوت الله حسب ما تقتضيه المصلحة العامة وإذا كانت الحاجة ملحة لذاك، وتوفرت كافة الإمكانيات».