بعد إنهاك عامين من ثورات الربيع العربي، قرر المصريون العودة إلى أحضان الطبيعة هربا من آلامهم وفشل أحلامهم في ثورة كانت مضيئة، فأخذهم الحنين إلى الاحتفالات بالربيع، ومن ثم سرقة بعض الوقت لالتقاط الأنفاس بالعودة إلى الزمن الجميل بإحياء حفلات «شم النسيم» التي أعادت لمصر بعض الانتعاش الفني الذي فقدته نسبيا خلال العامين الماضيين، حيث تشهد عددا من الحفلات التي يحييها كبار النجوم في مقدمتهم «الكينج» محمد منير بحفل العين السخنة والذي يعتبره الكثيرون من أهم فعاليات شم النسيم لهذا العام.بينما يحيي هاني شاكر حفل دار الأوبرا ويقدم فيه لأول مرة أغنية «مجرد وقت» من الألبوم الاخير و«صاحبة الجلالة الحب» وهي من أعماله القديمة ومن ألحان خالد الأمير، «معقول نتقابل تاني»، و«حكاية كل عاشق»، ولشادية يقدم لأول مرة «إن راح منك يا عين» ولنجاة «كل شيء راح وانقضى». كذلك يشهد موسم «شم النسيم 10» حفلات أخرى، من بينها حفلات لمطربين عالميين من رومانيا وإسبانيا والسويد بمنتجع جديد بالعين السخنة، كما يحيي المطربان الشعبيان أوكا وأورتيجا حفلا آخر في المنتجع نفسه، وأربع حفلات أخرى مناطق أخرى بالقاهرة. وتستعيد الذاكرة زمن الفن الجميل وتلقط الآذان أجمل ما غنى الموسيقار فريد الأطرش أغنية «الربيع» التي كتبها الراحل مأمون الشناوي «آدي الربيع عاد من تاني، والبدر هلت أنواره، وفين حبيبي اللي رماني، من جنة الحب لناره، أيام رضاه يا زماني، هاتها وخد عمري، اللي رعيته رماني فاتني وشغل فكري، كان النسيم غنوة النيل بيغنيها، وميته الحلوة تفضل تعد فيها، وموجه الهادي كان عوده، ونور البدر أوتاره، يلاغي الورد وخدوده، يناجى الليل وأسراره، وأنغامه تسكرنا، أنا وهو مفيش غيرنا». كما نستعيد قصة كتابة هذه الأغنية الخالدة، كما حكاها مأمون في حديث إذاعي قائلا إنه في ربيع سنة 1947 كتب هذه الكلمات التي تغنى بها فريد وكان يشعر فعلا بفرحة الربيع مثلما يفرح به كل الناس، وخاصة في مصر التي تستقبله باحتفالات شم النسيم، وجاءت له فكرة أن يقدم هذه الكلمات إلى السيدة أم كلثوم لتغنيها خاصة وأنه كان قد تجاوز مرحلة البدايات وسبق أن غنى له الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، فاتصل بأم كلثوم واتفق معها على موعد وقد أعجبها الموضوع ورحبت به، ولكنها طلبت من مأمون أن يقوم ببعض التعديلات والتغييرات في النص المقترح، واتفقا على موعد ثان لمواصلة النقاش حول الموضوع، وخرج مأمون من بيت السيدة أم كلثوم غير مطمئن لموضوع التعديلات، وبالقرب من بيت أم كلثوم التقى مأمون صدفة بفريد الأطرش الذي كان صديقا له والذي كان يسكن في مكان غير بعيد عن بيت أم كلثوم، ففرح فريد بلقاء مأمون ورأى أنه منشغل وسأله عن السبب فحكى له مأمون القصة، وأخذ فريد الأغنية وقام بتلحينها وغناها فريد فأصبحت من أشهر أغنياته.كما تغنى كبار المطربين العرب بالربيع ووروده ومنها: «هلّ الربيع» عبدالحليم حافظ، «ليلة موكب الربيع» ليلى مراد، «ياورد مين يشتريك» أسمهان، «الورد جميل» أم كلثوم.