تسيطر الفوضى والتكالب على الربح في حراج السيارات في جدة، لدرجة أن بعض مفتولي العضلات يستخدمون سطوتهم للفوز بصفقة بيع يسيل لها اللعاب ما يجعل من فضاء الحراج أرضا للخصام، فيما يطلق بعض رواد الحراج على الموقع بالحوش الأسود كناية على الأحواش التي يتم تحريج السيارات المستعملة بها، كما أن الموقع يعد بمثابة ملاذ لمن لامهنة له، إذ أن الأمر وفقا لقولهم لا يتطلب سوى التوقف لساعات قليلة للحصول على مبلغ من المال. وليت السيناريو يتوقف عند هذا الحد فحسب بل أن بعض المحرجين يتفقون مع أصحاب المعارض لتجميل صورة السيارة «القرنبع» ووصفها بالعروس الجميلة حتى يتم بيعها بمبالغ يسيل لها اللعاب. وفي هذا السياق قال عمر باناصر عدم التنظيم والفوضى تسيطر على الحراج الذي يبدأ في الغالب بعد صلاة العصر وحتى الساعات الأولى من المساء، موضحا أن السماسرة تجدهم يساومون على المركبات ويعقدون اتفاقات مع أصحاب المعارض لمنحهم شهادة إيجابية عن المركبة حتى يرتفع سعرها مقابل نسبة معينة يتفق فيها مع مالك المعرض. وبعضهم يتفق مع الزبون نفسه، فعند دخوله لحراج السيارات يهرع إليه مسرعا عارضا خدماته وسؤاله عن المبلغ الذي يملكه وما هي مواصفات المركبة التي يرغب اقتنائها، وإذا شعر بأن المركبة المقصودة غير متوفرة فإنه يعرض عليه مركبة أخرى مادحا إياها، لأنه يعلم بأنه سيحصل على نسبة من الزبون ومن صاحب المعرض إذا تم بيع المركبة. من ناحية أخرى يقول رامي البشري أحد الأهالي تدار لعبة محكمة التنظيم في الحراج ومن يجهلها يؤكل ماله ويندم أشد الندم، ففي الحراج يتفق الجميع «أصحاب المعارض والشريطية» على أسعار المركبات المتوقفة في المعارض، وما إن يأتي زبون حتى يكتشف بأن المركبة سعرها واحد، ليس ذلك فحسب بل وعند رغبة الزبون في الكشف على المركبة فإن أصحاب الورش باتفاق مع البائع يفهمونه أن المركبة سليمة وليس فيها مشكلة على الإطلاق، وبعد شراء الزبون للمركبة يكتشف في كثير من الأحيان أن المركبة خربة وتوجد بها مشاكل لاتعد ولا تحصى، ولن يستطيع استرجاع ماله، وإذا فكر في العودة لصاحب المعرض فلن يجد منه إلا العناء لأن «القانون لايحمي المغفلين». وأضاف: من هنا ساءت سمعة الشريطية والمعارض، ففي النادر ماتجد شخصا أمينا يخاف الله ويسعى للكسب الحلال، فالكثير منهم يستغل جهل الزبون بالميكانيكا والسمكرة فيقوم بخداعه والتلاعب عليه، وهناك من يحلف لك بالله أن المركبة لم يصبها ضررا، وبعد شرائها تكتشف أنها تعرضت لحادث مروري سابق وفيها عيوب كثيرة. أيمن الشهراني (أحد المتجولين في الحراج) يقول: تعرضت لعملية (نصب) في الحراج، حيث أهداني والدي مبلغا من المال بعد تخرجي من الجامعة يقدر ب 60 ألفا، فذهبت مسرعا إلى الحراج لاقتناء مركبة صغيرة متواضعة تقيني من حر الشمس وتحميني من مشاكل الليموزينات، فاستوقفني أحد الشريطية عارضا خدماته، وأخبرني بأن المبلغ الذي معي يمنحني مركبة فارهة وسألني لماذا تفكر في مركبة متواضعة، فأجبته لأن مبلغي قليل. أوهمني بأن مبلغي جميل جدا وباستطاعته أن يمنحني مركبة من ماركة فاخرة بمواصفات خاصة، وحلف بالله أنها نظيفة جدا وليس بها عيوب، وعندما سألته عن سبب بيعها بما أنها نظيفة كما يزعم، افاد بأن مالك المركبة باعها لأنه مضطر لذلك بسبب احتياجه لمبلغ مادي لعلاج ابنه، وقال أيضا: لم يشأ بيعها ولكنه اضطر لذلك. من جهته طالب محمد الناصر تدخل جهات رسمية لمعالجة حالة ارتباك السير والفوضى في الطرقات والمداخل المحيطة بمعارض وحراج السيارات، وهذه الجهات هي: أمانة جدة والشرطة وإدارة الجوازات والمرور، وبسحب المركبات المتواجدة حول المعارض والمتوقفة منذ فترة طويلة والاستفادة من مواقع الأرصفة، وبالنسبة لحضور الشرطة فهو ضروري لمنع الشريطية من القفز في الطريق للمساومة التي يحدث من خلالها دهس وإرباك حركة السير.