وهذا قارئ كريم يحتج على تساهل إدارات المرور مع أصحاب (السيارات) الخربة، والمركبات (القرنبع). ويركز الأخ الكريم على الوافدين الذين ما إن يطأوا البلاد حتى يسارعوا إلى تجميع آلاف قليلة قد لا تزيد عن ثمانية؛ ليشتركوا في شراء سيارة لا تصلح إلاّ أن تكون خردة، لا تليق حتى بالتشليح. طبعًا النتيجة ازدحام مريع، وتلوث شديد، وسيارات مهشّمة قديمة. هذه زاوية واحدة فيها كثير من الصواب، لكن لهؤلاء الوافدين زاوية أخرى قد لا أتفق معهم فيها تمامًا، لكن فيها كثير من الوضوح والمنطق. سيجادل الوافد قائلاً: أين البديل المتاح غير هذه السيارة (القرنبع)؟ أين مواصلاتكم العامة؟ ولماذا تعتبون عليَّ، وشوارعكم تعجّ بباصات قديمة متهالكة لا يقل عمر بعضها عن 30 سنة، تُستخدم للنقل العام، مع أنها وسيلة غير آمنة إطلاقًا، ناهيك عن التشويه المستمر لشوارعكم المزدحمة، ولخططكم السياحية التي تعلنون عنها بين الفنية والأخرى. وحتى سيارات الليموزين تمثل قمة الفوضى، فلا نظام واضح يحكمها سوى مزاج السائق، فهو الذي يضع التسعيرة، (وعلى فكرة إن كان الراكب سعوديًا ضاعف له السعر). وأمّا العدادات الرسمية، فهي لرد العين لا أكثر. وهو يقرر إن كان المشوار مناسبًا أم لا. بنيتنا التحتية والفوقية جزء من المشكلة العصية على الحل، بالرغم من كل المليارات التي تُنفق، لكنها للأسف لا تُرشّد. خذوا مثلاً مشكلة الباصات التي تجاوزتها حتى أكثر الدول تخلّفًا، ونحن لا زلنا مستمسكين بشركة واحدة وحيدة اسمها النقل الجماعي، فلا هي تنقل إلاّ عبر المدن، ولا معنى لمنحها امتيازًًا داخل المدن ينافي كل أبجديات الاقتصاد الحر، كما ينافي كل مبادئ التنافس الشريف الذي يشجع على تقديم خدمة أفضل ما دام هناك زبون ينتظر وقادر على الدفع. مشكلة الازدحام والمرور معقدة جدًّا؛ لأننا نريدها كذلك. ولو توفرت الإرادة لاستطعنا تقليص هذه المشكلة إلى درجة مقبولة عبر أكثر من 30 سنة من انتظار (النقل الجماعي)، أو (القطار المعلّق)، أو (المترو الحديث)، فلا كعبًا بلغنا ولا كلابًا. وكل عام والسيارات القرنبع في ازدياد وتكاثر. [email protected]