في حياتنا اليومية الكثير من المفاهيم والحكم التي تحاكي واقعنا وتسايره، على النقيض تماما نجد منها ما أطلق على حالات خاصة عممها قائلها، أولها ذلك المثل الذي لازلنا نطبقه مرددين: «اسأل مجرب، ولا تسأل طبيب !!» ، مثل أثبت فشله في كثير ممن تعاطى معه، وقدم استشارة «مجرب» على «الطبيب» ، ورأينا نتاج هذا المثل إلى وقت قريب وهي تشكل أمامنا مفاهيم خاطئة كثيرة منبثقة منه، أشهرها ذلك المجرب الذي يقول: بأن تناول السمك مع اللبن سم خطير ، ويؤثر على الجسم بشكل رهيب! ، وقد يتسبب في حالات متقدمة إلى الإصابة بالبرص، والأطباء الآن يؤكدون نقيض ذلك تماما، لكن أنى لهم أن يقنعونا بذلك وقد ترسخت في عقولنا !. يقال كثيرا بأن: «القناعة كنز لا يفنى» . هل بالفعل بأنها كنز لا يفنى؟. لو كانت لدي القدرة على الحصول على المزيد، هل أقتنع بما لدي وأقف !. لو حصلت على المزيد ولدي القدرة على أن أحصل على أكثر منه، هل أقتنع بما بين يدي واقف!. ينبغي أن ترضى بما أعطاك الله دوما، لكن إياك أن تقنع وتقف، إياك أن تقتنع بما عندك من علم، من مال، من مكانة اجتماعية، حتى من أعمال صالحة، بل عليك أن تسعى للحصول على أكثر من ذلك بعد شكر الله تعالى ، وارفع سقفك عاليا، «إلا إذا انقطعت السبل. دوما ما نسمع وربما نردد بأن: «فاقد الشيء لا يعطيه». أعجبني قول أحدهم: «بل يعطي ويعطي ويعطي أكثر من الشخص العادي» ، والمواقف والقصص التي حولنا تقف مع ذلك قلبا وقالبا. تقيدنا وسيرنا على جميع هذه المفاهيم والأمثلة السابقة تجعلنا نساير تلك السياسة التي سار عليها سلاح المدفعية الأمريكية لسنوات عديدة ؛ حيث كانوا يصوبون المدفع نحو الهدف وينتظرون ثماني ثوان قبل إطلاق النار ، وبعد أن جاء أحد الخبراء واستفسر عن هذا السبب من الجنود أجابوه بأنهم لا يعلمون سبب هذا الانتظار سوى أنهم يخضعون للتعليمات ، وتفاجأ بأن إجابة الضباط هي ذاتها ! .. بحث في سجلات الجيش ليتفاجأ أكثر بأنهم كانوا في القرن الثامن عشر ينتظرون ثماني ثوان قبل الإطلاق ؛ ليتركوا فرصة لإبعاد خيولهم !، وهم الآن في زمن انعدم فيه استخدام الخيول بالحرب. نختم لنكسر بعضا من أمثلتنا السابقة ونقول: «اسأل طبيب ولا تسأل مجرب» ، «القناعة كنز لا يفنى فقط إذا انعدمت الطرق والوسائل» ، «فاقد الشيء قد يعطي أضعافه». عبد الله ياسر العلاوي (جدة)