• من أقوال العرب المنقولة والمأثورة لمن أراد أن يستفتي عن معلومة ليستنير بها يقال له «اسأل مجرب ولا تسأل طبيب»، وهذه دلالة على أهمية الإنسان المجرب بأنه الأكثر اطلاعا وتمرسا لمكنون الحالة المراد السؤال عنها، حتى يستطيع أن يمنحك صورة مقربة لمعايشته التجربة أكثر من العالم الدارس نظريا، ويقال أيضا «لا يفتى ومالك في المدينة» دلالة أخرى لمن كان يبحث عن معلومة ويوجد من حوله من هو ملم بها وبمفهومها. • لذلك عندما يأتي حارس الهلال السابق تركي العواد، وبرغم تجربته القصيرة داخل الملاعب والمليئة بصراعات الشللية داخل المعسكرات على حد تعبيره، ويتحدث عن مفهوم الشللية، وكيف كانت تلقي بأوزارها بين اللاعبين؟، وأن هناك مؤامرات يلجأ إليها بعض اللاعبين عندما يريدون إسقاط لاعب آخر؟ فإن الحديث يكون أكثر مصداقية وملامسة للحقيقة، على اعتبار أنه أصبح خبيرا في علم الشللية. • هذا ما استنتجته من خلال حديثه في إحدى الإذاعات، وهو استنتاج يحسب للدكتور الذي نبه إلى خطورة الشللية وآثارها السلبية على مجتمعنا الرياضي، إلا أنه وقع في محظور آخر لم يفطن له لا يقل خطورة عن الشللية، إنه التعصب الذي ظهر جليا في حديثه، ومحاولة التهكم من الآخرين وتسفيه آرائهم، وتقمص دور الوصي والمسؤول من أجل تمرير ما يريده، والتمسك بوجهة نظره حيال موضوع لا يملك خلفيته، هذا الدور الذي مارسه العواد خلال البرنامج الإذاعي قد سبقه الكثير والكثير، وكان أحد أسباب عثرات الكرة السعودية، والتي نجني ثمارها الآن. • لم يسهم عمل ما في تدهور الرياضة السعودية، كما أسهم نقص الوعي لدى بعض المسؤولين في الأندية والإعلام واللجان العاملة في اتحاد القدم، في فترة سابقة، في انتشار داء التعصب في جسد الرياضة السعودية، ما أفقده مناعته، تجلى ذلك من خلال تغليب مصلحة النادي على المصلحة العامة، وبالتالي، إذا أردنا أن نتواكب مع ما ناشد به الأمير نواف بن فيصل، فيجب علينا نبذ التعصب وتطهير أنفسنا من الداخل. • إخفاق المنتخب السعودي في الدوحة لم يكن وليد عمل اليوم، بقدر ما كان محصلة تراكمات وإفرازات سابقة تمحورت بين الأندية والإعلام ولجان اتحاد القدم. • من كان قريبا من مقر بعثة المنتخب أدرك تماما بأن الأمور تسير في الاتجاه المعاكس، فالبرنامج المعد للاعب يبدأ بالاستيقاظ من النوم الساعة الخامسة فجرا (على حد زعم اللاعبين). ومن ثم العودة إلى النوم حتى الواحدة ظهرا، لا تدريبات صباحية، ولا اهتمام بوجبات الإفطار أسوة بلاعبي المنتخبات الأخرى التي تسكن في نفس الفندق، وعند الساعة الثالثة عصرا يذهبون للتدريب، وكل لاعب يضع في أذنه سماعة، وكل في حاله، وعند العودة يذهبون للعشاء، ومن ثم يصعدون إلى غرفهم... وعلى هذا المنوال، إلى درجة أن إحدى الصحف اليابانية وصفت لاعبي المنتخب السعودي بفاقدي الوعي، والسبب الترهل الذي أصابهم.