بحثا عن الحياة يصرخ المبنى العتيق طمعا في التنفس وإعادة الإعمار، وجاره العملاق يرمقه في شموخ وانكسار، وكأنهما يكتبان رواية (صراع البقاء)، النافذة الخشبية المهترئة التي شاطرته الذكريات تجلب حزن الأرض تارة وفرح العيد في أخرى، تهمس البنايتان لبعضهما عن عائلات سكنت المكان وأوقدت زواياه صخبا وحياة، في طريقهما إلى السقوط يتلوان مشهد فتاة وشت بأخيها الصغير أمام أبيها وهو يخرج في عتمة الليل للعب مع رفقاء الحارة، وتتوه ذاكرته في أم حنون غفت في انتظار مجيء زوجها من عمله، تفاصيل حياة تندثر، ومبنيان مالا كل الميل إلى الانهيار على وقع لحن جنائزي، وفي فمهما أمنية بأن لا تسقط جدة القديمة.