سيناريو لموتٍ بعيد حين أموت لن تكتب صحف الصباح نعيي ولن تفتقدني الفراغات المعلّقة سيتبادل من كانوا أصدقائي موتي عبر الsms ويحتلّ رجلٌ آخر مكتبي في العمل لن تبكي عليّ سوى أمّي وامرأة ثلاثينية في كندا. مواربة أغلقي النافذة صوت العصافير يمزّق خشوعي لا أريد أن تحسّ بي الحياة من جديد أغلقي النافذة معتم أنا كالجحيم لا تعنيني أحزان الآخرين ولا أغنّي انتصارات الجيوش اتركيني أروّض ما تبقّى من نباحي ثم أبكي على أصنام القبيلة رايتي الوحيدة مخضّبة بشهوة الموت وكفني الأسود رتقوا به ثقوب الشوارع كي تسير فوقها جنازات اللصوص نحو مقبرة الشهداء. مسرفاً في الصمت صاحبي تعال نشذّب الحزن القابع في أحداقنا منذ قرون. لن يُعرِّينا حداء الركائب التي ارتمت في حضن الغبار من رداء الليل حتى إن وارينا في مسلكها سيفَ شيخِنا المنتظر. لن تهشّم الجذورُ الضاربة في عَتَمتنا زجاجةَ الحلم لنخرج من خباء العشيرة. خطانا تسرقها الريح وسأمُنا يتمرّغ في الصدور يُتعبنا ولا يَتعب. يروي الحنايا من غيمته المباركة يولم لذاكرتنا ثم يصوّت لعشائها الأخير. صاحبي هادن الليل قبل أن تحاصرنا الخيول ويغرز الغزاة سيوفهم في سرير القبيلة. قبل أن يتوقّف النبض في أوردة الصحراء وتتوه أسراب القطا صاحبي ليس بوسعك تعليق أحلامك وحيدة في الصحراء فالريح ماكرة هناك قاسية كالموت لا تحنو على قلب تنأى به الذكريات. الجذور في خضم الأحلام الصغيرة بكى عمّي حين ادّعى شيخ القبيلة أنه بلا جذور أمّا أبي فغرس يده في عنق نخلة وصاح: هنا جدّي. *** أبي الصلب كإرادة والعميق كصلاة آخر الليل كلّما زيّن القمر جوف السماء تاهت أسراب القصائد في عَتَمة قلبه. كلّما نادى منادي الدحة تعرّت وحدته كهمسة أخيرة كابتسار الوحي من كبد السماء كانكماش الحلم في صدر صبيّة يغمس قلبه في جنّات الانتظار لتطير الفراشات مصبوغة بالحلم. *** التربة في هذه البيد قاتمة كحزن شاسعة كصرخة هشّة جداً كلاجئ لا يتقن الفرار لا مكان للجدران الإسمنتية فيها لذلك اختار أبي عصاه من بين الكائنات صديقاً. * من ديوان بعنوان «18 يناير» يصدر قريبا عن دار الغاوون.