خاطرة وسألني من أكون؟ كالرسمة من غير ألوان، أبدو لك جدا عادية .. بعد لحظات يتضح لك العكس.. تتضارب الألوان من حولي، تتحول الخلفية الرصاصية إلى طاقة نور قوسحية. تجد أن ملامحي أصبحت معالم غضة .. وقسمات وجهي كتلة من التناقضات .. تجهد تفكيرك بغية الإدراك والفهم .. وإنما هيهات .. فاليوم تجدني سقيمة والوحشة تجتث أحشائي، يخافني خوفي وتنصرف عني ملامح الرهبة. (أنسية مسالمة ... و الانكسار سيد صفاتي) هكذا تقرأ الكتب مقفلة .. أفياء تظلل أشلاء. أما زلت مصرا على اكتشافي؟ ألم تكتف بكوني صرت في فضائك نجمة تضيء أفقك الحالك؟ أولا تقنع بأني تحولت إلى صلصال تطوعه كيف تشاء؟ .. تارة امرأة، وأخرى مجرد فكرة تطويها صفحات مذكرة. أجمل ما فيك أنك تجهلني .. وأن عصرت خلاصة ذهنك لتفهمني، قفلت بك الفجيعة .. من حيث أتيت، تكتفي بالتأمل والدهشة، لن يتبادر إليك سؤالي مجددا عمن أكون؟ (أنسية مسالمة .. والانكسار سيد صفاتي وبداخلي كل أشياء المجرة). توسلات (قليل من الرحمة) أتوسل إليكم، لا تعترضوا مسيري، لا تضعوا الأشواك والكلاليب في طريقي .. لا تكونوا قساة فأنا عطشة، وغايتي عبر المدى شريدة. (قليل من الصبر) امنحوني الفرصة، ولتكن الفرصة الأخيرة، لا مزيد من التوسلات ولا الدموع الساخنة. لقد قررت أن أعتزل الكلام، أن أردم مخارج الحروف في آلية جهازي الصوتي، سأحاول أن أعمل في ظل السكون. لكني لن أقدم تنازلات أكثر، لن أدفع ثمن تذكرة الدخول إلى المقبرة، لن أتجرد من أشيائي، أرفض دخول حفرتي عارية. رغم عتمتها وضيق مساحتها أنا على يقن أنها ستستوعبني، ستضمني وأشيائي، ستجمعني بغايتي الشريدة، سأرشف من وهج اللقاء ما يسد رمقي ما يعينني على الإفصاح، لن أتوسل، لن أطلب الرحمة لمواصلة المسير، فهاهنا أرتاح. صدق وثبات هجرته مرة، وقد هجرها مرات. تريده آخر، ويردنه أخريات. يفقد الحيلة، يطالع المرآة، بشرته مهيبة، عيناه زرقاوان.. ثغره باسم، وأنفه سيف هندوان، وجبينه ربوة تتسابق فيها ضباء وغزلان، قامته مديدة، عريض المنكبين، تعشقه كل أنثى. ويحيا بمنفى ومؤخرا يسعى للتخلص من تلك الذكريات، يعمل بجد طوال النهار. وفي الليل يعجز أن ينام، يتدرب على النسيان، يتبع حمية عاطفية، يلغي أجزاء من تلك الأصوات المتضاربة، وإيقاعات الضحكات المختزنة في ذاكرته. يضغط بثقله داخل الخزانة ... يحاول إقفالها، ينهار كوم الهدايا، تتناثر زجاجات العطر، والأصباغ، ربطات العنق رزم البطائق التذكارية الملثمة بالقبلات، تتبعثر على السجادة، ينحني لالتقاطها .. هناك الملايين من الثقوب التي أحدثتها الأحذية النسائية ذوات الكعب المدبب على السجادة. الخزانة تصرخ محتجة، وكذلك السجادة، الزوايا والجدار أيضا بقاءه في الدار. يفقد الحيلة يطالع المرآة يفكر بها فقط، ويلعن الأخريات، يحتضن المرآة .... فر إلى حيث تنتظره هناك سألها: هل عثرتِ على الآخر؟ أجابته: نعم. وأنت؟ لقد هجرت الأخريات. تبسمت أعينهما، قبض على يدها برفق، ترك المرآة تسقط، وشظاياها المتناثرة تعكس مولد حب دائم. سلمى الخيواني