في شوارع حي البرغوش في عنيزة، تخلط خضرة البساتين بالبيوت القديمة التي تنوح فوق هاماتها الريح، وتتحول في الأمسيات إلى أمكنة للقطط الضالة، وملاذات لضعاف النفوس. وأجمع عدد من الأهالي على ضرورة تسوير البيوت القديمة حتى لا تصبح ملاذا لضعاف النفوس في أواخر الليل، فضلا عن أهمية إطلاق برامج سياحية لزيارة بعض الآثار في الحي خاصة بئر أم القبور التي تعد من معالم الحي وهي بئر من العهد العباسي وكانت تعد محطة سقيا للحجاج العابرين بالمنطقة، وأضافوا أن أهالي الحي في الوقت الراهن بدأوا يتعرفون على أهمية الآثار الموجودة في الحي وخاصة بئر أم القبور. وأوضح عدد من أهالي عنيزة أن حي البرغوش من الأحياء القديمة الذي يجمع بين مواصفات الحي السكني والموقع الزراعي في وقت واحد، فهو كحي سكنه الناس في حقبة من الزمن وكانت المساكن قائمة على حافة المزارع التي أخذت مساحات كبيرة من الحي ولازالت هذه المزارع. وأضافوا أن السائر في ممرات المزارع التي تطوق الحي يشعر بالبرودة في الصيف نتيجة سقيا المزروعات بالأدوات التقليدية لكن هذه المزارع تشوهها بقايا بيوت متهدمة إضافة إلى السكون الذي يغلفها خلال فترات الليل وأن هذا السكون يظل قائما حتى فجر اليوم التالي مما يجعل الفرصة مهيأة لضعاف النفوس لتكون مخابئ لهم كما يشير بذلك فهد الفريج، موضحا أن هذه الحقول على جمالها تحتاج إلى أسوار تحميها من عبث العابثين في غياب عين الرقيب وسط ذلك السكون الرهيب. فيما يقترح ناصر السعاف أن تقوم الهيئة العامة للآثار بإنشاء قرية تراثية صغيرة داخل هذا الحي تكون مزارا لزوار هذه المحافظة أثناء التنشيط السياحي ومهرجان الغضا وزوار المحافظة عند حلول مهرجان التمور الذي يعد رمزا زراعيا يأتي إنتاجه الزراعي من محاصيل التمور لكل البلاد. ويضيف السعاف أن محافظة عنيزة تحتفظ بالكثير من المواقع المماثلة الصالحة لتكون قرى صغيرة تحكي واقع المحافظة الجميل في الماضي القديم والبرغوش واحدا من هذه المواقع الجميلة التي تستحق أن تكون موقعا تراثيا جميلا، هذا هو البرغوش الحي الزراعي السكني المغلف بسكون الزمن الجميل ومخاوف الزمن الحاضر يحتاج للمسة وفاء وعرفان. من جهته أوضح يوسف الزنيدي رئيس لجنة الفلايح بمحافظة عنيزة أن حي البرغوش حي قديم كما الأحياء القديمة مثل الجوز والخربزة والمسهرية لكن ما يميز البرغوش أن أغلب مساحاته زراعية من المزارع التراثية التي يمكن الاستفادة منها في السياحة الريفية. وأبان الزنيدي أن لجنة الفلايح قامت اللجنة بوضع الممرات بين هذه المزارع بطريقة تجميلية لتكون مزارا سياحيا في المستقبل القريب ولاشك أن ذلك تم بعد موافقة أصحاب الحقول وكانت مساكن الحي شمال المزارع المقابل لجامع الشيخ ابن عثيمين جنوب مجمع عنيزة ومجموعة أخرى من مساكن الحي أقيمت في المزارع حيث كان أصحاب تلك المزارع يسكنون في مزارعهم وشيدوا بيوتهم الطينية التي بقي منها الكثير من الأطلال فيما تحولت الكثير من الأبنية التي بنيت بالطراز الحديث وهي المواجهة لساحات السوق التجاري إلى محال تجارية. وأضاف الزنيدي أن بقايا البيوت الطينية سيتم قريبا تسويرها لحمايتها ووضع إنارة قوية عليها، لافتا إلى أن هناك آثارا تاريخية تحيط بالحي مثل بئر أم القبور وقد أحاطتها هيئة الآثار بسور ووضعت عليها لوحة تعريفية بالمكان فيما توجد أيضا بئر أخرى محمية لكنها غير معروفة. ملامح قديمة محمد الزنيدي مدير هيئة الآثار بمنطقة القصيم بين أن هناك آثارا محيطة بالحي مثل بئر أم القبور الشهيرة والتي تم حفرها مع مجموعة من الآبار في العصر العباسي لخدمة الحجاج العابرين بالمنطقة وبعض الآبار طمرت لعدم فائدتها وأصبحت خطرا على المارة إلا أنه تم الاحتفاظ ببئر أم القبور لشهرتها عن بقية الآبار وأصبحت من الآثار القائمة المسجلة في أجندة هيئة الآثار. وتابع الزنيدي: أن هذه الآثار تؤرخ للمكان الذي تقع فيه وما له من أهمية تاريخية.