يستدل الأهالي على تدني وقصور خدمات العلاج والصحة في جازان بحدوث أكثر من 22 حالة خطأ طبي خلال عام واحد. هذا الرقم المخيف أكدته ل«عكاظ» مصادر من مديرية الصحة أشارت إلى أن معظم هذه الحالات تحت التحقيق والتحري و(المعالجة) لدى الجهات المختصة. الأهالي يصفون وضع الخدمات الصحية في المنطقة بأنه «متدنٍ للغاية» متفقين على أن المستشفيات لن تستطيع القيام بمهامها في ظل ما أسموه النقص الحاد في الكوادر ذات الكفاءة والمستوى العالي. وذكر بعض هؤلاء ل«عكاظ» أنهم باتوا يعزفون عن زيارة تلك المرافق بعد تدني مستوى الخدمات فيها وكثرة أخطائها وتعددها، متمنين تدارك الوضع سريعا لعلاج ما يمكن علاجه. «عكاظ» استهدفت عددا من المستشفيات واكتشفت الاعتلالات التي تعاني منها وأغلبها تتمثل في النقص الحاد في الأسرة، زحام المواعيد، قلة الكوادر المؤهلة. ويرى كثير من المراجعين أن الخدمات الصحية التي تقدمها المستشفيات لا تتواءم مطلقا مع الإمكانيات الكبيرة التي وفرتها الدولة للقطاع المهم، وهو أمر يتطلب من الشؤون الصحية مراجعة الأداء واستئصال الأمراض والأورام الطارئة والبدء حالا في دفع الأداء إلى الأمام، إذ إن القصور يظهر بصورة جلية وواضحة في غياب المستشفيات المتخصصة والكوادر الطبية ذات الكفاءة لشغل قيادة الأقسام المهمة. ومن الاعتلالات الواضحة كذلك الزحام إلى جانب قصور الشركات المشغلة في أداء عملها ومهامها بالشكل المطلوب، لا سيما في مجالات التغذية والصيانة والنظافة. يرى المراجعون والمرضى أن بعض المستشفيات تحتاج إلى عمليات ترميم وتدوير واسعة في المهام والمناصب مع ضخ الأفكار الجديدة لضمان أفضل خدمة للمريض، غير أن العلة الكبيرة -كما يقول المتحدثون- تكمن في قلة أعداد الأسرة وعدم مواءمة إمكانات المستشفيات مع الكم الهائل من المرضى الذين ينتظرون طويلا لنيل موعد أو فتح ملف إلى جانب نقص بعض الأدوية وندرتها وقلتها، خاصة العقاقير المرتبطة بحياة المواطن، وتظهر النواقص بجلاء في مستشفى الملك فهد في جازان الذي يعد الأكبر على مستوى المنطقة. إذ تشير التقارير إلى أن طوارئ المستشفى تستقبل يوميا مئات المراجعين والمرضى، مع قلة أسرة العناية المركزة وفي أقسام التنويم وفي غرف الطوارئ، وسط تزايد أعداد المراجعين للقسمين بشكل يومي، فضلا عن مئات المراجعين للعيادات الخارجية المختلفة. شح في ثلاجات الموتى الاعتلالات التي يعاني منها المستشفى لا تقف عند هذا الحد بل أصبح يعاني من بكتيريا غامضة منذ عدة سنوات، انتشرت في أقسام العناية المركزة والعظام والمخ والأعصاب في ظل فشل صحة جازان على القضاء عليها طيلة الأعوام السابقة. كما تعاني المنطقة من انعدام المراكز الطبية المتخصصة مثل مستشفيات العيون، النساء والولادة والقلب، وكذلك مركز الأورام بالإضافة الى أقسام أخرى حيوية. كما تعاني مستشفيات المنطقة من التكدس في ثلاجات الموتى الأمر الذي جعل الأهالي، إذا توفي أحد أقاربهم، يقومون بالبحث عن مكان شاغر عن طريق الواسطة في الوقت الذي ترفض فيه جميع إدارات المستشفيات في المنطقة استقبال الحالة بحجة تكدس الجثث. عبدالعزيز المحمدي تحدث عن تواضع أداء الكوادر الطبية في المنطقة كافة. مؤكد أنهم باتوا يقاطعون بعض المرافق الصحية في جازان والذهاب بمرضاهم إلى المناطق الأخرى بحثا عن العلاج الآمن، فيما ينتقد محمد عطيف غياب المستشفيات المتخصصة في المنطقة. وقال إن أقسام النساء والولادة يشغل معظمها الكادر الرجالي دون طبيبات متخصصات، وهذا الأمر يجبر معظم النساء على التوجه إلى المستوصفات الخاصة، فيما انتقد خالد حكمي وضع أقسام المختبرات والأشعة في مستشفيات المنطقة، حيث تعاني تلك الأجهزة من الأعطال المتكررة، إضافة إلى مضي وقت طويل عليها دون استبدالها حيث تظهر النتائج بصورة غير سليمة. مضيفا أن قسم الأشعة في المستشفى المركزي يزدحم بالمواعيد الطويلة التي تتجاوز ثمانية شهور للحصول على موعد الإجراء، خاصة أن المنطقة يوجد بها جهاز وحيد للأشعة بالرنين المغناطيسي. الحديث عن اعتلالات وأورام خدمات الصحة ومستشفياتها في جازان يطول. وبقراءة متانية للوضع الطبي في محافظة ضمد المزدحمة تعطي القارئ صورة بانورامية مصغرة لوضع الخدمات التي يصفها المواطنون بأنها متدنية. إذ تتبع ضمد أكثر من 270 مركزا وقرية وهجرة ويسكنها أكثر من 80 ألف نسمة جميعهم يراجعون المستشفى العام ويتزاحمون على 50 سريرا فقط. خبراء الصحة يشيرون إلى أن العدد الكبير من مواطني المحافظة يستحقون على الأقل 300 سرير على الأقل بقياس عدد المراجعين الذين يعبرون بوابة المستشفى كل يوم. غرف مغلقة بالرغم هذ الشح السريري الواضح في المستشفى العام في ضمد فإن غرفا كثيرة في الطابق الثاني ظلت مغلقة تسودها حالة صمت مع أنه كان بالإمكان أن تسهم في معالجة الزحام وشح الأسرة وحل مشاكل عشرات المرضى .. ويتساءل المراجعون عن سر بقاء تلك الغرف مغلقة. الحال في قسم الطوارئ بالمستشفى أسوأ بكثير، فهو يئن تحت وطأة ضغوطات المراجعين من المرضى ومصابي الحوادث وتجاوز عدد المراجعين لهذا القسم أكثر من 700 ألف مراجع في فترة قصيرة رغم ضيق ممراته وأقسامه وقلة أطبائه. عدد من المراجعين والمرضى شرحوا معاناتهم ل«عكاظ» وانتظارهم لساعات طويلة من أجل الحصول على الفحص وصرف الدواء. وأجمعوا على ما أسموه العجز الكامل في مستشفى ضمد العام وافتقاره للكوادر الطبية والممرضين. ويقابل هذا العجز، كما يقول الأهالي العدد الكبير من المراجعين والمرضى. وذكر أحمد دعاك بأن المستشفى بحاجة إلى توسعة وزيادة في الكادر الطبي المتخصص لاستيعاب العدد الكبير من المراجعين ومعالجة إشكاليات الوقت الطويل الذي ينتظره المريض حتى يتم صرف الدواء له. ويضيف دعاك أنه في بعض الأوقات يفشل المرضى في الحصول على تذكرة الدخول للطبيب من قسم الاستقبال لكثرة المراجعين والزحام الهائل الذي لا يتحمله مستشفى ضمد لمحدودية أطبائه وقلة غرف تنويمه. ويتساءل المراجع لماذا توقف مستشفى ضمد على الخمسين سريرا رغم المنشآت الصحية الكبيرة والجديدة التي سمعنا عنها في ميزانية الصحة لهذا العام ؟ إلى متى تستمر معاناة مرضى ضمد في التنويم وعدم الحصول على الأسرّة ومعاناتهم أثناء الانتظار في الممرات من أجل الحصول على الفحص والعلاج بسبب كثرة المراجعين ؟. طبيب واحد المريض محمد خالد أحد المراجعين في قسم الباطنية قال: «منذ الساعة الثامنة والنصف صباحا أنتظر دوري على كراسي الانتظار والآن الساعة تشير إلى الحادية عشر والربع ولم أتمكن من الدخول على الطبيب ومن المتوقع ألا أحصل على الدواء لأن طبيبا واحدا لا يكفي لكل هؤلاء المراجعين الموجودين على كراسي الانتظار». فهد مطهري مريض بالفشل الكلوي قال إنه وزملاءه المرضى يحتاجون ثلاث جلسات أسبوعية والأمر يستلزم تكاليف الذهاب والعودة برغم ضيق حال أغلب المرضى ودخلهم المحدود. أما العم إبراهيم جعفري فيتساءل: «إلى متى تستمر المعاناة العلاجية في مراكز الغسيل الكلوي وصعوبة العودة ؟، لا ندري إلى متى نستمر على هذه الحال وما فائدة مستشفى ضمد إذا لم تتوفر فيه هذه الوحدات». أما المريض خالد فيقول: «تعبت من السفر ثلاثة أيام في الأسبوع من أجل الغسيل نتمنى حل مشكلتنا والنظر إلى حالنا بعين العطف والرحمة وإنهاء مشكلتنا بأسرع وقت ممكن». عدد من النسوة العجزة المصابات بالفشل الكلوي كن في طريقهن إلى وحدات الغسيل الكلوي عبر سيارة إسعاف جمعية البر الخيرية، وذكرن أن الرحلات الشاقة زادت من وطأة أوجاعهن.