أوضح الفريق الركن طلال بن محسن العنقاوي مدير عام حرس الحدود السابق أن العسكرية كانت حلمه منذ طفولته، حيث كان متأثرا بوالده الذي خدم لسنوات طويلة في المجال العسكري، مبينا أن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز يرحمه الله كان له الأثر الأبرز في تعليمه المعنى الحقيقي لحب الوطن وروح الإيثار والتضحية. ونوه أثناء حديث الذكريات بالدعم اللامحدود الذي لقيه أثناء فترة عمله كمدير عام لحرس الحدود من صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز إبان كان نائبا لوزير الداخلية، كما أنه تأثر كثيرا بأسلوب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية في إدارة المواقف والأزمات، الكثير من المواقف والذكريات في نص الحوار التالي: • قبل البداية في الحديث مع معاليكم عن رحلة العمر، نود منكم إعطاءنا فكرة عن المولد والنشأة ومكان الدراسة. • • المنطقة الشرقية هي مسقط رأسي وتحديدا في مدينة الظهران، ولدت في عام 1948م الموافق لعام 1368ه حيث كان مقر عمل والدي رحمه الله عندما كان مديرا لشرطة الظهران، بعد ذلك انتقل والدي لشرطة مكةالمكرمة. بعد ذلك التحقت بالمدرسة الناصرية الابتدائية في مكةالمكرمة، وكان من بين المعلمين الأفاضل الذين تلقيت على أيديهم تعليمي الابتدائي وذكراهم الطيبة ممزوجة بالحب والاحترام والتقدير لتفانيهم في أداء رسالتهم التعليمية من هؤلاء المربي الفاضل الاستاذ موسى عطار مدير المدرسة، والاستاذ محمد نعيم مدرس مادة الحديث والمواد الدينية الذي مازلت أتذكر أسلوبه الشيق لنا في حب المدرسة. الطفولة وحب العمل العسكري • حدثنا عن مرحلة الطفولة وكيف كان دخولك للمجال الأمني وصرت قائدا عسكريا في جهاز مهم من أجهزة وزارة الداخلية؟. • • بدايتي كأي فتى في مقتبل العمر حيث كانت لدي طموحات وميول كبيرة في مجال الخدمة الأمنية والعسكرية، وبدأ يستهويني كثيرا خاصة عندما أشاهد والدي بالزي العسكري أو عندما أشاهد رجل الشرطة أو المرور يرتدي اللباس والزي العسكري، وشعرت بأني سأجد نفسي في يوم من الأيام مثل هؤلاء متى ما أتيحت لي الفرصة، وكان الدافع لهذا الاتجاه إعجابي الشديد بوالدي محسن عنقاوي يرحمه الله، فهو مثلي الأعلى بشخصيته القيادية، كان والدي يصحبني معه إلى مركز الشرطة خاصة في الإجازات والعطل الرسمية لنا أثناء كنا على مقاعد الدراسة، من تلك اللحظة بدأ ميلي للمجال العسكري ينمو معي وترسخت العسكرية في ذهني، وبعد نجاحي من المرحلة المتوسطة وبتشجيع من الوالد رحمه الله التحقت بمدرسة الشرطة عندما كان مقرها في مكةالمكرمة وذلك في عام 1383ه وتخرجت منها عام 1386ه. وبعد تخرجي من كلية قوى الأمن (كلية الملك فهد الأمنية حاليا) عملت بها كمدرس لمدة سنة بعدها تم نقلي للأمن العام بناء على رغبتي، وعملت في شرطة جدة، حيث كان والدي العميد محسن عنقاوي في تلك الفترة مديرا للشرطة، وأثناء تلك الفترة أتيحت لي فرصة لقاء مدير عام كلية قوى الأمن آنداك وهو الفريق أول عبدالله آل الشيخ رحمه الله الذي عرض علي حينها نقلي للمرة الثانية للعمل في الكلية فأبلغته بأنني أتشرف بالعمل تحت قيادته، وتم نقلي للكلية (كلية قوى الأمن) وعملت فيها كمدرب ومدرس اتصالات في نفس الوقت، ثم كمساعد لمدير التعليم في الكلية، بعد ذلك نقلت لسلاح الحدود بتاريخ 1/8/1392ه وعملت في سلاح الحدود لمدة خمس سنوات ثم التحقت خلالها بمدرسة الإشارة في القوات المسلحة بعد ذلك تم نقلي بتوجيه من مدير عام سلاح الحدود والمشرف على الكلية معالي الفريق أول عبد الله آل الشيخ رحمه الله في 1/8/1392ه على وظيفة ركن إدارة المنطقة الغربية وضابط اتصال في نفس المنطقة. تأثير العمل على الأسرة • هل المجال العسكري أبعدكم عن الأسرة وتربية الأبناء؟. • • نعم، المهام العسكرية يترتب عليها أحيانا البعد عن المسؤوليات الأسرية والارتباطات الاجتماعية لأن الخدمة العسكرية بطبيعة الحال تقتضي الانتقال من منطقة إلى أخرى بحسب ما تمليه الظروف إلا أنني كنت حريصا على القيام بمسؤولياتي تجاه أسرتي وبمساعدة زوجتي أم نايف وذلك من أجل تمكين أبنائي من أخذ نصيب وافر من التربية والتعليم داخل وخارج المملكة، والحمد لله أن أحد أبنائي حاليا بصدد التحضير لدرجة الدكتوراه حيث يدرس في جامعة أم القرى في مكةالمكرمة وابنتي الكبرى أنهت دراستها من إحدى الجامعات البريطانية حيث حصلت على درجة الدكتوراه وسوف أشارك أنا ووالدتها أم نايف بتاريخ 8 أبريل القادم في حفل تخرجها وتسليمها الشهادة من جامعة لندن، كما أن ابني نايف تخرج ويعمل معي حاليا في شركتي وإدارة أعمالي، ولدي ثلاثة أبناء آخرين يدرسون في مرحلتي المتوسطة والابتدائية. أناس لهم الفضل بعد الله • لكل إنسان في داخله أشخاص لهم الفضل عليه بعد الله عز وجل للوصول لنيل ما يتمناه، من الشخصية التي لها هذا الفضل على معاليكم بعد الله عز وجل لتحقيق طموحاتكم؟. • • لا شك أن وجود والدي في مركز قيادي كان يعطيني دعما معنويا كبيرا، كذلك حينما كنت أعمل تحت قيادة الفريق أول عبدالله آل الشيخ كنت أجد منه التشجيع المستمر ويرشحني لبعض المهام وكأنه يستقرئ إمكاناتي القيادية، وفي كل الأحوال فإن هذه المسيرة الطويلة التي امتدت لأكثر من 40 عاما والتي قضيتها في خدمة ديني ووطني ومليكي إنما كانت بتوفيق من الله عز شأنه وأتمنى أن أكون قدمت ولو شيئا قليلا لبلادنا الغالية التي أعطتنا الشيء الكثير والكثير. شخصيات مؤثرة • وماذا عن أبرز الشخصيات التي أثرت في حياة معاليكم؟. • • أبرز الشخصيات التي أثرت في حياتي العملية ثلاث شخصيات، هم: أولا والدي محسن العنقاوي رحمه الله الذي أحسن تربيتي وتعليمي ثم غرس في نفسي الروح القيادية، وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله الذي تعلمت منه المعنى الحقيقي لحب الوطن وروح الإيثار والتضحية، فكلما ألمت بنا بعض المشكلات الآنية أو استعصى علينا أمر في قطاع حرس الحدود كنا نعرض عليه ونتلقى التوجيهات الكريمة من سموه رحمه الله، فكان لنا الموجه والقائد رحمه الله، ثم صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز الذي كان خير موجه لنا في مجال أعمالنا ولديه الخبرة الإدارية والعلم بدقائق الأمور، وخلال فترة عملي وارتباطي المباشر بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية تأثرت كثيرا بأسلوبه في إدارة المواقف والأزمات وكنت أستشعر توجهاته نحو التطوير والأفضل من حيث الأداء ونبوغه وحيويته مما أكسبني الكثير من هذه الصفات ومن ثم انعكاسها على العمل وبالذات العمل الميداني، وكان سموه حريصا جدا في المتابعة والتوجيه وكنا نتلقى دعمه وتشجيعه اللامحدودين خاصة في مجال عملنا نحن كرجال حرس الحدود. الحديث عن الوالد ذو شجون • حدثنا عن والدكم العميد محسن العنقاوي مدير شرطة جدة سابقا رحمة الله عليه؟. • • كان لوالدي الشرف في الخدمة العسكرية، نعم إن والدي محسن العنقاوي كان له شرف الخدمة في العسكرية، وترك بصماته الواضحة في تشكيل شخصيتي المستقبلية وتوجهاتي، فهو أولا كان يحرص على انتقاء أفضل المدارس لأبنائه ثم يرشدنا لما فيه المصلحة العامة لنا. أخي صاحب الفضل • من الشخص الذي كان قريبا منكم؟. • • الشخص الذي هو قريب من نفسي وكان له دور في مساندتي هو شقيقي الأصغر الدكتور سامي العنقاوي الذي يمتاز بالصراحة والشفافية والهدوء الواضح على محياه دائما، وبرغم أنه أصغر مني سنا إلا أن الدكتور سامي يتولى إدارة شؤون أسرتنا وبالذات الوالدين رحمهما الله أثناء فترات غيابي عنهم بسبب ظروف العمل حيث يقوم بمقامي تجاه المتطلبات الحياتية للأسرة فله مني كل الشكر والتقدير. مواقف عالقة في الذاكرة • لكل إنسان مواقف عالقة تؤثر في حياته.. ما الموقف الذي لازال عالقا في ذاكرة الفريق طلال عنقاوي؟. • • الموقف الذي أثر في حياتي هو وفاة والدي يرحمه الله، فبما أنني كبير الأسرة وجدت نفسي أمام مسؤوليات أسرية جسيمة وتحديات معيشية هائلة. وبفضل الله تعالى استطعت أن أدير دفة الأسرة وأرعى شؤونها بكل شجاعة واقتدار واهتممت بتعليم أبنائي بنفس القدر من الاهتمام الذي أولاه الوالد لتعليمنا. تربية الخيل والمشاركة في المسابقات • أعرف أن معاليكم لديه اهتمامات كثيرة وهوايات متعددة خاصة بعد التقاعد.. حدثنا عن تلك الهوايات؟. • • نعم لدي اهتمامات في تربية الخيل منذ فترة بعيدة، وبعد التقاعد أصبحت مالكا لاسطبل وعضوا في اللجنة التنفيذية لفروسية جدة ومشاركا فيه بعدد من الخيول، وبفضل من الله عز وجل وتوفيقه فازت خيولنا في العديد من السباقات في الكثير من المناسبات سواء في جدة أو المناطق الأخرى. مشجع أول للسياحة الداخلية • أين يقضي معاليكم إجازاته السنوية أو الأسبوعية؟ وهل أنت من مشجعي السياحة الداخلية أم العكس؟. • • إجازة نهاية الأسبوع أقضيها مع الأهل وزيارة الأقارب وأحاول أن أعوضهم عن فترات غيابي خلال فترة العمل في الخدمة العسكرية. أما بالنسبة للسياحة فإنني من مشجعي السياحة الداخلية نظرا لوجود أماكن ومواقع سياحية جذابة بمناظر خلابة في مختلف بلادنا الواسعة، ولكنني أرى أن هذه الأماكن السياحية الداخلية بحاجة إلى مزيد من التطوير. • ابنكم طارق مر بظروف وتجربة مرضية صعبة أثناء عملكم.. فكيف تجاوزتم تلك الظروف رغم مسؤولياتكم الجسيمة؟. • • صحيح أن ابني طارق العنقاوي مر بتجربة قاسية إثر تعرضه لحادث مروري ولكن الله سبحانه وتعالى أكرمه بالذرية وبالعلم فهو على أعتاب الحصول على درجة الدكتوراه ولعل هذه التجربة توحي لنا أن لا يأس مع الحياة ولكل مجتهد نصيب، ونشكر الله عز وجل على هذه النعمة.