يخطئ كثير من الناس في فهم الحرية وحدودها ومساحاتها، فبين من يعتقد بأنها التفلت التام من كل القيود التي تعترض جانبا أو أكثر من حياة الإنسان، وبين من يعتقد أنها مجرد التمرد على كل ماهو قائم، وآخرون ذهبوا لمعنى أكثر تطرفا وهو أنها مقاومة القيود التي تضبط الحرية بما فيها قيود الشريعة الاسلامية. والحقيقة أن الحرية لها حدود وعليها قيود. وبنقل المفهوم السابق للحرية إلى ماينادي به البعض من حرية المرأة التي تعني بنظرهم تحريرها فقد انقلب المفهوم من حرية إلى أسر ولكنه أسر للشيطان والعبث والتلاعب وتقديم المرأة في صورة هزيلة لاتعكس مقوماتها وإمكاناتها التي منحها الله جل جلاله، ولا أدل على ذلك مما قال الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى حيث اختصر أهداف ومغازي الحرية بكلمة معبرة جدا حين قال: إن من ينادون بحرية المرأة لايريدون حريتها بل يريدون حرية الوصول إليها. وهيهات لهم ذلك فلدى نسائنا من الوعي والإدراك مايكفي لفهم الحقائق ومعرفة مفهوم الحرية الصحيح. فالمرأة محور خطير وميدان خصب لتطبيق مفاهيم الحرية حيث استغل المنادون بها شعور الانكفاء على الذات الذي يسود غالبية النساء بسبب العادات والتقاليد والاعراف فعمدوا إلى الدندنة على هذا الوتر الحساس، والمستغرب حقا أن المناداة بالحرية لم تشمل الرجال الذين يحتاجون لمساحات أكبر من النساء للحرية بل ركزت على النساء لعلمهم ويقينهم أن المرأة حميت وحفظت كرامتها وحريتها بأحكام الشريعة الغراء. ومضمون الحرية الحقيقي الذي يهدف إليه المطالبون بحرية المرأة هو التحرير حيث يرون أن معاني التقدم والرقي تكمن في تقديم المرأة بصورة متحررة.. ويالله ياللعجب كيف يكون تمرد المرأة على أحكام دينها دليلا على رقيها وفكرها. أفلا يمكن أن تقدم مالديها دون الحاجة للتبرج والسفور وهتك حياء المرأة وهيبتها. إن هذا الفكر الهش ينافي فطرة وطبيعة المرأة التي خلقها الله بسمات وتركيبة مختلفة عن الرجل ليحدث التكامل لهذه الحياة.. أخيرا، هل هناك علاقة بين تحرر المرأة ومشاركتها الاجتماعية والفكرية والاقتصادية هل حقا تحتاج إلى أن تستقل استقلالا كاملا عن الرجل وتستغني عنه بنفسها لتكون منتجة ومفيدة لنفسها وللمجتمع. أشك أن تكون المرأة قائمة بذاتها ولو كان الأمر كذلك فما الحاجة إذن إلى قوامة الرجل وما أهمية أن يكون هو المسؤول عنها ؟. د. عبد الله أحمد الزهراني جامعة أم القرى.