لكل مجال من مجالات العمل الأدبي المرتبط بالفن والدراما تحديدا سيد يستطيع أن يكون هو كل شيء فيه، بمعنى أن يصل إلى حال لا تبتعد كثيرا عن كونه «العراب» في هذا المجال، ولمسلسلات السيرة بشقيها المعاصرة والحديثة عن الأسماء المؤثرة على الأجيال في الحياة الفنية والاجتماعية، وتلك التي تتحدث عن سير شخصيات من التاريخ. وكاتبنا المصري الكبير محفوظ عبدالرحمن التقيناه في الأردن، وهو يقاوم سني العمر الكبيرة التي يحملها على كتفيه، يساعده في ذلك سيدة أكثر روعة.. زوجته النجمة الكبيرة سميرة عبدالعزيز التي يتكئ عليها حينا وعلى صولجان الإبداع الذي له فيه مآرب أخرى أيضا.. حينا آخر. عندما استوقفته لإجراء هذا الحوار، حدث أن تنبه كثيرون من أبناء المهنة إلى وجوده في بهو الفندق أثناء الحوار ليأتي الجميع طالبا الجلوس إليه وأخذ الصور معه كتاريخ حافل ورابط بين الأدب والفن، فما كان منه إلا أن قال: أنت السبب!! كنت هادئا فأعدت الضوضاء الإعلامية إلى ساعاتي التي كنت أود أن استفيد منها استرخاء.. فبادرته بسؤالي في البدء ما درجة رضاك اليوم عما تتناوله الفضائيات عن مسلسلات السيرة.. وأين أنت من مواصلة إبداعاتك في هذا اللون من الفنون فقال : أولا العمل على توظيف سيرة الكبار ممن احتفظ بهم التاريخ كإيقونات للمستقبلين القريب والبعيد فن قائم بذاته، ولكن الأهم من تناول هذا الفن منذ مرحلة الكتابة هو أن يكون هذا التناول معتمدا على أشياء وأساسيات غاية في الضرورة، وهي منذ البدء اقتناع الكاتب بالشخصية التي يتناولها، ثانيا عملية البحث تكون أكبر من مجرد معلومات محدودة واعتماد على فريق بحث صحافي، ثالثا وهو عامل أعده بدءا وختاما أن يكون النص هو الصدق بعينه، حتى صور الإبهار والحماس يجب أن لا تكون مجرد تأليف، إذ يجب أن لا تخرج عن إطار الواقع. وربما هذا ما فعلته في عملك الرائع مع صابرين وإنعام محمد علي في مسلسل « أم كلثوم»؟ من الطبيعي أن أكون أقرب إلى الكمال.. ولو أن أي عمل للإنسان مهما كان لا بد وأن يعتريه قصور بمعرفة، وأحيانا دون دراية ومعرفة؛ ذاك لأن الكمال لله وحده جل وعلا. إذا، نريد إجابة آخر شطرة في سؤالنا.. وأين الجديد؟ أنا لا أتوقف عن العمل طالما أن الله أعانني بالصحة والعافية.. انتهيت من مسلسل عن حياة الشاعر الكلثومي العامي الكبير محمود بيرم التونسي بعنوان «أهل الهوى»، الذي ليس هناك من لم يكن في دواخله ذرة من إبداعاته وصوره الشعرية الجميلة.. وكان من المفترض أن يكون هذا العمل بين أعمال السيرة التي عرضت في شهر رمضان العام الماضي التي عرض منها لبعض الزملاء مسلسلات الفاروق عمر، الإمام الغزالي، تحية كاريوكا، إلا أن بعض الضرورات، أو لنقل المعيقات أثرت على سير العمل، وسيعرض إن شاء الله في هيكل فضائيات المشاهدة الرمضانية هذا العام، ويقوم ببطولة العمل النجوم فاروق الفيشاوي، إيمان البحر درويش الذي يعود إلى الأضواء مجددا في هذا العمل، سميرة عبدالعزيز، مادلين طبر، دينا، شريف خيرالله، ومحمد لطفي، وأخرجه المتمرس عمر عبدالعزيز. تورد كثير من مصادر الإعلام المنتشرة هنا وهناك.. أنك كلفت من قبل إحدى جهات الإنتاج بكتابة مسلسل عن الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك.. هل هذا صحيح، أو من الممكن مشاهدته قريبا؟ وهل سيتضمن ذلك الثورات وما إلى ذلك من تطور الأحداث الاجتماعية والسياسية بعد رحيله؟ نعم تلقيت عرضا لكتابة تاريخ الرئيس السابق مبارك.. كتابة تلفزيونية كعمل سيرة تتناول حياته وإبراز موضوع المرحلة المفصلية في حياته «الضربة الجوية»، إلا أنني اعتذرت، وكان اعتذاري تحديدا بكلمتين «لا تستهويني الكتابة عن شخصيته»، وهنا نعود لبداية كلامنا عن اشتراطات الصدق في كتابة أعمال السيرة تلفزيونيا وغيرها. ألا ترى أنك ترتهن في ذلك إلى تعصب داخلي لرأيك وأفكارك مثلا؟ لا، أنا واضح جدا كل الوضوح، فالذي أشك في أني سوف لن أقدمه بصدق أو بعيدا عن المشكلات وما شابه ذلك من عوائق تجدني لا أقربه؛ لذا أترك دائما المعوقات الإنتاجية وتفاصيل قبول ورفض ذوي الشخصية المتناولة لجهة الإنتاج وأتفرغ للإبداع والبحث والصدق في تواتر أحداث الشخصية والمتعلقات بها من خلال الشخصيات ذات العلاقة، فمثلا وأنا أفكر وأعمل على رفض وقبول عرض كتابة «أسمهان» لم أتردد عن الرفض فورا لسابقة جرت عند عرض مسلسلي عن أم كلثوم. ما هي؟ هو رفض أهل وأقارب أسمهان لظهور شخصيتها في مسلسل أم كلثوم رغم أنها في قلب الحدث فاعتذرت. وماذا عن مستجدات الأفكار لدى كاتبنا الكبير اليوم؟ والذي تتوقع إحالته إلى أعمال تلفزيونية قريبا من مسلسلات السيرة؟ كثيرة هي الأفكار المختمرة في بالي وسجل طموحاتي، ولكن أفكر كثيرا في شخصيات مصرية عظيمة وتسجيل سيرتها مشاهدة، وبالفعل بدأت في كتابة سيرة فنان الشعب الشيخ «سيد درويش»، والموسيقي العظيم الشيخ زكريا أحمد رحمهما الله بعد أن فرغت من حياة بيرم، وتحولت الكتابة إلى عمل تلفزيوني.