بدأت الدراما العربية منذ أعوام في تقديم المسلسلات التي تحكي السيرة الذاتية وتقدم قصصا مختلفة لنجوم راحلين من سماء الأغنية، وباستعراض عدد من التجارب التي سبق أن تم تقديمها نجد أنها فشلت في أغلبها، وحاول المنتجون من خلالها استغلال اسم الفنان الراحل في سبيل الترويج لأعمالهم، وطغت الإثارة الإعلامية على كثير من هذه التجارب التي عادة ما يتم بعد عرضها ظهور ورثة الفنان للحاق بما يتبقى من هذه «البروبقندا»، وإثارة الجدل حول العمل الذي يسعى لتقديمه المنتج بعد أن استوفى كل الشروط، وعلى الرغم من كل هذه المشكلات التي تظهر، لم نسمع في يوم من الأيام أن صدر حكم من المحكمة بإيقاف بث المسلسل على الرغم من التصريحات النارية بين نجوم العمل وورثة الفنانين، فبعض الفنانين امتهنوا هذا الموضوع لمجرد إحداث بلبلة، ولعل مسلسل «أسمهان» أكبر دليل على ذلك فقد طالب ورثة الفنانة أسمهان وفريد الأطرش بإيقاف التصوير أكثر من مرة، واعترضوا على الفنانة اللبنانية دينا حايك التي كانت ستجسد دور العمل وأوكلوا المهمة في النهاية لسلاف، فهي ابنة البلد «سورية»، ولا يحق لأي فنان من وجهة نظرهم أن يتبنى موهبة عظيمة مثل أسمهان التي عاشت في أذهان الناس أعواما طويلة وعرف عنها أنها سورية الأصل فكيف لفنانة لبنانية أن تقدم هذا الدور؟! مثل هذه المشكلات بدأت تظهر في الوسط الدرامي السعودي ولكن بشكل آخر عند إعلان الكاتب والإعلامي يحيى مفرح زريقان رغبته في تقديم مسلسل يحكي رحلة الفنان طلال مداح، خرج ورثة طلال مداح واعترضوا على صديق والدهم الحميم وكشفوا أن يحيى زريقان لم يرافق طلال إلا في فترة بسيطة جدا على الرغم من تجاوز رحلة الصداقة أكثر من 30 عاما، وكان من بين المعترضين العنصر المهم في حياة طلال وهو نجله المعروف عبدالله طلال مداح. هذه الردود السلبية أوقفت العمل ولم يعد يتحدث عنه المنتج حسن عسيري على الرغم من كون هذا العمل عملا مهما يوثق مرحلة فنية مهمة في تطور الأغنية السعودية وانتشارها عبر أهم صوت سعودي عرفه الوطن العربي، وظهوره في هذه الفترة سيصبح حديث الناس. كما تدور حاليا في لبنان معارك طاحنة حول مسلسل «شمس الشموس» الذي يروي حكاية المطربة صباح والتي عاصرت أكثر من ثمانية أجيال طوال حياتها الفنية والعمرية، وتدور رحى المعركة بين كل من كارول سماحة والفنانة اللبنانية رولا سعد التي وصفها البعض بأنها مطربة غير ناجحة، واستغلت تاريخ الصبوحة أسوأ استغلال، فالصوت مختلف تماما عن صوت الصبوحة والأقرب والأنسب لهذا الدور هي رويدا عطية، إلا أن اختلاف الشكل حال دون ذلك وبدأت فعلا بروفات العمل قبل شهر. وتدور حاليا في مصر معارك عنيفة حول إمكانية إنتاج مسلسل يحكي قصة حياة الفنان رشدي أباظة والذي يعتبر أحد أهم الأسماء الفنية في الدراما في مصر والرجل الوسيم الذي تعلقت به قلوب المعجبات أعواما طويلة حتى بعد رحيله، ومن الأمور التي طفت على سطح الإعلام اختيار وائل كفوري ليكون نجم المسلسل إلا أن الشبه المختلف بين رشدي أباظة ووائل كفوري سيحول دون ذلك؛ حيث سيقدم العمل لأحمد عز الفنان المصري المعروف. ومن المسلسلات التي أثارت جدلا واسعا مسلسل «قلبي دليلي» الذي قدم فيه القصة الكاملة لحياة المطربة ليلى مراد منذ تاريخ ميلادها وحتى رحيلها، وكان من بطولة الفنانة صفاء سلطان التي أثار أداؤها في العمل حفيظة جمهور الفنانة الراحلة ونالتها الكثير من الانتقادات، ودارت العديد من المغالطات حول يهوديتها وإسلامها، ودخل الجميع في مناطق محظورة أثارت فيما بعد حفيظة الشاعر العربي الذي كان يجهل سيرة حياة ليلى مراد التي اعتزلت الفن في سن مبكرة جدا. مسلسل السندريلا الذي قامت ببطولته الفنانة منى زكي كان هو الأجمل حقيقة بين الأعمال الأخيرة، حيث كان الشبه كبيرا بينها وبين سعاد حسني لكنها قابلت الكثير من الاتهامات، وذكرت في الصحف المصرية أنه بعد عرض المسلسل فشلت فشلا ذريعا وذلك لأن النقاد لاحظوا أنها كانت تتعمد إهانة السندريلا الراحلة دون إبداء الأسباب. مسلسل عبدالحليم هو الآخر واجه انتقادات لاذعة أيضا بسبب اختيار فنان شاب للعمل إلا أن الشبه كان كبيرا بينه وبين حليم، وهذا الأمر خفف من حدة الانتقاد على الفنان شادي شامل الذي لم يظهر بعد هذا الدور في أي عمل تليفزيوني إلا أن ابن عم الفنان عبدالحليم حافظ السيد علي شبانة ذكر أن المسلسل فشل بامتياز وكان سيئا بكل المقاييس، وقصدوا من تصوير هذا العمل تشويه صورة عبدالحليم حافظ وأنه بصدد الإعداد لمسلسل تليفزيوني جديد يحكي قصة عبدالحليم حافظ الحقيقية. بعض الأعمال التي تناولت حياة الفنانين لم تراع قط الشبه بين الفنان الراحل وبطل المسلسل الذي يجسد الدور وكانت هناك فجوة كبيرة والكثير من التساؤلات حول كيفية منح الدور لهذا الفنان مثل فيلم حليم الذي قام به الراحل أحمد زكي في آخر أيامه وهو على فراش المرض، فلم يكن هناك شبه بينه وبين عبدالحليم، وظل الأمر غير مقنع للجماهير حتى بعد مرور أعوام طويلة على عرضه، لكن أحمد زكي نجح أيضا في تجسيد أعمال شخصية لرؤساء مصر الراحلين مثل أنور السادات وجمال عبدالناصر. مسلسل أم كلثوم هو المسلسل الوحيد الذي لم تدر حوله أي قضايا أو شبهات فنية، فالدور كتبه محفوظ عبدالرحمن وأخرجته أنعام محمد علي، لكن المشاهد التي كانت تصورها صابرين لوحظ فيها الكثير من التصنع والمثالية الزائدة عن الحد، لكنه لم يتعرض لأي مغالطات بل كان ومازال من أفضل الأعمال التي عرضت سير الفنانين العمالقة، كما أن مسلسل أم كلثوم كان المسلسل الأول الذي انجرف بعده الإنتاج المصري لتقديم مثل هذه النوعية من المسلسلات .