بعد اكثر من 60عاما على وفاتها المأساوية في اوج مجدها تظهر الفنانة العربية اسمهان بطلة لمسلسل تلفزيوني اسر قلوب العرب من مشاهدي الشاشة الصغيرة حيث يتابعون سيرة حياة صاحبة "الصوت الذهبي" التي تجرأت على تجاوز كل الممنوعات. لكن المسلسل التلفزيوني ورغم نجاحه الكبير لاقى انتقادات كثيرة جاء اخرها من ممدوح الاطرش المشرف الفني على المسلسل وأحد اقارب عائلة اسمهان الذي اعتبر ان العمل يتضمن مغالطات و"تشويها للتاريخ". وكانت اسمهان واسمها الاصلي آمال فهد الاطرش ابنة العائلة السورية العريقة تحمل لقب اميرة وهي تنحدر من عائلة درزية سورية وقد تجرأت في الستينيات من القرن الماضي على طلب الطلاق من ابن عمها الامير حسن الاطرش لكي تتفرغ للغناء. وخلال شهر رمضان الذي يسجل اعلى مستويات متابعة للبرامج التلفزيونية، اثار المسلسل الذي اخرجه التونسي شوقي الماجري اهتماما كبيرا لدى المشاهدين العرب. وقال المنتج التونسي نجيب عياد "انه مسلسل جريء تطرق الى موضوع يعتبر من المحرمات يتعلق بحياة" اسمهان. وكانت اسمهان قد انتقلت في منتصف العشرينيات من القرن الماضي مع عائلتها من سوريا حيث اندلعت الثورة ضد الانتداب الفرنسي، الى القاهرة حيث بدأت التعرف الى فن الغناء من والدتها الى جانب شقيقها الموسيقار والمطرب فريد الاطرش. وبسرعة فائقة، توالت العروض الغنائية على اسمهان صاحبة الصوت الشجي الحزين، من اكبر ملحني تلك الحقبة لا سيما ملحنين كانوا يتعاونون مع ام كلثوم، وبفضلهم تمكنت من الانطلاق جماهيريا عبر جمع كلاسيكية الاغنية العربية مع الحداثة الموسيقية الغربية. لكن اذا كانت حياة اسمهان اثارت شغف المشاهدين العرب فان عائلتها انتقدت الطريقة التي قدمت فيها شخصيتها على الشاشة الصغيرة. فقد لجأ ابنا شقيقها الى القضاء في مصر بتهمة "الاساءة للعائلة" لكن بدون جدوى. من جهة اخرى، اعلن ممدوح الاطرش المشرف الفني على مسلسل "اسمهان" انه يتبرأ من المسلسل ولا يتحمل مسؤولية المشاهد التي تعرض فيه. وقال ان العقد بينه وبين الجهة المنتجة كان ينص على ان يحضر بنفسه تصوير العمل "لكن التصوير تم بدون علمي وهو ما يشكل اخلالا ببنود العقد"، واضاف ان "الجهات المنتجة استبعدتني". وقال الاطرش في بيان ان المسلسل الذي تعرضه الفضائيات العربية "مليء بالمغالطات" وفيه "تزوير وتشويه التاريخ". واعترض الاطرش على الطريقة التي يقدم بها العمل شخصية اسمهان ووالدتها وكذلك شخصيات رئيسية اخرى مثل شخصية شقيق اسمهان الفنان فريد الاطرش وفؤاد الاطرش (الاخ الاكبر لاسمهان) معتبرا ان العمل قدم هذه الشخصيات بشكل "رخيص ومشوه". وتوجه الاطرش الى الفضائيات التي تعرض العمل مطالبا اياها "بشطب" اسمه من شارة "اسمهان" لان "لا علاقة لي بما يتم عرضه" مشيرا الى ان النسخة الاصلية التي يتبناها "موجودة في دائرة رقابة التلفزيون السوري" وقد استغرق العمل عليها خمس سنوات. لكن ما يزيد من الغموض المتعلق بهذه الفنانة المعلومات حول دورها كجاسوسة لحساب اجهزة الاستخبارات البريطانية ثم موتها المبكر عام 1944في حادث سير لم تكشف ملابساته حتى الان. وبغض النظر عن الجدل الذي اثاره المسلسل فان الاقبال الجماهيري عليه مرتبط بواقع انه لا يمجد ولا يحقر شخصيتها بل يبرز الجانب الانساني من حياة هذه الفنانة. وتقول هيا الصحافية السورية ان "قصتها رائعة، اسمهان ليست ملاكا ولا شيطانا، انها انسانة".