لعبت المؤسسة القبلية في اليمن على مدى العقود الماضية أدوارا رئيسية في المسرح السياسي، وبرز دورها كلاعب استراتيجي هام في الثورة اليمنية، حيث غيرت مسار الثورة عبر دعمها للشباب في ساحات التغيير، إلى أن تمكنت من تحقيق أهداف الثورة وتغيير النظام. والقبيلة في اليمن إحدى الظواهر الاجتماعية والثقافية والسياسية، ويشير المراقبون إلى أن الدولة اليمنية في كثير من المراحل كانت من صنع القبيلة التي كان لها دور في تكوين الدولة أو سقوطها مثل سبأ وحمير، وما زالت المؤسسة القبلية ذات تأثير كبير في مرحلة ما بعد الثورة، حيث تعتبر شريكة أساسية في التحالفات السياسية سواء كانت هذه التحالفات في العلن أو الخفاء. وعندما نتحدث عن القبيلة اليمنية، فإننا لا نستطيع تجاهل قبائل حاشد التي تعتبر أكبر القبائل اليمنية، والتي يتزعمها حاليا الشيخ صادق الأحمر، والذي يتقلد منصب رئيس تحالف القبائل اليمنية، والتي أصبحت عنصرا رئيسيا في بناء الدولة المدنية وتلعب دورا بارزا في صياغة القرار السياسي. وينظر جميع المراقبين إلى القبيلة في اليمن على أنها كيان لا يمكن تجاهله، وأكبر دليل على ذلك أنه عندما أعلنت قبيلة حاشد سحب دعمها وانشقاقها عن نظام صالح ضعفت قبضة الرئيس السابق على السلطة والحكم، وسيطر الثوار على ميادين التغيير جنبا إلى جنب مع القبيلة. صادق الأحمر، القادم من مدينة الخمري في محافظة عمران، الذي يجسد القبيلة اليمنية بكل معانيها السياسية والاجتماعية والثقافية، عاش في كنف والده الشيخ عبدالله الأحمر واكتسب منه خبرات التعامل مع العديد من القضايا القبلية والسياسية. ففي 2008 بويع صادق الأحمر شيخا لقبيلة حاشد خلفا لوالده الراحل الشيخ عبدالله الأحمر الذي كان يوصف ب«حكيم اليمن ورجل التوازنات». وزاد من قوة نفوذ الشيخ صادق اقترابه من المعارضين للرئيس السابق صالح ولعبه دور الوسيط للتوفيق بين الطرفين طوال السنوات الخمس الماضية، إلا أنه في 2011 الماضي وعقب انشقاق قائد الفرقة أولى مدرع اللواء علي محسن الأحمر عن نظام صالح والذي أحدث شرخا كبيرا في تماسك النظام السابق، جاءت الضربة القاضية بانضمام الشيخ صادق للثورة الشبابية المطالبة برحيل صالح، حيث منح انضمامه زخما ودعما غير اعتياديين لها وفتح الأبواب المغلقة أمام زعماء القبائل الآخرين لتأييد شباب الثورة. ومع اشتداد الثورة الشبابية وبدء قمع المعتصمين المطالبين برحيل النظام، تحول الأحمر إلى خصم قوي لصالح، وأضحى واحدا من أشد منتقديه، والجدار الذي يستند إليه المعارضون في كسب ولاء القبائل لمطالبتهم برحيل النظام. صادق الأحمر، الذي يعتبر أيضا قياديا في حزب الإصلاح، قارع النظام اليمني السابق وخاض معه مواجهات مسلحة خلال عام 2011م كادت أن تؤدي إلى تحويل مسار الثورة اليمنية السلمية إلى حرب داخلية وصوملة. ولا تزال الأمور غامضة رغم انتهاء الثورة حيال طبيعة الدور المستقبلي للشيخ صادق، خاصة أن اللجنة الفنية للحوار الوطني ما تزال تتجاهل مشاركته كشيخ قبائل حاشد، وهو متمسك بضرورة أن يحصل على مقاعده من اللجنة الفنية وليس من المقاعد المخصصة للرئيس هادي. والسؤال: هل ستصطدم حاشد مرة أخرى مع مؤسسة الرئاسة؟ وهل سيكون الحصول على مقاعد للمشاركة في الحوار العثرة الرئيسية التي ستعترض نجاح نتائج الحوار الوطني والذي من المفترض أن ينطلق في 18 ماررس المقبل، وبدء جولة جديدة من الصراع القبلي مع الدولة؟.. الإجابة على هذه الأسئلة ستكون خلال الأسابيع القلية القادمة.