انقسمت القبيلة اليمنية بين مؤيد ومعارض لمطالبات التغيير، حيث عمدت القبيلة إلى قلب الموازين في الأحداث الجارية، وتوجهت القبائل وفي مقدمتها قبائل حاشد وجزء من قبائل بكيل التي انضمت إلى لجنة الحوار الوطني إلى ساحة التغيير في مرحلة مبكرة من انطلاق الثورة وانضموا إلى شباب الثورة في مطالباتهم بتنحي الرئيس اليمني وشكلوا دروعا بشرية ضمن المحتجين والمعتصمين في ساحة التغيير في صنعاء. كما برزت القبائل اليمنية على الساحة السياسية الشعبية، كطرف فاعل في صناعة مفردات المتغيرات العاصفة التي تجتاح اليمن حاليا، وكعامل رئيس في إدارة دفة الأزمة المستحكمة خاصة بعد التصدع الذي حصل في جبهة التحالف التقليدي بين الرئيس علي عبدالله صالح وعائلة آل الأحمر، وظهور تحالف استراتيجي قبلي شعبي جديد ضد الرئيس اليمني في ساحة التغيير، هذا التحالف الذي ساهم في بلورة اتجاهات موقف كبرى القبائل اليمنية من مفردات المتغيرات العاصفة التي يشهدها اليمن والتحدي الذي فرضته على المستقبل السياسي للرئيس صالح. ورغم أن القبيلة اعتبرت في الماضي الحاضنة التقليدية لقطبي التنافس على زعامة المؤسسة القبلية في اليمن، إلا أنها في مرحلة الثورة ساهمت في صياغة تفاعلاتها الداخلية مع رياح المتغيرات وإعادة إنتاجها في شكل جديد من التنافس في دعم شباب الثورة التي تطالب بالتغيير وأصبحت تتشارك بقوة في واجهة المشهد الشعبي في حالة غير مسبوقة من التآزر للشارع اليمني. وخلال جولتنا في العاصمة اليمنية تلمسنا انعكاسات دعم القبيلة لشباب الثورة عبر ما وصفه الشارع اليمني «بثورة الشيخ على الرئيس»، والشيخ هنا هو حسين بن عبدالله الأحمر، النجل الأوسط لزعيم كبرى القبائل اليمنية حاشد، الراحل عبدالله بن حسين الأحمر، أما الثورة فلم تكن سوى جزء من مشهد الأزمة الجديدة بين الرئيس علي عبدالله صالح والقبيلة الأكبر في اليمن، تحديدا مع بعض زعمائها من أبناء الشيخ الأحمر، والتي اتخذت منحى تصاعديا استثنائيا عقب استثمار الأخيرين لاتساع نطاق وتصاعد الاعتصامات الشعبية والمطالبة بإسقاط النظام السياسي القائم. وقلل المراقبون المتخصصون في شؤون القبائل اليمنية من إمكانية تأثير الأزمة القائمة بين الرئيس علي عبدالله صالح وبعض الرموز القبلية في «حاشد» كالشيخ حميد الأحمر وشقيقه حسين وبعض الوجاهات القبلية في خلق جبهة قبلية واسعة مناهضة لصالح داخل «حاشد». واعتبروا أن الرئيس اليمني لايزال يمتلك العديد من أوراق ومفاتيح تحالفاته داخل القبائل خاصة أن هناك بعض القبائل التي لم تزل تمترس مع الرئيس اليمني الذي مازال يتمتع بتحالف قوي وفعال مع شخصيات عسكرية وقبلية تمثل التوازن لنفوذ مشايخ آل الأحمر في حاشد، كما أن العديد من الوجوه القبلية في حاشد ما تزال منضوية في إطار الجهاز المدني والعسكري للدولة وترتبط بالرئيس علي عبدالله صالح بعلاقة أقرب إلى الولاء منها إلى التحالف والمناصرة. وترى أوساط مقربة من حسين الأحمر أن موقفه في مساندة الأصوات الشعبية المطالبة بتنحي الرئيس وانضمامه وثلاثة من أشقائه لما بات يسمى «ثورة الشباب» التي يتصدر أهدافها إسقاط النظام السياسي القائم لا ينطلق من خصومة ذات طابع شخصي مع الرئيس صالح، لكن من قناعة بأن فرض التغيير القسري للنظام السياسي الحالي بات مطلبا ملحا لتحقيق مستقبل أفضل لليمن. ويبدو أن الرئيس صالح مازال يحتفظ بتحالفاته الاستراتيجية مع رموز أحد أكبر القبائل اليمنية وهي قبيلة «بكيل» وعلى رأسهم ناجي بن عبد العزيز الشايف، ما يجعل من معادلة التحالفات القائمة بين الرئيس علي عبدالله صالح والرموز القبلية تتجه إلى ترجيح كفة الرئيس صالح بحضوره في أوساط المؤسسات القبلية الأكبر في البلاد، مقابل تقديم المزيد من الامتيازات لتعزيز تحالفاته الجديدة كجزء من فاتورة مكلفة فرضتها تحديات استثنائية ليس أدناها الافتراض لخوض مواجهات مؤجلة مع حلفاء الأمس وخصوم اليوم. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوه هل يتجه اليمن إلى الصدام القبلي ما بين أصدقاء الأمس الذين أصبحو أعداء اليوم؟.