أكد ل «عكاظ» رئيس مجلس الأمة الكويتي علي بن فهد الراشد أن انتقال دول الخليج العربية من صياغة التعاون إلى الاتحاد ضرورة أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، داعيا القادة الخليجيين إلى تحقيق ذلك الحلم لأبناء المنطقة، وأوضح أن الكويت لا تعارض هذا التوجه، بل تدعو إليه بشرطين أساسيين هما: احترام السيادة لكل دولة، واحترام الدساتير والأنظمة الداخلية لكل بلد. وقال الراشد في حديث مع «عكاظ» عبر الهاتف لدى زيارته المملكة الأسبوع الماضي، ولقائه ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز إن الزيارة تأتي في طور تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة والكويت، واصفا العلاقات التي تجمع البلدين بأنها أخوية قوية وتاريخية ومتينة. وبين أن لقاءه بولي العهد السعودي ناقش معظم الأمور التي تتعلق بالمنطقة، « واستمعنا إلى وجهة نظره الحكيمة في هذا الجانب، وخبرته وتوجيهاته، ورؤيته للتعامل مع جميع الأحداث التي تشهدها أو قد تشهدها المنطقة». وأضاف « من المهم أن يكون هناك تعاون واتصالات وتشاور في كثير من الأمور بغية اتخاذ قرارات متطابقة، لقد بحثنا في الزيارة المستجدات على الساحة عامة محليا وإقليميا وعالميا، وننسق مواقفنا التي ستتخذ في مؤتمرات دولية عالمية مقبلة». وعن أبرز الملفات التي جرى بحثها قال « طرحنا الكثير من القضايا على الساحة السياسة سواء في الاتحاد الخليجي، أوفي قضية ما يسمى بالربيع العربي، وتأثيراته على الدول العربية، والتنسيق حول التصدي لمن يحاول العبث بأمن دول الخليج سواء كان مصدر هذا العبث إقليميا أو خارجيا». وفي شأن الاتحاد الخليجي قال الراشد «الاتحاد الخليجي موجود بين شعوب المنطقة تاريخيا قبل قيام مجلس التعاون الخليجي، والشعوب الخليجية ترتبط أسريا، والخليجيون يعتبرون أنفسهم شعبا واحدا، الدور الآن على القادة ليمضوا في هذا الأمر مع الاحتفاظ بخصوصية كل دولة، وقوانينها الداخلية». وعد ما حصل في مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة الماضية بأنه نجاح بكل معنى الكلمة للترابط بين هذه الدول، وتنسيق المواقف، وتوحيد الرؤى على المستويين الإقليمي والدولي، لاسيما أننا نعيش في عالم سمته الكتل. وأضاف ما يجمعنا أكثر مما يجمع غيرنا، وكل المعوقات الموجودة لدى الغير لا توجد عندنا، مصيرنا واحد وهمنا واحد، والكويت يدفع في هذا تجاه الانتقال بين دول الخليج من صياغة التعاون إلى صيغة الاتحاد مع احترام خصوصية كل دولة فيما يتعلق بالدساتير، وأن لا يكون هناك مساس بالسيادة أو التعارض مع الدساتير الأخرى. وفي شأن الصلف الإيراني وتهديدها لأمن المنطقة والخليج قال « نعتقد أن علاقتنا مع دول الجوار يجب أن تكون مبنية على الحوار والتفاهم والتنسيق، لأن أمن المنطقة يهم جميع الأطراف بما فيهم إيران وبالتالي مثل هذه القضايا، واختلاف وجهات النظر فيها يجب أن تحل من خلال التفاهم المباشر، وإقامة الحجة بالحجة والتنسيق، لأن ليس من مصلحة أحد أن يكون هناك تناحر في المنطقة، وما نتمناه أن تكون إيران لديها نفس النوايا والتوجه». وعن دخول نواب شيعة إلى مجلس الأمة الكويتي، وما يثيره البعض من انتقادات قال «أولا ليدرك البعض أن النواب الشيعة الذين دخلوا مجلس الأمة ليسوا كتلة واحدة، وهناك انتماء للمذهب الشيعي، ولكن هناك اختلاف فكري كبير فيما بينهم، فنجد من ينتقد ويعارض الآخر في طرحه ورؤاه من نفس الطائفة، وتصرف شخص يجب أن لا يحكم به على عضو آخر شيعيا كان أو سنيا، الجميع متساوون في الحقوق والواجبات والمسؤوليات، ووصولهم إلى هذا المكان كان برأي الشعب الحر. وشدد على أن الحكم يجب أن يكون على الموقف السياسي، وليس على العقيدة والمذهب، موضحا « الحمد لله ليس لدينا أية ملاحظات، وأبناء الطائفة الشيعية يتساوون في الحقوق مع أبناء السنة، وانتماؤهم الحقيقي للكويت وليس لهم انتماء آخر، وولاؤهم للبلد، أما المذهب فهذا يعود لكل شيخ وإمامه». وتمسك الراشد بموقفه الذي يصف من يلجأون إلى الخارج في المنظمات، أو الجمعيات لشكوى دولهم بأنهم خائنون قائلا « من يشتكي ضد بلده في الخارج هي صفة من صفات الخيانة ضد البلد، ومن يذهب إلى العالم الخارجي للشكوى ضد بلده هو من أنواع الخيانة، وأي اختلاف في وجهات النظر يجب أن يحل بالتفاهم والتقارب». وأوضح أن الكويت تعيش جوا من الديمقراطية التي يشهد لها العالم أجمع، وكل الخلافات يجب أن تحل بالحوار لا باللجوء إلى الخارج، والشكوى هناك، متمنيا من أطياف المعارضة الكويتية أن يحسموا قضاياهم وخلافاتهم بالحوار. ولفت إلى أن الديمقراطية التي في الكويت نظام ارتضيناه، وعلينا أن نتقبل إيجابياته وسلبياته، وهي مرحلة من مراحل التطور الديمقراطي. لكنه شدد على ضرورة الاستفادة من الأخطاء والسلبيات، مجددا تأكيده على أن الديمقراطية لن تنجح في يوم وليلة، وهناك عدم فهم، ونحن في مرحلة مخاض. وعن أبرز التحديات التي تواجه الكويت قال «سياسة فرض الرأي من قبل أشخاص يدعون الديمقراطية بشكل معين، وعدم تقبل الرأي الآخر، وممارسة البعض فرض رأيه وعدم قبول رأي الأغلبية والرأي الآخر هذه مشكلة كبيرة، عليهم أن يؤمنوا بدولة القانون، وهذه الممارسات تشوه الديمقراطية، والعمل الديمقراطي، وأعتقد أنها مرحلة وفيها عثرات وسنتجاوزها، وسيكون هناك مستقبل جيد، وخطوات البناء بدأنا نحس بها الآن، ونأمل أن نكون مقبلين على مستقبل أفضل من السنوات العشر الماضية». وعن الفوضى التي حدثت في الشارع الكويتي قال «إنها لم تؤثر على أداء الحكومة»، نحن الآن في عنق الزجاجة، وستكون هناك إنجازات تنموية يحس بها المواطن، والكويت الآن في مرحلة شد وجذب بين أطراف سياسية متناحرة فكريا، وهي مرحلة تنتظر صدور حكم المحكمة الدستورية بشأن دستورية مرسوم الصوت الواحد، وتعديل قانون الانتخابات المتوقع صدوره بين شهري أبريل ومايو. وخلص إلى القول «سنحترم رأي القضاء سواء أرضانا أو لم يرضنا.. وقضاؤنا مستقل، وعلى البقية أن يحترموا ذلك».