دخل الإسلام بلاد فارس بسرعة مذهلة أثارت الحفيظة الفارسية , التي تتميز بعقلية معقدة إذ كانوا يستصغرون العرب ويحتقرونهم فكانوا يعتبرون الإسلام استحلالاً , عشرات الملوك من رجال الدولة وأهل الفكر والأديان والشعراء نظروا إلى الإسلام على انه احتلال , لم ينجحوا عسكرياً فبدءوا بتفكيك الإسلام من الداخل حيث نشأت عدة حركات فارسية لهدم الإسلام من الداخل وكان سلاحهم الكذب فالفرس يقدسون الكذب وانعكس هذا على تسعة أعشار الدين لديهم حيث "التقية" , ولعل أخطر الفرق التي قامت في إيران هي الصفوية وهي فكرة فارسية بتغليف ديني شيعي , ضد العروبة والإسلام وضد السنة , والتي تنسب إلى الشاه إسماعيل الصفوي عام 1501م , وكان المذهب في إيران ذلك الوقت هو المذهب السني , إلا أن إسماعيل الصفوي استطاع فرض التشيع في إيران بالقوة حتى ولو لزم الأمر إحراق المنازل بمن فيها وبالفعل نفذ الكثير من ذلك فاضطر الكثير من شعب إيران إلى التحول من المذهب السني إلى المذهب الشيعي وبدأ الصفويون يدبرون المؤامرات ضد الإسلام والمسلمين من ذلك المراسلات التي تمت بين الصفويين والبرتغاليين عام 1501م حيث أرسل إسماعيل الصفوي إلى مانويل الثاني ملك البرتغال الكاثوليكي طالباً منه أن يغزوا مكة ويدمر الكعبة , وقد عانى المسلمون منهم الكثير وكان بينهما صراعات متعددة حتى سقطت دولتهم بعد حكم دام أكثر من 200 سنه وتلاشت بعد ذلك إلا أن الروح الصفوية استمرت لدى غلاه الشيعة في إيران فمنذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979م برزت الصفوية من جديد مما يؤكد للمتابع أن هذه الثورة إنما جاءت لتجديد الصفوية حيث تميزت بالعداء الشديد للعرب والمسلمين , والتمسك بالقومية والنزعة الفارسية واستطاعت أن تصدر طوال الثلاثين سنه الماضية للعالم العربي وبالذات دول الخليج العربي مفاهيم الصفوية , حيث تكونت بالخليج عدت أحزاب صفوية خطره على أمن الخليج , ففي البحرين كان لهذا الحزب أثره على حراك الأحداث الأخيرة وكان خلف كل هذه المؤامرات , كما أن هناك حزب صفوي بالكويت وقد يكون الآن يخطط لثورة جديدة قادمة لما يتميز به من نفوذ إعلامي وقوه اقتصادية وكذلك الحال في قطر والإمارات والقطيف والذين لا نستبعد أن يكون لهم حراك قادم إذا لم نعالج هذا الوضع سريعا لذا يجب أن نحد من خطرهم وأن نعنى بالتحصين الديني والفكري ضد هؤلاء , وفضح مخططاتهم , من هنا نستطيع القول أن الصفوية فكرة فارسية بتغليف ديني استغلته إيران , فإيران تنظر إلى التشيع كحصان طروادة لاختراق صفوفنا فلا يهمهم التشيع بقدر ما يهمهم القومية الفارسية والثأر التاريخي ضد الجزيرة العربية لأن وثيقة الدستور الإيراني قد تحولت من الحكومة الإسلامية لحكومة حربية ولهم إستراتيجية واضحة ويعملون من اجل تحقيقها ومن ابرز نشاطاتهم إيجاد القلاقل التي تؤدي إلى خلخلة التركيبة الاجتماعية واختراق صفوفنا , ثانيا الانفلات الأمني بعد ذلك الانقضاض , فالصفويون يحاولون اختطاف التشيع واختطاف الطائفة الشيعية ووضعها على الأجندة الإيرانية لكي تحقق لإيران غايتها القومية الفارسية , وخطورة إيران أن لديها مفاصل تتحرك بها , ولديها خلايا في دول الخليج وفي العالم العربي , كما أن دول الخليج استضعفت نفسها فتعاملت إيران معها وفق هذا المفهوم , ومما تتميز به إيران أنها تحسن القفز بين الدين والسياسة , كما أن لديها مشروع أمة والذي يقوم على عدة أهداف : 1-على أنها كونية 2-أنها أممية وليست داخلية 3-الخميني يقول الفقهاء هم الموكلون بإقامة هذه الحكومة الكونية (ولاية الفقيه ولاية عامة) الله جعل له نبي في الأرض والنبي جعل له إمام والإمام جعل له خليفة والخليفة الغائب هو الفقيه فالخميني الذي توفي عام 1989م هو من صدر الثورة وولاية الفقيه وأن أرض فارس هي التي تصدر الحضارات والآن تصدر ولاية الفقيه . الإستراتيجية الإيرانية في منطقة الخليج في ضني أن دول الخليج تمر في مرحلة خطيرة جداً وإذا لم نتدارك ذلك فإنها ستغرق كالسفينة في البحر ومن يقرأ كتاب الدكتور محمد جواد الأرجاني وهو مستشار استراتيجي للسيد الخامنئي هذا الرجل وضع تصورات خطيرة مقدمات في الإستراتيجية الوطنية طرح من خلالها أنه لابد أن تتحول إيران إلى أم القرى فكما ذكر القرآن الكريم أم القرى فلابد أن تصبح إيران هي أم القرى لأن فيها ولي أمر المسلمين ولأن المسلمين الشيعة آمنوا به وبايعوه إذا لابد من خطة طريق وهذه الخطة هي التوسع في الجوار وتصبح كلها إيرانية . ثانيا نظرة إيران إلى المشهد العراقي يرى قادة إيران أن المشهد العراقي وتفتيت العراق يجب أن يستنسخ بالخليج فاستنساخ السيناريو العراقي على منطقه الخليج هو ما نصت عليه الخطط الإيرانية شمال العراق عند الموساد وجنوب العراق عند الإيرانيين , وقد نشرت مجلة الدفاع الأمريكية عام 2006م خريطة الدم التي تشير إلى ذلك . ثالثا الجزر الإيرانية في اريتريا يكمن الخطر الإيراني بتواجده في اريتريا حيث يعبر الحوثيون من اريتريا إلى صعده بعد تدريبهم في جزر دهلك الاريترية حيث يوجد في البحر الأحمر 126 جزيرة من جزر دهلك الاريترية 3 جزر استأجرها الحرس الثوري الإيراني و16 جزيرة استأجرتها إسرائيل مراعي للماشية , الخطورة في الأمر أن إيران استخدمت هذه الجزر معسكرات لتدريب الحوثيين اليمنيين , بعد ذلك يعبروا الشاطئ اليمني , حيث يمكثون في الجزيرة عدة أشهر للتدريب على العمل الاستخباراتي العسكري الإيراني , بعدها ينطلق الحوثيون إلى صعده ليشكلون خطراً على أمن المنطقة وخاصة المملكة . كيف نواجه الخطر الإيراني أولاً: يجب أن نعترف أن أبناء الخليج في غفلة من الخطر الإيراني الذي لديه خلايا نائمة وأخرى نشطه على أراضينا فيجب أن يكون هناك توعية وتثقيف الرأي العام بخطورة إيران على أمن الخليج وأن إيران تعبد القوه ولا تعرف غيره لذا لابد أن تخاطب وفق هذا المبدأ . ثانياً : أثبت التاريخ أن إيران لم تخترق المنطقة العربية إلا مع قوة خارجية تدعمها ولم تتحرك أبداً إلا بدعم خارجي وخاصة دول الغرب المسيحية وكتاب بعنوان إيران وعلاقتها الخارجية في العصر الصفوي للدكتور محمد فتحي الريس أشار لعدد من النقاط حيال ذلك . ثالثاً : لابد من إيجاد كونفدرالية خليجية خاصة في النفط والخارجية والدفاع والعملة , وهذا بلا شك يعطي المنطقة قوه ويحميها من أي خطر ويعزز مفهوم التضامن الخليجي لدول مجلس التعاون الخليجي , فالأحداث الأخيرة في البحرين , كان لدرع الجزيرة بعد الله سبحانه وتعالى الفضل في تماسك دول الخليج وصد الخطر الإيراني , والذي أراه لو تأخر ليومين فقط أو ثلاثة لتغيرت خارطة التاريخ لدول مجلس التعاون , ولكن هذا يثمن لقادة المملكة العربية السعودية هذا الموقف الحكيم الشجاع الذي تعامل وفق منظومة خليجية موحده كما هو الحال بالنسبة للإمارات العربية المتحدة التي شاركت في درع الجزيرة وغيرها من دول الخليج , ولعل من إيجابيات ما حدث في البحرين أن أبناء الخليج أدركوا أن هناك خطراً كبيراً يهدد أمنهم واستقرارهم وأدركوا ما يحصل في الدهاليز الإيرانية وعلاقتها مع أمريكا وإسرائيل بالذات , والتي أعلنتها صراحة أنها تضحي بكل شيء من أجل القضاء على العروبة . رابعاً: يجب أن نتعامل مع الثغرات الإستراتيجية الإيرانية , فالإستراتيجية الإيرانية من ميزتها أنها مكشوفة ومن السهل إضعافها , فهناك عدة خلايا نائمة في إيران لو أنها استيقظت لأقلقت قادة إيران . خامساً : العرب الشيعة والذين هضمت حقوقهم وهم يكرهون الفرس يجب أن نحتضنهم فهم قوة قد تقلق إيران . سادساً : القضية الأحوازية , والذين يشكلون أكثر من 8 مليون نسمة وهي خاصرة إيران . سابعاً : معالجة الخاصرة اللينة في الخليج والتي تستغلها إيران وخاصة الكويت , لأن وضعها حرج جداً لأن هناك نفوذ إيراني في الكويت غير مسبوق على المستوى التجاري والإعلامي وغيره فهناك صفحات كويتية غير مقروءة يجب التنبه إليها ومعالجتها وعدم تمكين الفرس من التوغل في المنظومة الكويتية واختراق صفوفه . ثامناً : الشارع الشيعي منقسم على نفسه بسبب النفق الذي اجبر على دخوله وهي ولاية الفقيه , أنظر الصراع بين المرجعية بين قم والنجف , بين شيعة العرب وشيعة الفرس والتي تريد قم أن تفرض نفوذها على الشيعة في كل مكان ويكون لها التبعية انظر كتاب شاه نامه ( ملك الكتب للفردوسي ) . تاسعاً : السنة في إيران : يجب أن يُحرك السنة في إيران والذين لا يوجد لهم مسجد واحد في طهران رغم أن في طهران وحدها أكثر من نصف مليون سني , كما يمنع تولية المناصب لأي شخص لا يعتقد المذهب الإثنا عشري . عاشراً :استغلال الاضطرابات الداخلية في إيران والذي يعيش أكثر من أربعين بالمائة من شعبة تحت خط الفقر . الحادي عشر: معالجة الفجوة بين الشعوب والحكام , ويجب أن يستفيد الحكام من الدروس الماضية وأن هيمنة أمريكا قد انتهت وعليهم أن يعيدوا علاقتهم مع شعوبهم وعلى الشعوب الخليجية أن يلتفوا حول قيادتهم . الثاني عشر: القضية اليمنية وهي عمق بشري خطير والحوثيون يعملون ضدنا. الثالث عشر: لابد أن يكون هناك مراكز تحليل متخصصة لدراسة الإستراتيجية الإيرانية وإعطاء تصورات حيال هذه الإستراتيجية ومتابعتها أول بأول . الرابع عشر : يجب أن تظل المملكة مدداً للسنة في مجال الدعوة والعمل الخيري في كافة أرجاء المعمورة والذي استغل الفرس هذا الفراغ , فالخميني يقول أنه من لم يكن معنا أسقطنا عمامته حتى لو كان من أهل البيت , ويقول في ولاية الفقيه يجب أن تكون في ضميرك وعملك والرد علينا كالرد على الله مباشرة . هذا هوشعارهم في اسيا وافريقيا الخامس عشر : يجب أن نفرق بين الشيعة والفرس أصحاب المرجعيات , فلدينا في الخليج شيعة شرفاء لديهم انتماء لوطنهم وولاه أمرهم وهم يتذمرون من شيعة الفرس ويختلفون معهم في المرجعية والأهداف , كما يختلفون معهم في الولاء . السادس عشر : التركيز الإعلامي على قضايانا وعلى فضح المخططات الإيرانية فقد جندت إيران أكثر من أربعين قناة مؤدلجة كلها تصب في مصلحتها ومناصرة قضاياها وبالمقابل اختلاق الافتراءات والأكاذيب ضد دول الخليج وضد عقيدتنا , بينما نعيش ضعفاً إعلامياً فاضحاً إلا في القليل الذي يبث على استحياء , فلابد من تخصيص برامج ومؤتمرات وندوات عبر وسائل الإعلام المختلفة لفضح تلك المخططات , وأخيراً علينا أن نحترم العلماء بحيث يكونوا قدوه لنا حيال هذه الأزمات ويكونوا المرجعية لنلتف حول قيادتنا والذود عن عقيدتنا ومكتسباتنا بعيدا عن الخلافات التي لا تخدم قضايانا ولا مصالحنا , فالفرس لديهم مرجعية هي التي تحرك المشهد السياسي والديني رغم فسادها وبطلانها . فالمؤسسة الدينية تختلف عن المؤسسة السياسية فرغم ما تعانيه إيران من فقر واضطرابات لدرجة أن 40% من السكان تحت خط الفقر إلا أن المؤسسات الدينية لديها مليارات تسخرها لحوزاتها ومرجعياتها في مختلف دول العالم والذي يأتي تمويلها عن طريق الخمس والذي يؤخذ من أي مواطن في كافة حركاته التجارية حتى من سيارته الذي يشتريها ومن بيته الذي يسكنه , ومن ماله الذي يدخره , مما جعل المرجعيات يسخرون هذه الثروة لنزعتهم الفارسية . ختاماً أسأل الله أن يحمي بلادنا من كل مكروه وأن نعي جيداً الأخطار المحيطة بنا وأن نكون يداً واحدة للوقوف ضد هذا العدو بإيماننا وتلاحمنا وقوتنا . ولمعرفة المزيد الرجوع إلى , كتاب بحار الأنوار للمجلسي , مقدمات في الإستراتيجية الوطنية للدكتور محمد جواد الأرجاني , كتاب شاه نامه للفردوسي , إيران وعلاقتها الخارجية في العصر الصفوي للدكتور محمد فتحي الريس , الدستور الإيراني , الدكتور عادل علي عبد الله باحث في الإستراتيجية الإيرانية , الدكتور عبد الله فهد النفيسي باحث ومفكر كويتي . الدكتور إبراهيم بن حمود المشيقح أستاذ بجامعة القصيم رئيس مجلس أمناء كليات القصيم الأهلية