المبادرة الحوارية التي أطلقها رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب تكاد تعلن وفاتها إن عبر تجاهل النظام السوري لها، أو عبر رفض أعضاء الائتلاف لها جملة وتفصيلا، وهو ما يطرح السؤال حول خلفية ما طرحه الخطيب وتداعيات الفشل عليه في قيادة المعارضة السورية. الطريقة التي تعامل بها النظام السوري مع المبادرة الحوارية التي أطلقها الخطيب إن عبر الإعلام والاستهزاء بها أو عبر وزير المصالحة الوطنية في حكومة النظام والذي طلب من الخطيب أن يقدم لائحة بالمعتقلين لدراستها، تشكل مؤشرا كبيرا على النقاط التي حصدها النظام لصالحه من الخطوة المتسرعة التي قام بها الخطيب. الإعلام السوري الموالي للنظام صور الأمر على أنه هزيمة للمعارضة ومؤشر على يأسها، فيما رد وزير المصالحة جاء كرد وزاري على مطلب مواطن عادي أو بأحسن الأحوال كرد على رئيس جمعية أهلية تقدمت من الدولة بظلامة ما. لائحة المستفيدين من مبادرة الخطيب لا تقتصر على النظام السوري، بل لروسيا وإيران الحظ الأوفر عبر تبرئتهما من الدماء السورية، لا بل التحاور معهما على قاعدة الوسيط العادل لتطول اللائحة فتشمل مجلس الأمن الدولي والدول الغربية والمجتمع الدولي، حيث شكلت المبادرة ستارة للتغطي خلفها وإخفاء العجز والتقصير تجاه الشعب السوري. لم يكن أكثر المتفائلين في العالم يشك للحظة أن النظام السوري سيقبل المبادرة ويدخل بحوار مع الخطيب، فالتجارب السابقة وعبر التاريخ مريرة ومريرة جدا، وبالتالي فالكلام الآن ليس حول حصول الحوار وتفاصيله بل حول أن هذه المبادرة باتت في حد ذاتها أزمة لرئيس الائتلاف المعارض لا بل للمعارضة السورية كلها، فبعد الفشل المرتقب يبقى السؤال: ما هي الخطوة التالية للمعارضة وللخطيب؟ هل مبادرة جديدة؟ أم انكفاء قسري؟ هل ترمم الثقة بين أعضاء الائتلاف ورئيسهم؟ أم يعلن الطلاق فيعود المجلس الوطني وحده دون غيره ممثلا للمعارضة السياسية؟. أسئلة كثيرة تواجه الخطيب وهو ينتظر ردا لن يأتيه من النظام، أسئلة مقلقة لثورة قلقة عبر سياسييها، لكنها واثقة عبر ثوارها وجيشها الحر، فالإجابات قد تكون ولا يمكن أن تكون إلا عبر الميدان في دمشق وإدلب وحماه ودير الزور، هناك فقط قد تصنع المبادرات الناجحة التي لا يجرؤ أحد على الاستهزاء بها أو التعامل معها كبريد يومي في وزارته.